بين الوطنية و الولاء

11:13 2022/08/10

الوطنية ليست خطابات رنانة وقصائد وهتافات تُلقى في المنابر والميادين. 
الوطنية ليست كلمات منمقة تكتب على اليافطات.
الوطنية ليست الوصول إلى المراكز القيادية في الدولة واقتناص مقدرات وخيرات الوطن.
الوطنية ليست الصراع المسلح من أجل الوصول إلى السلطة على بحار من دماء الأبرياء من أبناء الوطن.
الوطنية ليست الاقتتال من أجل سلطة أو حزب أو مذهب أو هدم كل شي في سبيل قناعة دينية أو فكرية أو طائفية. 
الوطنية تعني وطنا بحدوده، بجباله وسهوله، بمدنه وقراه، بصحاريه وبحاره وجزره.
الوطنية إحساس معنوي عاطفي يربطنا بالأرض والمكان، باللغة والعقيدة والثقافة والتاريخ.
 الوطنية في لسان العرب هي المنزل وهي موطن الإنسان ومحله ومكان عزه وفخره، ومكان مولده ونشأته. 
الوطنية هي أن تحب بلدك وتدافع عنه بكل ما تملك من قوة، وأن تساهم في البناء بدون مقابل. الوطنية معناها أداء الواجب بدون تخاذل (حب الوطن من الإيمان).
أما الولاء فهو تأكيد الانتماء وتعميق الارتباط بكل ما يرمز إليه الوطن من قيم ومُثل ومبادئ وخصوصيات وقوانين وأمجاد تاريخية، وهو كذلك الإخلاص في خدمة الوطن وسلامته من كل الأضرار والمخاطر التي يمكن أن تمس به مادياً ومعنوياً.
والولاء للوطن هو ولاء مطلق بلا حدود، ولا يقبل الازدواجية، لأن الولاء لا يتجزأ. ومن كان له ولاء مزدوج فهو كمن لا ولاء له. وبهذا يكون فاقدا لأهم شروط المواطنة وقيم الوطنية. 
والولاء للوطن يجب ألا يكون معه شيء يسبق الوطن في القيمة والاعتبار مهما تكن الدواعي والأسباب والمبررات والضرورات، لأن الوطن فوق كل الاعتبارات والمعايير والحسابات.
وبناءً على ما سبق، يعتبر الولاء هو الارتباط العقلي والوجداني بالوطن إلى أبعد الحدود، وأن يكون هذا الارتباط الركيزة التي يقوم عليها الارتباط القانوني والدستوري.
كما أن الولاء الكامل والمطلق للوطن نابع من الإيمان الذي يغمر القلب بالوطن ومن الاخلاص في القول والعمل، في خدمة المصالح العليا للوطن التي هي في جميع الأحوال سلامة الوطن وصون سيادته وحمايته والحفاظ على كرامته. 
إذن فالولاء الوطني هو جمع الوطنية والمواطنة معاً، وهو جوهر الانتماء الذي يكسب المرء الشخصية والهوية الوطنيتين. 
وفي الأخير، أعترف -وللأسف- أن حب الوطن والولاء والإحساس بالانتماء قد تراجع في أرض السعيدة، يمن الإيمان والحكمة، عند البعض. فالخلل الذي وقع بمجتمعنا إدى إلى التفريط ببعض الثوابت الوطنية. والحرب التي تقودها مليشيات مسلحة تتصارع فيما بينها أدت إلى تعميق الجرح وزيادة نزيف الدماء، ناهيك عن تمزيقها للنسيج الاجتماعي اليمني. كل هذا وذاك على وطن أصبح اليوم ضحية للخيانة والبيع بشكل علني وتحت مسميات عقيمة. للأسف من يقومون بهذا يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. 
اللهم احفظ اليمن وقنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم احفظنا وحبب أوطاننا إلينا واهدهم جميعا يا رب العالمين، اللهم أدم علينا الأمن والأمان، اللهم آمين.