الحوثيون والتعلّق بأستار الهدنة

04:38 2022/06/12

كل ما يحدث من تحركات على سطح هذا الصراع المزمن ليس أكثر من دبلوماسية دولية وأممية رومانسية ناعمة تمنح الحوثي شعورا مضاعفا بأنه الطرف المدلل القادر على ابتزاز المجتمع الدولي.

التعاطي الأممي والدولي مع الملف اليمني يفضي في نهاية المطاف إلى ترحيل أسباب وتعقيدات الأزمنة اليمنية المتشابكة، ويؤجل صراعا محتوما لم يتم إطفاء جذوته

وعلى هذا المنوال يمكن تفسير تمديد الهدنة لشهرين إضافيين مؤخرا والرهان الدولي على تحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار، على الرغم من أن أبسط تقييم لواقع تنفيذ بنود هذه الهدنة يشي بأنها لم تنفذ إلا من طرف واحد هو الحكومة الشرعية، في مقابل رفض حوثي كامل لتنفيذ أيّ من بنود الشق الإنساني والعسكري فيها، وفي مقدمة ذلك ملف رفع الحصار عن مدينة تعز وفتح الطرقات المغلقة وهي إحدى أبرز نقاط الخلاف التي تهدد بنسف الهدنة.

وما يثير اليوم استفزاز الشارع اليمني المناهض للانقلاب في اليمن ويجعله يتساءل عن جدوى مثل هكذا “هدنة”، هو الوقاحة التي يبديها الحوثيون في التعامل الانتقائي معها، كما هو حال كل الاتفاقات السابقة، بما في ذلك اتفاق ستوكهولم، حيث يحصي الحوثيون أنفاس الهدنة الأممية الهشة كل يوم، ويحصون معها عدد الرحلات المتبقية لهم من الهدنة السابقة، وعدد سفن المشتقات النفطية التي تأخرت قليلا قبل دخول ميناء الحديدة؛ في الوقت الذي لم ينفذوا شيئا يذكر من التزاماتهم تجاه هذه الهدنة التي يتعلقون بأستارها، وتشير التقارير إلى أنهم يسعون لتحويلها إلى غطاء لإعادة نشر قواتهم العسكرية وشق المزيد من الطرق الفرعية ذات الأغراض العسكرية حول مدينة تعز التي كان يفترض بهم فتح الطرقات الموصدة إليها منذ العام 2015، إضافة إلى تجديد وتنويع مصادر تمويلهم والمضي قدما في خطة العبث بالهوية الثقافية والتحشيد العقائدي.

والخلاصة في كل ما سبق، هي أن التعاطي الأممي والدولي مع الملف اليمني يفضي في نهاية المطاف إلى ترحيل أسباب وتعقيدات الأزمنة اليمنية المتشابكة، ويؤجل صراعا محتوما لم يتم إطفاء جذوته، أو معالجة جذوره، بينما كل ما يحدث من تحركات على سطح هذا الصراع المزمن ليس أكثر من دبلوماسية دولية وأممية رومانسية ناعمة، تمنح الحوثي شعورا مضاعفا بأنه الطرف المدلل القادر على ابتزاز المجتمع الدولي وانتزاع العديد من المكاسب غير المستحقة وهو ما يدفعه بالتالي لرفع سقف مطالبه وإبداء المزيد من التعنت في وجه أيّ جهود دولية للسلام الضائع في اليمن.