ما الذي يريده الحوثيون من التعليم؟!

10:50 2022/07/29

قبل سنوات قاموا بتحويل أسوار المدارس الحكومية إلى دكاكين تجارية بمبرر دفع رواتب المعلمين، لكنهم لم يدفعوا شيئًا. واليوم يبررون رفع رسوم تسجيل الطلاب والطالبات بالمدارس الحكومية بذات المبرر المبتذل، مع أنهم يستطيعون تغطية نفقات العملية التعليمية بأكملها، مع رواتب المعلمين وكتب الطلاب وبقية احتياجات التربية والتعليم، بخمسة في المائة فقط من الضرائب التي يصادرونها، أو بمستحقات جبهة واحدة من جبهاتهم، مع افتراض أن جبهات الحرب واقفة، ولكن الحكاية برمتها تدور حول عملية متكاملة من الإجراءات الهادفة لتنفير الناس من المدارس الحكومية صوب المدارس الخاصة، المدارس التي تقبض مئات الآلاف عن الطالب الواحد، لتشتري الكتب المدرسية من الوزارة الحكومية، وتدفع عن كل طالب مئات الآلاف أيضًا، لتصير الوزارة بغايتها المهمة إيرادية من الدرجة الأولى، وهي الغاية الرابحة جدًا جدًا. 
 
ومن الناحية المقابلة، المبالغة في مستحقات التعليم الحكومي، بلا تعليم حقيقي عامل مساعد للتنفير أيضًا. وبهذا يكون الناس أمام خيارين: مدارس خاصة أو ترك التعليم من أساسه؛ وهو ما يحدث بالفعل، فعشرات الآلاف من الطلاب يتركون التعليم ويلتحقون بالحرب أو بالأعمال أو بالهجرة، كضرورة وجودية أرغمتهم عليها المعطيات السابقة. أما الذوات وأبناؤهم فالتعليم الأهلي خيارهم المقدور عليه حتى ولو دفعوا من أموالهم الملايين، لأنهم في الحقيقة يدركون أهمية التعليم ونتائجه وضرورياته، بينما الفقراء وأبناؤهم مرغمون على الحرب والعمل أو الموت والمغادرة.  
 
إن العملية التعليمية برمتها تحصيل أموال، وتخلٍّ عن المسؤولية، وتجييش باتجاه التجنيد، وانتهازية فئوية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى تجارة ومتاجرة وأرباح ومصالح سلطوية ومادية، على حساب الشعب ومستقبله وأبنائه، فالأجيال الذين لا يتعلمون يرضخون للواقع ويصيرون مجرد كائنات مهيأة للحرب والقتال أو للعمل والإرغام، فالفقر مع الوعي والتعليم لا يبقى ولا يدوم، لكنه مع الجهل والتجهيل يبقى ويطول. هذه العملية التفخيخية ستتكفل برسم كل ملامحنا القادمة، ملامح الجهل والمجهول والظلام المتراكم، عن شباب تعرضوا للإقصاء والاستغلال والتجييش، في مقابل شباب آخرين استفادوا من المتغيرات وحققوا أمجادهم التعليمية والتخصصية.
 
 
نقلا من صفحة الكاتب بالفيس بوك