Image

بتجاوزاته للقانون والدستور: الوزير الوالي يعطل العمل في أبرز مؤسسات الخدمة المدنية في اليمن

 يعتبر وزير الخدمة المدنية في أي دولة هو المسؤول الأول عن إنجاح سياسة وعمل الوزارة والمؤسسات والجهات التي يشرف عليها. غير أن هذا العرف الإداري ليس في قاموس وزير الخدمة المدنية والتأمينات في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، عبد الناصر الوالي الذي عطل العمل في عدد من وحدات الخدمة المدنية والمؤسسات والوحدات الإدارية المستقلة الأخرى مثل المعهد الوطني للعلوم الإدارية، والهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والتي يشرف عليهم مجلس أمناء للمعهد ومجلس إدارة لكل من الهيئة والمؤسسة برئاسة وزير الخدمة المدنية والتأمينات، من خلال مخالفته لقوانين الخدمة المدنية والقانون والدستور وتجاوز صلاحياته.

 
مصادر في وزارة الخدمة المدنية والتأمينات في العاصمة المؤقتة عدن قالت ل "المنتصف نت": إن الوزير الوالي همش معظم كوادر الوزارة وفقهاء الإدارة العامة فيها الذين لهم باع طويل في هذا المجال وأحاط نفسه بشلة من العنصريين حد قولها.
 
من أبرز الإشكاليات التي خلفتها سياسة وزير الخدمة المدنية والتأمينات عبد الناصر الوالي، هو تعطيل العمل في كل من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والمعهد الوطني للعلوم الإدارية واللذان يعدان أبرز الجهات والوحدات الإدارية التي تشرف عليها وزارة الخدمة المدنية والتأمينات وفق المصادر.
 
وجاء تعطيل العمل في هاتين الجهتين نتيجة لإصرار الوالي على تجاوز صلاحياته المخصصة له وفق قانون الخدمة المدنية والقيام بتعيين مقربين له بدلا عن مسؤولي الجهتين المعينين بقرارين جمهوريين.
 
تنص الفقرة (3) من المادة (8) من قانون الخدمة المدنية على أن يتولى وزير الخدمة المدنية "ترشيح المؤهلين لشغل الوظائف في الوزارة والوحدات التابعة لها". فيما نصت الفقرة (10) من نفس المادة: "يصدر وزير الخدمة المدنية قرارات التعيين في الوظائف التي تقع ضمن صلاحياته طبقاً للقانون كما يصدر القرارات والأوامر والتعليمات في كل ما يتصل بنشاط الوزارة أو يندرج في إطار اختصاصات الوحدات التابعة لها أو التي يشرف عليها وفقاً لصلاحياته وطبقاً للتشريعات النافذة".
 
يؤكد عميد المعهد الوطني للعلوم الإدارية الدكتور أحمد الشعبي قيام وزير الخدمة المدنية عبد الناصر الوالي بانتهاك الوظيفة العامة وتحديداً التعيينات الصادرة بقرارات من رئيس الجمهورية.
 
وأضاف الدكتور الشعبي: بحكم كون الوالي وزيراً للخدمة المدنية والتأمينات ورئيس مجلس أمناء المعهد الوطني للعلوم الإدارية أصدر قرار تكليف لمدير عام فرع المعهد الوطني للعلوم الإدارية بعدن الدكتور جمال عبد الغفور كقائم بأعمال عميد للمعهد (الديوان العام) بدلا عن عميد المعهد الوطني للعلوم الإدارية الدكتور أحمد الشعبي والمعين بقرار جمهوري من قبل رئيس الجمهورية السابق عبد ربه منصور هادي منذ 2014م.
 
ويوكد الدكتور الشعبي: أنه إزاء هذا القرار تقدم باعتراض للوزير يطالبه بالعدول عن قراره المخالف للدستور والقانون، واختصاصات رئيس مجلس الأمناء كما ورد بالمادة (5) من اللائحة التنظيمية للمعهد رقم (3) لعام 1997م. ولم يعير الوالي أي إهتمام لهذا الإعتراض، وإصراره على إبعاد عميد المعهد المعين بالقرار الجمهوري رقم (124) لعام 2014م. وإزاء تلك الخطوة التي قام بها الوالي لجأ الشعبي للقضاء لأبطال إنقلاب وزير الخدمة المدنية على القانون والدستور وإستغلال نفوذه في الإعتداء على إحدى مؤسسات الدولة التي يفترض به حمايتها وفق القانون. حيث أضطره اللجوء للمحكمة الإدارية الأبتدائية وتقديم طلب مستعجل من أصل دعوى يطالب بالغاء القرار، وفي أول جلسة للمحكمة الإدارية الأبتدائية تم توقيف القرار. ولكن لم ينفذ من قبل الوالي، وتم منع طاقم العمل من مزاولة اختصاصاتهم وطردهم، ومصادرة كل الأثاث والوثائق الخاصة بديوان عام المعهد، وأعتبروها فيد، ولم يفكروا بأن هذا الأثاث والوثائق تتبع وحده من وحدات السلطه المركزيه. ولجا الوالي لرئيس مجلس الوزراء بغرض إصدار تكليف لمدير فرع المعهد بعدن. وتقدم الشعبي بطلب مستعجل من أصل دعوى على رئيس مجلس الوزراء. وبعد عدة جلسات أصدرت المحكمه قرارها بإيقاف قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (24) لعام 2021م؛ كون القرار مخالف للدستور وقانون الخدمة المدينة لأن درجة عميد المعهد بمستوى وظيفي (وزير). ويفترض أن التعيين يتم من قبل رئيس الجمهورية وليس من قبل الوزير أو رئيس الوزراء، حد قوله.
 
