Image

محللة سياسية: رغم الحظر الدولي فإن التهديد الكوري الشمالي يتزايد

رغم قرار مجلس الأمن الدولي الذي فرض منذ سنوات حظراً على إجراء كوريا الشمالية تجارب صواريخ باليستية، فإنها واصلت تطوير برامجها النووية والصاروخية في عام 2021، وفق ما ورد في تقرير جديد للأمم المتحدة. وقالت الكاتبة الصحافية والمحامية والمحللة السياسية، جوديث بيرغمان، في تحليل نشره معهد «جيتستون» الأميركي، إن كوريا الشمالية أطلقت، في يناير فقط، عدداً قياسياً من الصواريخ، بلغ 11 صاروخاً، من بينها صاروخان من الصواريخ الفرط صوتية، وأول إطلاق منذ عام 2017 لصاروخ باليستي متنقل، متوسط المدى، طراز «هواسونغ-12»، يمكنه الوصول إلى الأراضي الأميركية، إذ يبلغ مداه التقريبي 4500 كيلومتر. وفي عام 2017، اختبرت كوريا الشمالية صاروخ «هواسونغ-15»، الذي يبلغ مداه التقريبي من 8500 إلى 13 ألف كيلومتر.

وقد أعرب مسؤولو الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية عن قلقهم، كما أن اختبار الصاروخ «هواسونغ-12» أوضح أن كوريا الشمالية ستستأنف اختبار الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والأسلحة النووية.

وإضافة إلى ذلك، تردّد أن كوريا الشمالية تمتلك قاعدة تحت الأرض، يتم استخدامها للاحتفاظ بالصواريخ الباليستية العابرة للقارات، على بُعد 25 كيلومتراً فقط، من الحدود مع الصين. ووفقاً لمحللين من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإنه تم اختيار الموقع لردع أي هجمات استباقية من جانب الولايات المتحدة ضد القاعدة، لتجنب استفزاز بكين.

وقال فيكتور شا، وهو خبير بشؤون كوريا الشمالية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن «الموقع بالقرب من الحدود الصينية يمثل رادعاً محتملاً لأي هجوم استباقي قد يمس الإمكانات الأمنية الصينية الأساسية».

وقالت وزارة الخارجية الكورية الشمالية، في بيان لها: «في عالم اليوم الذي تبدد فيه كثير من الدول وقتها في التعامل مع الولايات المتحدة، وهي في حالة خضوع واستسلام وطاعة عمياء، هناك دولتنا فقط على كوكب الأرض التي بوسعها أن تهز العالم بإطلاق صاروخ يمكن أن يصل مداه إلى الأراضي الأميركية.. وهناك أكثر من 200 دولة في العالم، لكن القليل منها يمتلك قنبلة هيدروجينية، وصواريخ باليستية وصواريخ فرط صوتية». وقالت بيونغ يانغ، في الماضي، إن الصاروخ «هواسونغ-12» يمكنه حمل رأس حربي ثقيل كبير الحجم.

من ناحية أخرى، وصفت ثماني دول أعضاء في مجلس الأمن هي: الولايات المتحدة، ألبانيا، البرازيل، فرنسا، إيرلندا، النرويج، الإمارات، وبريطانيا - واليابان، إطلاق الصاروخ «هواسونغ-12» بأنه «تصعيد كبير، يسعى إلى زيادة زعزعة استقرار المنطقة».

كما حثت الصين على «المرونة» بالنسبة لكوريا الشمالية. وقال مندوب الصين لدى الأمم المتحدة، تشانغ جون: «يتعيّن عليهم اتباع أساليب أكثر جاذبية، وعملية، وأكثر مرونة، وسياسات وتصرفات في التعامل مع المخاوف من جانب كوريا الشمالية». وأضاف: «إن المفتاح الأساسي لحل هذه القضية يكمن بالفعل في أيدي الولايات المتحدة».

وتقول بيرغمان: «إنه يبدو أن حث الصين على أن تكون هناك (مرونة) في ما يتعلق بكوريا الشمالية يتوافق مع طموحات الحزب الشيوعي الصيني في المنطقة. وحتى من المحتمل أن تكون تصرفات كوريا الشمالية الأخيرة قد تمت بتشجيع من الصين».

وكتب الخبير بشؤون الصين، جوردون تشانغ: «إن الصين، عموماً، تمارس نفوذاً كبيراً على عائلة كيم الحاكمة في كوريا الشمالية ويمكنها، كأمر عملي، أن تطلب من الكوريين الشماليين عمل ما تريده».

