Image

في ظل أسوأ أزمة معيشية تمر بها البلاد.. 300 مليون دولار مقابل رسم خطط وبرامج الإصلاحات وسفر المسؤولين

يعاني اليمن أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية في تاريخه الحديث، نتيجة فشل السياسات والمعالجات الحكومية للتقليل من آثارها، رغم الوعود التي قدمت خلال ما سمي " مشاورات الرياض" في أبريل 2022، ونتج عنها تشكيل مجلس رئاسي وحكومة مناصفة.
 
وذكرت مصادر اقتصادية أن فشل الحكومة في إيجاد معالجات للحد من أزمة تدهور العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، وعجزها على صرف المرتبات بشكل منتظم، تسببت بفقدان المواطن للقدرة على استمرار الحصول على السلع الاستهلاكية اليومية.
 
وضع مأساوي
ووفقا للمصادر، فإن اليمنيين يعيشون وضعا مأساويا، نتيجة تفاقم أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية تشهدها اليمن في تاريخه الحديث، وفشل الحكومة في مجالات عدة، أبرزها عدم الإيفاء بالالتزامات التي قدمتها للسعودية والإمارات للحصول على وديعة مالية قيمتها 3 مليارات دولار، تم الإعلان عنها قبل عام.
وفشلت محاولات الحكومة، ومن خلفها مجلس القيادة الرئاسي، في احتواء الأزمة المستفحلة، وكبح جماح التدهور المستمر للعملة، وانعكاساته الكارثية على الوضع المعيشي لغالبية اليمنيين، كما عجزوا عن إيجاد حلول لمكافحة الفساد في مرافق الدولة ومؤسساتها المالية والارادية، وهو ما اشترطته السعودية والإمارات كي يتم استيعاب الوديعة المالية.
 
اتفاقية نوفمبر 
ورغم توقيع اتفاق مالي في نوفمبر 2022، بين الحكومة اليمنية وصندوق النقد العربي، قيمته مليار دولار، لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي الشامل لليمن، وإرساء مقومات الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي حتى العام 2025، إلا أن الوضع زاد سوءا نتيجة استفحال الفساد الذي يأتي على كل المنح والمساعدات والهبات المالية المقدمة لليمن.
 
ويرى خبراء اقتصاد أن الحكومة اليمنية عمدت، خلال توقيع الاتفاق، إلى وضع أبواب ومجالات عدة سيتم العمل على إصلاحها، من أجل الاستفادة الكبيرة من المبلغ المعتمدة لصالح المسؤولين، حيث تم الكشف عن أهداف المشروع وتشعبه.
 
ووفقا للخبراء، فإن الحكومة أعلنت استخدام المليار دولار في "إعادة بناء المؤسسات المالية وتعزيز حوكمتها وشفافيتها، بُغية تهيئة البيئة الاقتصادية الكلية لتوسيع القاعدة الإنتاجية وتنويعها، وتعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، وخلق فرص العمل"، وكلها مصارف تعود بالفائدة على قيادة الفساد في الحكومة الحالية، دون تحقيق أي تأثير على الوضع المعيشي للمواطن.
 
تضخم حسابات
وكما هو متبع منذ فوضى فبراير 2011، تزداد الحالة الاقتصادية والمعيشية للمواطن سوء، فيما تزداد الحسابات البنكية لقيادة ومسؤولي الفوضى ومن يدور في إطارهم، وجلهم متواجدون خارج البلاد، ويستهلكون كل الموارد والمنح المقدمة لمعالجة الأوضاع المعيشية للمواطن، فيما يبقى الأخير يعاني يوميا بل وكل ساعة في سبيل الحصول على قوت أطفاله.
 
اليوم، فقدت الحكومة مصداقيتها لدى جميع سكان المناطق المحررة، ولدى المجتمعين الإقليمي والدولي، مع استمرار رص كلمات وسردها على هيئة مصطلحات اقتصادية، كالتي يتم تداولها من قبل القائمين على المؤسسات الحكومية، مثل التاكيد على "أهمية تنفيذ إصلاحات اقتصادية، ورفع وحشد الموارد وبناء القدرات في وزارة المالية أو البنك المركزي، إضافة إلى رفع الإيرادات غير النفطية، وهو ما سينعكس على الاقتصاد اليمني".
 
بدل سفر لليمن
ومع استمرار مغادرة المسؤولين في الحكومة والرئاسي إلى الخارج شهريا، وصرف "بدل سفر عند عودتهم إلى اليمن" لممارسة عمليات تصوير أمام كاميرات الاخبارية، لإيهام المجتمع الدولي أنهم متواجدون في الداخل، فيما أسرهم وعائلاتهم في الخارج، تستمر الأزمة الاقتصادية والمعيشية الطاحنة ملقية بثقلها على كاهل المواطن المطحون منذ عقد ونيف من الزمن.
 
وخلال الفترة من أبريل 2022 وفبراير 2023، بلغت تكاليف مرتبات المسؤولين وبدل تنقلاتهم بين اليمن ودول خارجية، فضلا عن بدل سكن ونثريات عائلات المسؤولين في الخارج، من مصاريف دراسة ومعيشة يومية، 300 مليون دولار، وفقا لتسريبات حكومية، ما يعادل المليار والمائة مليون درهم الإماراتي التي تم إيداعها في البنك المركزي في 23 نوفمبر 2022، كدفعة أولى من الوديعة.
 
أخيرا، يظل تصريف الودائع والمنح المالية مستمرا في خلق حياة رفاهية للمسؤولين والمفسبكين التابعين لها والمنتشرين في مختلف دول العالم، فيما يظل المواطن يعاني ويكابد للحصول على قيمة "10" أقراص روتي يوميا، تأمين لقمة جافة لأطفاله وأسرته، وهكذا تكون المعادلة صحيحة، والخطط والمعالجات تنعكس بشكل كبير على الحياة المعيشية لليمنيين (أهلا بكم في يمن فبراير!).