Image

أسقطت هيلوكبتر وذبحت سجانيها دعرة ... المرأة الفولاذية التي أرعبت المستعمر البريطاني

ما أن تمر علينا ذكرى ثورة 14 من أكتوبر إلا ونتذكر المرأة الفولاذية التي أرعبت المحتل البريطاني بجنوب الوطن كَنَمُوذَج مشرفاً للمرأة اليمنية الباسلة والتي كانت لها مواقف بطولية نادرة منذ الانطلاقة الأولى لشرارة الثورة ضد الاستعمار البريطاني

أنها المناضلة دعرة بنت سعيد

ولدت دعرة في العام 1928م بمنطقة شعب بمديرية ردفان لحج اسمها الحقيقي مريم

تنتمي لأسرة معدمة ولها من الإخوة شقيقان وشقيقتان وكانت هي بكر والديها، وبوفاة والدها في عام 57م كان على دعرة أن تتحمل مسؤولية رعاية أسرة كبيرة ما جعلها تخرج تواجه الحياة الصعبة فعملت في الأرض وتجارة الفحم على أمل أن يساعدها في توفير أدنى مستويات المعيشة لأسرتها.

وفي ظل هذه النشأة الصعبة والواقع المفعم بالمرارة تكونت شخصية هذه المرأة كامرأة ثائرة متمردة ثائرة ضد العدو الجاثم على صدر وطنها.

الحروب التي خاضتها في الوديان وجبال ردفان

بكل قوة وعزم جعلها ضمن ذئاب اليمن الحمر في مقارعة المحتل البريطاني في الجنوب والإمامة في الشمال

دعرة حملت هم اليمن في حياتها إلى مماتها عاشت حياة صعبة تتنقل من جبهة إلى أخرى على امتداد اليمن الكبير بشماله وجنوبه بعد أن باعت نفسها وسنوات ربيع عمرها وزهرة شبابها في سبيل الوطن وجهها لا يعرف المكياج طوال حياتها كأي امرأة لبست ملابس الرجال في ردفان والتي تعتلي الركبة بقليل وارتدت ووضعت في وسطها الخنجر وعلقت على كتفها البندقية

1940م بداية العلاقة الحميمية بين دعرة وسلاحها حينما شاركت في انتفاضة الحمراء خفية عن أبيها الذي ما أن اكتشف شجاعتها ومهارتها في استخدام السلاح وحجتها القوية بضرورة الثورة والمقاومة حتى كان أول الواقفين إلى جوارها والمساندين لها إذ اشترى لها سلاحاً من نوع (فرنساوي) ثم جاءت مشاركتها المشرفة في انتفاضة الحمراء ومشاركتها في انتفاضة عام 1956م التي أسقطت فيها طائرة هيلوكبتر تابعة للقوات البريطانية في الحبيلين وهي الانتفاضة التي اعتقلت على إثرها دعوة من بطولاتها

خرجت دَعْوَة مع مجموعة من الفدائيين ليقوموا بهجوم مفاجئ على مقراش القيادة البريطانية ( الثمير ) ودامت المعركة أكثر من ساعتين قتل خلالها الكثير من الجنود البريطانيين واشتعلت النيران في مخازن الذخيرة وأحرقت مصفحتين وأثناء تأهب الفدائيين للانسحاب أصيبت في ساقها واستمرت في الانسحاب ولكن أصيبت مرة أخرى في ساقها فسقطت البطلة على الأرض ولم تقو على الحركة ثم واصلت وهي جريحة راقدة خلف صخرة إطلاق النار على الإنجليز لتحمي انسحاب الفدائيين ولما نفذ رصاصها حطمت بندقيتها فوق الصخرة حتى لا يأخذها الإنجليز سليمة وأسرت المناضلة ونقلت إلى سجن عدن

وأذاع راديو لندن وعدن أكثر من مرة نبأ القبض على دعوة ”ولصقت منشورات داخل المعسكرات تزف هذا النبأ إلى الجنود والضباط الإنجليز. ونقلت إلى سجن عدن وتعرضت هناك للتعذيب الشنيع.

