
٢٦ سبتمبر و١٤ أكتوبر: واحدية الثورة وكفاح اليمنيين ضد الحكم الإمامي والاستعمار البريطاني
يتجدد الحديث كل عام عند الاحتفال بثورة ١٤ أكتوبر عن واحدية الثورتين اليمنيتين (٢٦ سبتمبر و١٤ أكتوبر) ودورهما في تحرير اليمن من مخلفات الإمامة في شمال الوطن والاستعمار إلبريطاني في جنوب الوطن.
ويعيد الحديث عن واحدية الثورة اليمنية في شمال اليمن وجنوبه كيف أن اليمنيين وقفوا مع بعضهم البعض في كل الشدائد والمحن التي تعرضوا لها، رغم الصعوبات التي واجهتهم خلال كفاحهم للتخلص من نظام الامامة الذي حكم شمالي الوطن بالحديد والنار، وعاش اليمنيون في ظل هذا النظام البائد في أتون الجهل والفقر والمرض.
في حين عاش اليمنيون في جنوب الوطن تحت حكم الاستعمار البريطاني البغيض الذي سعى إلى تقسيم المقسم إلى كيانات صغيرة ، تسمى مسيرات أو سلطنات، ومارس سياسة "فرق تسد" وأدخل هذه الإمارات والسلطنات في أتون حروب مناطقية مقيتة.
وتجسدت الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن في النضال ضد الإمامة الرجعية في الشمال والاحتلال البريطاني في الجنوب، حيث فجرت ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 1962 ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﻮﻃﻦ. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﺻﻨﻌﺎﺀ بمثابة ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻨﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻓﻲ ﻧﻀﺎﻟﻪ ﺿﺪ ﺍﻻحتلال ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ وتفجير ثورة ١٤ أكتوبر عام ١٩٦٣، والتي أفضت إلى استقلال الشطر الجنوبي من الوطن ورحيل الاستعمار البريطاني لجنوب اليمن في ٣٠ نوفمبر عام ١٩٦٧.
شارك أبناء اليمن الواحد في الانتصار لثورة ٢٦ سبتمبر و١٤ أكتوبر المجيدتين. حيث شارك الكثير من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية في ثورة ٢٦ من سبتمبر عام ١٩٦٢. كما شارك الكثير من الثوار والمناضلين من أبناء المحافظات الشمالية في القتال في صفوف ثورة ١٤ أكتوبر عام ١٩٦٣.
اندلعت ﺛﻮﺭﺓ ١٤ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ بعد عودة الكثير من ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ من أبناء المحافظات الجنوبية ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻡ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ ﺛﻮﺭﺓ ٢٦ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ.
ويشير العديد من الكتاب والمؤرخين إلى أن الثوار العائدين من شمال الوطن ﺭﻓﻀوا ﺗﺴﻠﻴﻢ ﺳﻼﺣﻬﻢ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺗﻌﺮﺿﻬﻢ ﻻﺣﺘﻜﺎﻙ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻊ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻓﻮﺟﺌﻮﺍ ﺑﻀﻢ ﻣﻨﻄﻘﺘﻬﻢ ﺭﺩﻓﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﺭﺓ ﺍﻟﻀﺎﻟﻊ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﻟﻬﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ، ﻓﺎﺗﺨﺬﻭﺍ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺫﺭﻳﻌﺔ ﻟﺮﻓﺾ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺠﺎﺋﺮﺓ ﻭقاموا بإﻋﻼﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ضد الاستعمار البريطاني انطلاقا من جبال ردفان بمحافظة لحج جنوب اليمن.
وفي هذا السياق يشير الكاتب والصحفي الراحل سعيد الجناحي في إحدى مقالاته عن واحدية الثورة اليمنية إلى أن وحدة الهدف وترابط النضال في الثورة اليمنية أدت إلى تحقيق وحدة الثورة اليمنية مشيرا الى جملة الاحداث التي تمت في مواجهة الاستعمار البريطاني وردود الأفعال لدي الجماهير اليمنية التي بدأت تتخذ من الكفاح المسلح والفدائي وسيلة للتحرير والتعبير عن المطالب في جلاء المستعمر من الجنوب، حتى انطلاقة الثورة من ردفان واستشهاد البطل لبوزة بعد مشاركته في الدفاع عن ثورة ٢٦ سبتمبر واتجاهه للعمل الثوري في الجنوب.
يضيف الجناحي: كانت ثورة ٢٦ سبتمبر السند القوي لثورة ١٤ أكتوبر ومدها بالمحاربين والمؤن وغيرها من وسائل الدعم اللامحدود، باعتبار الثورة اليمنية وتحرير الأرض اليمنية أمل كل الجماهير .
وبحسب بعض المؤرخين، فإن انتصار ثورة سبتمبر مثل مؤشراً كبيراً لتحفيز الثوار والمناضلين ضد الاستعمار البريطاني لإشعال شرارة ثورة ١٤ أكتوبر لتحرير جنوب اليمن. ولهذا وقف الاستعمار البريطاني ضد نجاح ثورة سبتمبر، ليقينه بأن صنعاء التي وضعت أول أهداف ثورتها السبتمبرية التخلص من الاستبداد والاستعمار لن تخذل أشقاءها في جنوب الوطن. وهذا ما جعل الاستعمار البريطاني يؤلب على الثورة ويتحالف مع أعدائها، ممثلين بالقوى الإمامية الرجعية، خصوصا بعد انسحاب القوات المصرية عقب نكسة ١٩٦٧.
غير أن اليمنيين قد كانوا عزموا على التخلص من براثن الظلم والاستبداد ليؤكدوا بذلك وحدة اليمن واليمنيين على مر التأريخ.