ووفقاً لبعض المحللين، فقد كان للصين دور فاعل في تحقيق برنامج الأسلحة النووية الكوري الشمالي. ويقول مدير دراسات الرادع الاستراتيجي بمعهد ميتشيل للدراسات الفضائية الجوية، بيتر هوسي، إن «البرنامج النووي الكوري الشمالي بدأ عام 1965 ببناء السوفييت لمفاعل نووي بقدرة خمسة ميغاواط؛ ولكن المساعدات الصينية والباكستانية هي التي مكّنت كوريا الشمالية من البدء في تشييد مفاعل بقدرة 50 ميغاواط في يونجبيون، ومنشأة معالجة سرية، في منتصف ثمانينات القرن الماضي».

وأوضح هوسي أنه «وفقاً لتقارير مخابراتية تم الكشف عنها للكونغرس، هناك خمسة بنوك رئيسة وشركة قابضة، تم إنشاؤها خصيصاً تموّل برامج كوريا الشمالية الخاصة بالتكنولوجيا الصاروخية والنووية».

وتشير بيرغمان إلى أن القلق الاستراتيجي لدى الصين، في ما يتعلق بشبه الجزيرة الكورية، يبدو أنه يتعلق بإنهاء الوجود الأميركي هناك، وإبعادها عن أيدي الولايات المتحدة، حتى يمكن للصين أن ترسّخ نفسها في نهاية المطاف، باعتبارها الدولة المهيمنة على المنطقة. ويوجد حاليا نحو 28 ألفاً و500 جندي أميركي في كوريا الجنوبية. وهو ثالت أكبر وجود في الخارج بالنسبة للولايات المتحدة بعد اليابان وألمانيا.

ومن شأن التصعيد الكوري الشمالي، في شكل تجارب صواريخ متزايدة واستئناف للصواريخ الباليستية العابرة للقارات والتجارب النووية للضغط على الولايات المتحدة لتقديم تنازلات، أن يصب مباشرة في مصلحة الصين، ما يمكنها من أن تحل محل الولايات المتحدة وترسّخ نفسها باعتبارها القوة الرئيسة في المنطقة.

وأوضح ماركوس غارلاوسكاس، وهو أحد كبار الزملاء غير المقيمين بمركز «سكوكروفت» للاستراتيجية والأمن التابع للمجلس الأطلسي، الذي خدم طوال نحو 20 عاماً في الحكومة الأميركية، وكانت مهمته التعامل مع كل ما يتعلق بكوريا الشمالية، أنه إذا كانت إدارة الرئيس جو بايدن تريد حسم التهديد الكوري الشمالي المتزايد، سيتعيّن عليها البدء في التصرف بصورة مختلفة. وسيتعيّن عليها التخلي عن استراتيجية كوريا الشمالية الأساسية نفسها التي تستخدمها الولايات المتحدة منذ عقدين من الزمان.

وأضاف أن «هذه الاستراتيجية تركز على تحقيق قرار استراتيجي من بيونغ يانغ، للتفاوض بشأن وضع نهاية لبرنامجها الخاص بالأسلحة النووية، وفي ما يتعلق بتعاون بكين في تحقيق النفوذ الاقتصادي الضروري». ويبدو أنه ليس لدى الصين اهتمام بالتعاون مع الولايات المتحدة بشأن كوريا الشمالية.

وأكدت بيرغمان أن أي استراتيجية أميركية جديدة يجب أن تعترف تماماً بدور الصين كدولة داعمة لكوريا الشمالية لتحقيق الأغراض الاستراتيجية للحزب الشيوعي الصيني في المنطقة. ومن الواضح أنه لا يمكن الاعتماد على الصين لاستخدام نفوذها طواعية لاقناع الزعيم الكوري بالتخلي عن برنامجه الصاروخي والنووي.

ولحسم هذا الأمر، من الضروري أن تستخدم الولايات المتحدة وسائل لا تترك للصين خياراً سوى التعاون بشأن كوريا الشمالية. وقال جودون تشانغ، الخبير بالشؤون الصينية، إن «أحد السُبل الفاعلة للغاية هي عزل البنوك والشركات الصينية الكبيرة، التي تدعم التكنولوجيا الصاروخية والنووية لكوريا الشمالية عن النظام المالي العالمي، بتصنيفها بأنها تبعث على القلق في مجال غسل الأموال، وفق القسم 311 من قانون (باتريوت)».

واختتمت بيرغمان تحليلها بالقول إن صنّاع السياسة الأميركيين يعرفون كيف يجعلون الصين تبدأ في التصرف بمسؤولية. والسؤال الآن هو هل ستكون لدى إدارة بايدن الإرادة السياسية لإخضاع تلك البنوك الصينية الكبيرة للتصنيف وفق القسم قانون (باتريوت)؟

 تردّد أن كوريا الشمالية تمتلك قاعدة تحت الأرض يتم استخدامها للاحتفاظ بالصواريخ الباليستية العابرة للقارات، على بُعد 25 كيلومتراً فقط من الحدود مع الصين.