Image

ليز تراس مستعدة لاستعراض عضلات لندن دولياً بعد توليها رئاسة الوزراء

وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس على وشك أن تصبح رئيسة الوزراء المقبلة لبريطانيا، وكانت رحلة تراس السياسية متشابكة، فبعد أن كانت ديمقراطية ليبرالية، ثم مناهضة للملكية، وناشطة من أجل تقنين الحشيش، أصبحت موالية لرئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون وفريق البقاء، خلال حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأدى خطاب كارثي عن لحم الخنزير في عام 2014 إلى السخرية منها على نطاق واسع، ولكن الآن الوجه الذي تم تصويره كثيراً ليعكس السياسة الخارجية، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ضمن ما بات يعرف بـ«بريطانيا العالمية»؛ لم يتم اعتماده من قبل صحيفة «ديلي ميل» اليمينية المتشددة فحسب، بل يُنظر إلى تراس من قبل أكثر الراديكاليين تشدداً على أنها نصير لقضيتهم.

وسيكون من السهل ارتكاب أحد الخطأين بشأن المرشحة الأوفر حظاً لرئاسة الوزراء: إما أنها لا تؤمن بأي شيء، أو تصدق كل ما تقوله. ولكن وفقاً لمصادر وستمنستر التي تحدثت إليها فهي مزيج من السياسات أكثر تعقيداً، خصوصاً في ما يتعلق بالجغرافيا السياسية.

كوزيرة للخارجية، تأثرت وجهة نظرها العالمية بشكل عميق بالحرب في أوكرانيا، وستكون تراس مرشح الاستمرارية للسياسة الخارجية التي روج لها رئيس الوزراء المنتهية ولايته بوريس جونسون، وقد دعمت جونسون بقوة عندما تبنى شكلاً من أشكال «استعراض العضلات» تجاه روسيا والصين من خلال إرسال أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا في وقت مبكر، بوضع لندن كأقرب شريك للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وزيادة الإنفاق الدفاعي للمملكة المتحدة، والوقوف إلى جانب هونغ كونغ، كما سعى جونسون إلى تعزيز دور بريطانيا في المحيطين الهندي والهادئ من خلال اتفاقية «أوكوس»، بالشراكة مع الولايات المتحدة وأستراليا، مع البدء في فصل المملكة المتحدة عن بكين في ما يتعلق بالمسائل الحساسة، مثل تقنية الجيل الخامس للهاتف النقال.

وكونها وزيرة للخارجية خلال حرب أوروبية، باتت تراس ترى العالم بشكل مختلف إلى حد ما، مقارنة بجونسون، ولديها رغبة في اتخاذ إجراءات أكبر على المسرح العالمي، وفي المقابل لا تشارك تراس جونسون الرغبة في المخاطرة فحسب، كما يتضح من دعمها إرسال أسلحة ثقيلة في وقت مبكر إلى أوكرانيا، ولكنها تتعدى ذلك، وقد جعلها هذا تحظى بشعبية لدى حكومة زيلينسكي، وفقاً لدبلوماسيين بريطانيين وأوكرانيين تحدثت إليهم، وكثيراً ما تم الترحيب بها على «تويتر» من قبل وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، الذي وصفها بـ«الصديقة». وتريد تراس الآن أن تكون أكثر صرامة.

ويصبح هذا أكثر وضوحاً عندما يتعلق الأمر بالصين، ومع انطلاق حملة قيادة حزب المحافظين، اتهمت تراس منافسها ريشي سوناك بالسعي إلى «البحث عن علاقات اقتصادية أوثق» مع الصين، ما أجبر المستشار السابق على التحول إلى موقف أكثر تشدداً لمواكبة موقف منافسته.

ويتوقع الحلفاء السياسيون في بريطانيا على نطاق واسع، أن تكون تراس أكثر تشدداً بشأن بكين، مقارنة بجونسون الذي كان يأمل أن تستمر العلاقة والحوار الاقتصادي بمعزل عن الجغرافيا السياسية إلى حد ما. ووفقاً للمصادر التي تحدثت إليها فهي ببساطة لا تعتقد أن ذلك ممكن، وتأمل أن تكون أكثر مقاومة لوجهة نظر وزارة الخزانة القائلة بأن بريطانيا لا ينبغي أن تسعى إلى تدمير العلاقات الاقتصادية مع أكبر مُصدر في العالم. وترى تراس العالم في المقام الأول من منظور المنافسة الجيوسياسية، وليس التجارة أو البيئة أو التنمية.

وسيكون هناك تحول ملحوظ عندما يتعلق الأمر بحلفاء بريطانيا أيضاً. وتراس - وفقاً لمطلعين في الحكومة - «أميركية أكثر من الأميركيين»، ومن المنتظر أن تزداد العلاقات مع واشنطن صلابة في كل المجالات تقريباً. وهذا ما حدث مع جونسون، لكن مع اختلاف أنها ستكون أكثر استعداداً للتحدث بصراحة إلى البيت الأبيض، ويشعر المسؤولون في المفوضية الأوروبية بالتشاؤم بشأن المستقبل الآن، بعد أن أصبحت تراس في طريقها إلى «داونينغ ستريت»، مشيرين إلى موقفها بشأن العلاقات مع الكتلة، خصوصاً في ما يتعلق ببروتوكول أيرلندا الشمالية المثير للجدل.

لقد أزعج هذا الأمر العديد من المسؤولين في بروكسل، وأضر بثقتها لديهم بشدة، لكن حماسها يتوقف عند هذا الحد في الوقت الحالي. وفي ما يتعلق بالفكرة الفرنسية الحديثة على سبيل المثال، والتي لم يتم شرحها بشكل جيد، والمتعلقة بـ«المجتمع السياسي الأوروبي»، فقد كان جونسون مؤيداً تماماً لفكرة وجود «هيكل فضفاض» وغير ملزم للدول الأوروبية، بما في ذلك أوكرانيا، التي سيكون لها حق الوصول إلى قمم ومؤسسات الاتحاد الأوروبي والتعاون في مجالات الأمن والجغرافيا الاقتصادية والدفاع، بينما ترفض تراس الفكرة، وفقاً لمسؤولين فرنسيين وبريطانيين. وهي لا تريد إجراء المزيد من المناقشات في شكل يركز على الاتحاد الأوروبي من دون الولايات المتحدة.

ووجهة نظرها، التي تبرزها وزارة الخارجية البريطانية بشكل متزايد، هي أن ما تفتقده القارة في السنوات الأخيرة، عندما يتعلق الأمر بالأمن الأوروبي، ليس هياكل استشارية مع الاتحاد الأوروبي بشأن الشؤون الخارجية، بل الأموال وإظهار القوة في الأزمات الفعلية.