من خليفة إلى محمد.. الإمارات بخير

03:41 2022/05/15

في كل بلدان العالم حينما تنتقل دفة القيادة من قائد أو زعيم إلى قائد أو رئيس آخر، تحبس الأنفاس وتتعالى الدعوات إلى الله أن تعبر الأوطان بسلام على جسر الأمن والسلام، إلا في دولة الامارات العربية الغالية على قلوب الجميع، فهي حقا واحة أمن وسلام واستقرار ينبع من نفوس وطيبة وأريحية أهل هذه البلاد التي جبلت على التآزر والمحبة والحكمة منذ وضع قواعد تاسيسها الراحل الكبير طيب الله ثراه رجل الخير والعطاء، الشيخ زايد بن سلطان، بأنها دولة خير وحب وتسامح وتراحم بين أبنائها.
ذهب الشيخ خليفة بن زايد إلى عفو ربه محمودا من شعبه على ما قدمه من عطاء وإسهام في ترسيخ بنية الدولة وتعزيز أواصر الاتحاد ووضع أسس مرحلة التمكين.                    
واليوم تسلم الراية لفارس مغوار تربى في بيت الحكم وتشرب تقاليد ولاية العهد وحافظ على الأمانة رغم كل إغراء السلطة، لكنه تجنب السير خلف مغانمها وصولجانها. وعلى الرغم من مرض أخيه الحاكم خليفة رحمه الله لسنوات طوال، بقي عضيدا له ويؤدي دوره تحت اسمه وشرعيته وصان قيم زايد في الرجولة والوفاء والعطاء ولم يتنطع لشهوة السلطة، بل بقي يسهر ويسهم في بناء الدولة وصيانة منجزات الوطن وبناء قوته ورعاية أشقائه بروح المودة والأخوة المخلصة لخدمة الوطن، حتى ولو كان ذلك بروتوكوليا من المركز الثالث في تراتيبية دولة الإمارات. هذه هي أخلاق الفرسان التي جسدها الشيخ محمد بن زايد، ونال بها احترام واعتزاز البعيد قبل القريب.
 
نحن في هذه البلاد التي أقمنا بها سنوات طوال لا تشعر أن هناك فرقا بين المواطن والمقيم، فالقانون يطبق على الجميع بلا استثناء، والخدمات تقدم للجميع على حد السواء إلا ما يترتب على استحقاق المواطنة.  
مع محمد بن زايد ستبدأ مرحلة التجديد والتطوير والمشاريع الكبرى، فالرجل عرف بقوة عزيمته وصلابة شكيمته وعلو همته، ولا يلين أمام الصعاب أو ينكسر لان الله وضع فيه سمات القيادة والمهابة من أجل شعبه وأمته. محمد بن زايد نتاج ممارسة القيادة لثلاثة عقود من الزمن بقرب والده المؤسس وأخيه الرئيس، خبر شؤون الدولة وامتلك باقتدار مفاتيح النجاح في العلاقات الدولية فأرسى دعائم صداقة مع كل القوى الدولية المؤثرة لخدمة شعبه وحماية وطنه من عواصف المخاطر التي تهب على جغرافية المنطقة. وبهذا حصد ترحيبا عربيا ودوليا بتسنمه دفة القيادة.  وليس أدل على ذلك من إرسال رئيس الولايات المتحدة الأمريكية نائبته على رأس وفد يضم وزيري الدفاع والخارجية ومدير المخابرات، ووصول الرئيس الفرنسي ماكرون، وبرقيات التهنئة من قادة العالم شرقه وغربه إلا دلالة على المكانة المرموقة للإمارات على الساحة الدولية. 
عزاؤنا لأهلنا في الإمارات بوفاة رجل من أعز الرجال وأكرمهم، ومبارك عهد محمد بن زايد، ولن يكون إلا خيرا وبركة وعزا لدولة الإمارات العربية المتحدة وللأمة العربية التي أحبها وأحبته. نعم.. تبقى الإمارات بلاد الخير والعطاء والتسامح.        
 
 
  * كاتب وأكاديمي من العراق، أستاذ القانون والنظم السياسية في جامعة الأخوين في افران المغربية.