... لكنها بعد سنة وبعد تحقيقات متواصلة معها لمعرفة الطريقة التي يتبعها الثوار في حرب العصابات ضد الوجود البريطاني والتزامها الصمت

عثرت السلطات على خمسة حراس السجن مذبوحين وزنزانة البطلة خالية منها وعادت البطلة المناضلة إلى جبهة القتال في ردفان توزع الموت على جنوب الاستعمار وعلى أعوانه بعد أن

تمكنت من الفرار بمساعدة زملائها الفدائيين بعد رشوة أحد الحراس الهنود بالسجن تشرفت تعز بالمناضلة "دعوة بنت سعيد الغضب"... صاحبة الرصيد الزاخر بالنضالات المشرفة في جنوب الوطن وشماله وصولاً إلى لواء حجة،

بعد تعافيها صادف وجودها الاحتفال بالعيد الثالث لثورة 26سبتمبر لتقدم أول عرض عسكري وسط ميدان الشهداء بتعز أمام المشير عبد الله السلال حاملة على الجبهة القومية أول راية موحدة للجنوب اليمني

وبعد بفترة قصيرة توالت مشاركاتها الفاعلة في عدد من المواجهات التي شهدتها جبال وشعاب ردفان في فترة ما قبل تفجير الثورة السبتمبرية الأم.

بتفجير ثورة 26سبتمبر كانت دعوة ضمن مجموعة من أبناء ردفان من أوائل الملبين لنداء الدفاع عن الثورة قاطعة بذلك المسافات الطويلة سيراً على الأقدام من ردفان وحتى جبال المحابشة بحجة وفي جبهات المحابشة شاركت دعوة في عدد من المعارك ضد الملكيين وأبرزها معركة بلاد بني هجر كما شاركت في الدفاع عن صنعاء أثناء حصار السبعين حتى انتصار الثورة لتعود بعدها دعوة أكثر حماساً ورغبة في تحرير الجزء الجنوبي من وطنها العزيز على قلبها كثيراً كما كانت تردد دائماً.

ومن اللحظات الأولى لتفجير ثورة 14 أكتوبر كان حضور المناضلة دعرة متميزاً في مقارعة المستعمر خاصة في المعركة الأولى في يوم 14 أكتوبر والتي استشهد فيها شهيد الثورة الأول المناضل الشيخ راجح بن غالب لبوزية ،

كما شاركت في معارك أخرى في وادي بنا وحردبه والربوة والحبيلين والملاح وبله وفي المعركة الأخيرة أصيبت دعوة لكنها لم تتراجع أو تخر عزيمتها بل واصلت القتال.

وكانت بالنسبة للمستعمر مصدر قلق وعدم استقرار وهو ما دفع قيادة الشرق الأوسط البريطانية إلى رصد مبلغ مائة ألف شلن لمن يقبض على دُعره ويسلمها للإنجليز...

عرفت دُعره كمناضلة شجاعة ومقدامة تمتلك القدرة والجسارة على تنفيذ أخطر العمليات الفدائية وهو ما جعل أخبارها تتناقلها وسائل الإعلام المحلية والعربية

كتبت عنها الصحف المصرية عليها عن الحجاب وأرادت ملابس الرجال واتجهت إلى جبال ردفان تقارع المستعمر البريطاني

تلك المرأة ألقت بحجابها جانبا وضحت بأنوثتها من أجل هدف سامي لن ترى بلدها محرر فقد قالت لن أتزوج إلا بعد أن ينال الجنوب الاستقلال

عند سفرها إلى القاهرة كان اسم دُعرة قد سبقها كمناضله صلبة لا تلين حظيت بمقابلة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي كرمها بمنحها رتبة ملازم أول ضمن عدد من زملائها من جبهة التحرير ممن تلقوا التدريب في مصر

ووصفها المستشرق الروسي“ فيتالي ناؤومكين”“ بالذئبة الحمراء ”والمرأة البركان والمرأة الحديدية وقال عنها إنها امرأة لم تعرف الخوف أبدا.

وقال عنها القائد البريطاني“ انجرامس ”بأنها ستظل حالة نادرة لن تتكرر. كذلك المستشرق الروسي ”فيتالي نوؤمكين ”لم يصنفها من ذئاب ردفان الحمر فحسب بل صنفها من ذئاب اليمن الحمر استمر نضال مريم دعرة حتى اندحر الإنجليز عن جنوب اليمن وتوحيد اليمن

ظلت المناضلة دُعرة الأعضب موضع تكريم وطنها وقيادتها حيث منحت وسام الإخلاص ووسام 30 نوفمبر وميدالية حرب التحرير وعدد آخر من الشهادات والميداليات

عشرون عاما على رحيلها وماتزال خالدة في ذاكرة اليمنيين الذي ابكاهم رحيلها

وملهمة للأجيال القادمة كثورية ناضلت من أجل رفعة ووحدة الوطن