Image

وسط تعنت وابتزاز ومراوغة الحوثيين.. فعالية أممية لجمع تبرعات لمواجهة كارثة صافر

بدأت، اليوم الأربعاء، في مدينة "لاهاي" الهولندية، فعالية تنظمها الأمم المتحدة مع حكومة هولندا، بهدف جمع تبرعات دولية لدعم خطة التصدي لخطر خزان صافر النفطي في البحر الأحمر.
وقال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، خلال المؤتمر الصحفي، إن الخطة التشغيلية تحظى بالدعم اللازم من أطراف النزاع وأصحاب المصلحة الرئيسيين، وتتضمن تركيب سفينة بديلة أو سعة معادِلة وعملية طارئة لمدة أربعة أشهر لنقل النفط إلى سفينة مؤقتة آمنة قبل فوات الأوان.
ووفقاً فرحان، تبلغ ميزانية الخطة ذات المسارين 144 مليون دولار، بما في ذلك 80 مليون دولار مطلوبة بشكل عاجل لعملية الطوارئ التي تستغرق أربعة أشهر.
واضاف: "نحن بحاجة إلى التزام المانحين بالأموال على وجه السرعة قبل فوات الأوان، وعلى العالم أن يتحرك الآن، وإلا فإن خطر القنبلة الموقوتة سيستمر",
ويعد ملف خزان صافر أحد أهم الملفات الخطيرة التي تهدد الحياة البيئية في البحر الأحمر، في حال تسرب مليون برميل من النفط من الخزان المتهالك، والذي تتخذه المليشيات الحوثية ورقة مساومة وابتزازا للمجتمع الدولي ودول المنطقة.
 
خطة الأمم المتحدة
وتتألف الخطة التي أعدّتها الأمم المتحدة من مسارين: الأول، تركيب سفينة بديلة على المدى الطويل للخزان العائم صافر خلال فترة مستهدفة تمتد لـ 18 شهرا.
فيما المسار الثاني يتمثل في تنفيذ عملية طارئة لمدة أربعة أشهر من قبل شركة إنقاذ بحري عالمية من أجل القضاء على التهديد المباشر من نقل النفط من على متن ناقلة صافر إلى سفينة مؤقتة آمنة. وستبقى الناقلتان في مكانهما حتى يتم نقل النفط إلى الناقلة البديلة الدائمة، وعندئذ سيتم سحب ناقلة صافر إلى ساحة ويتم بيعها لإعادة تدويرها.
وظلت الأمم المتحدة تحذر من أنه في حال حدوث انسكاب نفطي، فإن ذلك من شأنه أن يطلق العنان لكارثة بيئية وإنسانية ضخمة في بلد دمرته الحرب لأكثر من 7 سنوات.
وتم تشييد خزان صافر في عام 1976 كناقلة عملاقة، وتحويلها بعد عقد من الزمن إلى منشأة تخزين وتفريغ عائمة للنفط.
وترسو الناقلة صافر على بُعد حوالي 4.8 ميلا بحريا قبالة ساحل محافظة الحديدة، وتحتوي على ما يُقدّر بنحو 1.14 مليون برميل من الخام الخفيف.
وحذر خبراء دوليون من أنه "بحلول بداية أكتوبر المقبل، ستجعل الرياح الشديدة والتيارات المتقلبة عملية الإنقاذ أكثر خطورة، وستزيد من احتمالية انهيار السفينة".
وما زاد من وتيرة القلق والرعب هو ما كشفه فريق تابع للأمم المتحدة، كان قد أجرى زيارة لميناء رأس عيسى؛ إذ قال آنذاك أنّ الناقلة العملاقة التي بُنيت قبل 45 عامًا، تَبلى بوتيرة متسارعة، وهو ما يجعلها عرضة لخطر انسكاب كميات هائلة من النفط منها، إما جراء تسرب حمولتها منها أو انفجارها، خاصة في ظل مؤشرات تفيد بنفاد غاز النيتروجين الخامل، الذي عادة ما يمنع حدوث مثل هذه الانفجارات.
وبينما رحبت الحكومة اليمنية على لسان رئيسها معين عبد الملك، بالخطة الأممية، نفت جماعة الحوثي وجود تلك الخطة، لتعود اليوم عبر وسائل إعلامها للتحدث عن صافر وتؤكد بأن الأمم المتحدة أخلّت بالتزامها بالخطة.
وتزامنا مع الجهود الأممية، دعا المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندر كينغ، مؤخرا، الحوثيين إلى التعاون مع تلك الجهود لمواجهة تهديد ناقلة "صافر". فيما حذر البرلمان العربي في بيان، من "استمرار تلاعب مليشيا الحوثي بملف الخزان وتغيير مواقفها واستخدامه كورقة ابتزاز سياسي وعدم السماح بالصيانة".
وطالب البرلمان "مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي والأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتهم واتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة لإلزام الحوثيين بنقل الوقود قبل وقوع الكارثة".
بدورها، أطلقت منظمة السلام الأخضر الدولية "غرين بيس"، المعنية بحماية البيئة، حملة لجمع تبرعات دعما للخطة الأممية، محذرةً من مخاطر تسرب النفط من الناقلة.
وقالت المنظمة في بيان مؤخرا، إن ذلك "سيترتب عليه تداعيات وعواقب كارثية"، مشددة أنه "لا يمكن القبول أن يكون فشل الخطة جراء نقص التمويل".
 