ولم يكتفي الوزير الوالي بهذا الإجراء المخالف للقانون والدستور بل إنه قام بفرض الشخص المكلف من قبله بالقوة، وقام بمنع عميد المعهد الدكتور أحمد الشعبي من دخول المعهد. وأن هذا لم يتم فقط مع عميد المعهد الوطني للعلوم الإدارية الدكتور أحمد الشعبي. وتم أيضا لرئيس المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الأستاذ أحمد صالح سيف، حيث تم منعه من دخول المؤسسة، وكلف بدلا عنه الدكتور عبد الله باوزير أحد المحسوبين على الوزير، وكذا تكليف نائب لرئيس المؤسسة الدكتور أكرم الكميتي والذي تربطه قرابة أسرية مع الوالي، ومحسوب على المجلس الإنتقالي الجنوبي. وفق مصادر مطلعة.
 
وبعد رفع عميد المعهد الشعبي دعوى قضائية في المحكمة الإدارية الأبتدائية بعدن ضد كل من وزير الخدمة المدنية والتأمينات ورئيس مجلس الوزراء كلاً على حدة وممارساتهما المخالفة للقانون وتجاوزهما للدستور، وصدر حكم المحكمة بايقاف قرار تكليف الوالي؛ والغاء قرار تكليف رئيس مجلس الوزراء. ولكن للأسف لم ينفذ الحكم لأن الوالي ما يزال يستخدم المسلحين ضد تنفيذ حكم المحكمة.
 
لا يزال العمل في المعهد الوطني للعلوم الإدارية متوقفاً منذ مارس الماضي. بسبب تصرفات الوزير الوالي وإصراره على إستخدام القوة في تنفيذ قراره المخالف للقانون والدستور، وما يزال حتى الآن يرفض حكم المحكمة الإدارية التي اعتبرت ما قام به باطلا.
 
إزاء تعنت وزير الخدمة المدنية عبد الناصر الوالي ورفضه تنفيذ حكم المحكمة الإدارية وإنتهاء المهلة القانونية لاستئناف الحكم، وجهت المحكمة في 16 نوفمبر الماضي لرئيس مجلس الوزراء معين عبد الملك، بتنفيذ الأوامر التنفيذية في الحكم القضائي في الدعوى الإدارية المرفوعة ضد رئيس الوزراء ووزير الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 2021م.
 
وقضى ملخص منطوق الحكم: (1) قبول الدعوى شكلاً وموضوعاً. (2) إلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (24) العام 2021م وكذا قرار وزير الخدمة المدنية والتأمينات رئيس مجلس أمناء المعهد رقم (10) لعام 2021م بخصوص تكليف الدكتور جمال عبد الغفور محمد عوض قائماً بأعمال عميد المعهد الوطني للعلوم الإدارية واعتبار هذه القرارات بحكم المعدمة لمخالفتها لنصوص المادة (119) الفقرة (9) من دستور الجمهورية اليمنية التي نصها التعيين والعزل لكبار موظفي الدولة من المدنيين والعسكريين، تكون بقرار جمهوري. والمادة (30) فقرة (أ) من قانون الخدمة المدنية رقم (19) لعام 1991م التي نصت التعيين في الدرجات الوظيفية العليا (أ و ب) أي وكيل وزارة ووكيل وزارة مساعد تكون بقرار جمهوري بناءً على ترشيح من الوزير المختص وموافقة مجلس الوزراء، وكذا مخالفة لنص المادة (5) الفقرة (5) من اللائحة التنظيمية للمعهد رقم (3) لعام 1997م.
 
فيما نصت المادة (3) من قرار حكم المحكمة باعتبار الدكتور أحمد محمد سيف الشعبي هو عميد المعهد الوطني للعلوم الإدارية بموجب القرار الجمهوري رقم (124) لسنة 2014م ولا يلغى قراره إلا بقرار جمهوري وله كافة الصلاحيات والممارسات والمهام وفقاً لقرار إنشاء المعهد رقم (95) لعام 1991م واللاتحة التنظيمية للمعهد رقم (3) لعام 1997م. وإحالة الدكتور جمال عبد الغفور محمد عوض ومن عرقل وتجاوز قرارات المحكمة والجهات ذات الإختصاص (الخدمة المدنية، والمالية، والبنك المركزي) للنيابة العامة لغرض التحقيق.
 
بعد بطلان قرار وزير الخدمة المدنية عبد الناصر الوالي بقرار المحكمة الإدارية، لجأ وذهب الوزير الوالي لرئيس محكمة الإستئناف بعدن بعد أن انسدت أمامه كل الأبواب، ليقنع رئيس محكمة الاستئناف، بتحرير مذكرة للوزير المالية، بإعتماد توقيعه على الشيكات الخاصة بديوان عام المعهد مخالفين لصلاحياته المنصوص عليها باللائحة الخاصة بالمعهد رقم (3) لعام 1997م وكذا التدخل في إختصاصات وزارة المالية، والتطاول على حكم المحكمة الإدارية وهي بإجراءاتها النهائية القانونية، لكي يسحبون الموازنة الخاصة بالمعهد الموقوفة بالبنك المركزي اليمني من بداية 2022م حتى يومنا هذا، وفق الدكتور الشعبي.