نحتفل بيمنيتناوهويتنا وكينونتنا

11:24 2022/05/23

وجوه شاحبة، وبطون خاوية، وأبصار تبحث في الأفق علها تجد بصيص أمل ينهي معاناة شعب أنهكته الحرب، وانقطعت سبل العيش بالكثير منهم، وحسرة ترتسم على وجوههم وهم يحتفون بالذكرى الاثنان والثلاثون على إعادة الوحدة اليمنية المجيدة.
مظاهر احتفائية إلكترونية مبهجة تملأ منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي، يحاول من خلالها اليمنيون التمسك بآخر شيء يذكرهم بيمنيتهم وبلحمتهم الوطنية التي أفرغت من كل دلالاتها ومعانيها، ورحيل صانعها الذي عجزت الأطراف عن نسبها لغيره، أو حتى ذكرها دون أن يقترن اسمه بها.
نحتفل اليوم بذكرى إعادة الوحدة وعشرات التصنيفات تمزق نسيجنا الاجتماعي اليمني، حوثي، مرتزق، شرعية، داعشي، قاعدة، هاشمي، أقيال، صعدي، أبيني، تعز، شبواني، حضرمي، حديدي، ناصبي، رافضي، شيعي، زيدي، سني، صوفي، مسلم، يهودي، مسيحي، بهائي، ملحد، لا ديني، تقدمي، رجعي، مؤتمري، إصلاحي، اشتراكي، ناصري، وغيرها من التصنيفات التي لا صوت يسمع غيرها، بل واستحضرنا التاريخ لتأصيل ذلك التمزق وترسيخ قيم التشظي والتمزق والكراهية.
اليوم نحتفل بإعادة الوحدة المباركة التي أذابت كل مظاهر العنصرية والتفرقة والتمييز، وقلوبنا مشحونة بالغل والحقد والكراهية تجاه كل من يخالفنا الرأي أو المعتقد أو العرق، والكثير من العصبيات التي يمقتها الجميع لكنه يتمترس خلفها ليستطيع العيش في يمن اليوم.
نحتفل بالوحدة والكثير من المناطق اليمنية تفتقر كليا لأدنى الخدمات الأساسية للحياة كالكهرباء والمياه والصرف الصحي والصحة والتعليم السليم والطرقات، وغيرها.
نحتفل اليوم، واليمن يشهد أعلى نسبة معدلات للانتحار والقتل والجرائم، والطلاق، والمروق والعقوق، والتمزق الأسري.
نحتفل بذكرى توحدنا، وآلاف اليتامى والثكالى يعانون الوحدة أيضا، بل ويعانون العوز والحاجة والكثير من الألم والحسرة بعد أن فقدوا من يحيلهم .
نحتفل اليوم ليس للاحتفاء ورمزيته ومنجزاته ونتائجه، بل إننا نحتفل يا سادة تمسكا بآخر شيء يذكرنا بيمنيتنا وهويتنا وكينونتنا التي تأبى أن تموت فينا.