ورقة ضغط حوثية
ويرى عدد من خبراء الاقتصاد المحلي والعربي، أن المليشيات الحوثية تشكل عائقا أمام تنفيذ الخطة الأممية؛ حيث تصطدم جميع الجهود بهذا الملف في نهاية المطاف بتعنت الحوثيين، الذين يريدون الحفاظ على كمية النفط التي على متن الخزان، وبالاستفادة منها لصالح مجهود عملياتهم القتالية ضد اليمنيين.
ووفقا للخبراء، فان المليشيات تتخذ من ملف خزان صافر وسيلة وأداة للمساومة السياسية في إطار الصراع،  ولا تنظر إليها باعتبارها تمثل خطرا بيئيا واقتصاديا على البحر الأحمر واليمن والإقليم، في حال تسرب النفط.
ورغم أن الأمم المتحدة أعلنت سابقا أكثر من مبادرة لمواجهة أزمة صافر، إلا أن المليشيات تعاملت مع تلك المبادرات كورقة من أوراق الضغط التي تمارسها على الأطراف المحلية والأممية المتحدة والمنظمات الدولية.
 
ابتزاز حوثي 
وتتعامل مليشيات الحوثي مع الفرق الفنية الأممية المتخصصة في صيانة خزان "صافر" النفطي، بأسلوب ابتزازي مستهتر، فيما تحرص الحكومة اليمنية على تجنيب البلاد والمنطقة كارثة بيئية محتملة، جراء تسريب بات أقرب من أي وقت مضي من السفينة العائمة في ميناء رأس عيسى اليمني.
ونقلت قناة المسيرة الحوثية عما يسمى اللجنة الإشرافية لتنفيذ اتفاق صافر الحوثية، أن اللجنة تجدد الدعوة للأمم المتحدة للتعامل بالجدية اللازمة والتي تتناسب مع حجم الكارثة المحتملة في البحر الأحمر جراء استمرار تدهور وضع خزان صافر.
تصريحات لجنة الحوثي، التي جاءت بالتزامن مع فعالية "لاهاي"، يرى فيها الكثير من الخبراء بأنها عملية مزايدة اعلامية حوثية، يراد منها ابتزاز الامم المتحدة ماليا هذه المرة، كما هو واضع من تصريح اللجنة الحوثية التي أشارت إلى أن "أي تمويل للمشروع في ظل عدم التزام الأمم المتحدة بتنفيذ بنود مذكرة التفاهم سيذهب كنفقات خاصة بها في تكرار لمصير المبلغ الذي خصص في السابق لعملية الصيانة والتقييم".
كما حملت تصريحات لجنة الحوثي لهجة التعنت والتنصل عن اتفاقها بهذا الخصوص مع الأمم المتحدة؛ حيث عبرت اللجنة عن "أسفها وخيبة أملها" جراء عدم التزام الأمم المتحدة بتنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة في 5 مارس الماضي، وقالت إنّه "رغم مرور أكثر من شهرين على توقيع مذكرة التفاهم لم تقدم الأمم المتحدة الخطة التشغيلية التي نصت عليها".