Image

"قندهار عدن" تحول دون الوصول للذهبي الأسعار والسلاح يقتلان فرحة العيد في العاصمة المؤقتة

لا يغرك تزاحم تهاني اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، فمعظم أولئك لا يقطنون على أرض الواقع في بلاد قتلها حكامها منذ 2011، ومن تبقى من البسطاء في الداخل لا يحفلون بما يدور في الواقع الافتراضي، فهمهم الأول "البقاء على قيد الحياة".
"المنتصف نت" عاش اليوم الأول من عيد الفطر السعيد في العاصمة المؤقتة عدن، وسط الأهالي البسطاء وأطفالهم، وتنقل ما بين السواحل والحدائق والأسواق وشوارع المدينة المتزاحمة بالحواجز ونقاط التفتيش، وخرج بالحصيلة التالية.
 
كارثة الأسعار 
شكلت أسعار مبلاس واحتياجات العيد كابوسا لأرباب الأسر في عدن، والتي وصلت إلى أكثر من 1300 في المائة، وفقا لعدد من المتسوقين والباعة وأصحاب محلات التجزئة.. وعليك أن تتصور ما تكبده رب الأسرة لتوفير ملابس في متطلبات العيد من أحذية وعيدية، لأسرة مكونة من 7 أشخاص، خمسة ابناء والأم والأب.
يقول أحمد حسن، بائع خضروات في سوق التواهي، بان لديه أسرة مكونة من 5 أبناء وهو والأم، وفي حسبة بسيطة بعد التنقل في محلات الملابس والأحذية تطلب منه توفير 600 ألف ريال فقط لا غير كي يلبي ملابس العيد والأحذية للأسرة بواقع "بدلة واحدة" لكل طفل، ولنفسه وزوجته.
 
يوم العيد 
لن نستمر في تعداد ما حدث خلال الأيام الأخيرة التي سبقت يوم العيد، فالنموذج السابق يكفي ليتم قياس ما حدث للأسرة العدنية من سكان المدينة، فما بالك النازحين والفارين من أتون الحرب وبطش المليشيات الحوثية من المناطق المجاورة.
ومع علو تكبيرات العيد، خرج الجميع إلى الساحات لأداء صلاة العيد، وما تبعه كانت رحلة طويلة من المعاناة مجددا لرب الأسرة مع أطفاله الراغبين بقضاء إجازة العيد وفرحته في الحدائق والمتنزهات والسواحل الجميلة لعدن! ولكن هل عدن كما كانت قبل فوضى 2011؟ قطعا الإجابة لا وألف لا؛ ولكننا سنواصل مع الأسعار.
 
التنقل والألعاب
يصدم المحتفل بالعيد من أطفاله وأسرته في عدن، بعدد من الخدمات التي ترتفع مع المناسبات رغم ارتفاع أسعارها طبيعيا، فالمواصلات في شوارع عدن بالعيد قليلة وتكاد تكون منعدمة، الأمر الذي يدفع من يعمل فوق الباصات والتاكسي إلى رفع الأجور دون حسيب ورقيب وبمزاجية مطلقة مستغلا العيد.
وعند السؤال أو المراجعة أو المفاوضات مع صاحب المركبة يبادرك بالقول مباشرة: الدبة البترول بـ 18 الف ومائتين ريال.. واليوم عيد لا يوجد الكثير من وسائل النقل..
وبعد الوصول إلى أي حديقة في صيرة أو الشيخ عثمان، تصطدم بأسعار تذاكر الدخول إليها، أو أسعار الألعاب في العيد، والتي لا يستطيع المواطن تمكين أطفاله من الألعاب فيها إلا مسؤول أو قائد ميداني، أو مغترب أو عامل في المنظمات الدولية!
مع اتخاذك قرارا بالذهاب إلى السواحل للراحة والاستجمام والسباحة مع أطفالك، وتبدأ بتعداد السواحل التي يمكن السباحة فيها لنظافتها او قربها من الأحياء السكنية، لتكتشف صدمة جديدة.
 
سلاح ومتارس 
مع الوصول إلى ساحل أبين الذي يمتد من صيرة إلى العريش في خور مكسر، تصطدم بالكمية الكبيرة من نقاط التفتيش وانتشار الأطقم العسكرية، والحواجز الأسمنتية التي تقطع الشارع المحاذي للساحل مباشرة، بحجة تأمين الفنادق الموجودة على طول امتداد الساحل، والتي يقطنها بعض المسؤولين الصغار القادمين من المملكة السعودية والإمارات والقاهرة برفقة القيادة الجديدة.
وقبل الحديث عن الوجهة القادمة، لا يجب التفكير بالتوجه نحو ساحل البريقة "عدن الصغرى" أو ساحل الغدير أو راس عمران، أو بربرية، فتلك المناطق مغلقة، وتقتصر على سكانها القاطنين، وذلك لوجود قيادة قوات التحالف العربي في المنطقة!
هنا تقرر التوجه مباشرة إلى أجمل ساحل في عدن على مدى عمر المدينة، "الساحل الذهبي" جولد مور، أو العشاق، ولكن هناك مصيبة كبيرة تواجه العديد ممن يختار تلك الوجهة.
 
قندهار عدن
يصف العديد من سكان المدينة بأن الساحل الذهبي أو ساحل العشاق ومنتجع الفيل او الدبلوماسي، الواقعة بين نفق فتح من الجهة الشمالية، ونفق "القلوعة" من الجهة الجنوبية الشرقية، بأنها منطقة تشبه إلى حد كبير منطقة "قندهار في أفغانستان" من حيث كمية النقاط والحواجز والتعرجات التي تمر بها المركبة الذاهبة إلى تلك المناطق الجميلة.
كل ذلك يهون أمام الإجراءات التي يمارسها المسلحون المنتشرون في تلك الحواجز والنقاط من جهة النفقين؛ حيث يطلبون منك البطاقة الشخصية أو أي إثبات رسمي، "جواز، كرت سيارة"، وإذا لمحوا اسم "تعز" فأنت "على جنب" بدون كلام؛ حتى وإن كان لديك عائلة وتقطن العاصمة عدن، حيث يتم مصادرة تلك الأوراق أو البطاقة حتى عودتك من الساحل إذا سمح لك بالمرور.
 
مصادرة واستحواذ
يقع في إطار منطقة الساحل الذهبي، التي كانت تضم منتجع وضاح وفندق شيراتون، مقر قوات مكافحة الإرهاب الجديدة، فضلا عن منزل محافظ عدن، وبعض منازل قيادات الوحدات العسكرية "أحزمة – عاصفة – صاعقة" وغيرها من التشكيلات التي ظهرت بعد حرب 2015 ضد الحوثيين في المدينة.
يقول العديد من سكان عدن إن تلك القيادات عملت منذ فوضى 2011 وما تلاها من حرب ضد الحوثيين في 2015، على مصادرة ممتلكات الدولة وأبناء المناطق الشمالية في منطقة "جولد مور"، وحولتها إلى ثكنات عسكرية لقيادات جديدة، فرضت وجودها، في المنطقة، ومنعت أو روعت من يقترب منها، حتى وإن كان زائرا أو محتفلا بالعيد يريد التمدد فوق رمال الساحل الذهبي أو منتجع الفيل أو الدبلوماسي أو ساحل العشاق.
هل تكونت لديكم صورة عن العيد في عدن؟! خاصة في ظل تواجد قيادة جديدة فوق قيادة فوق قيادة، متراكمة منذ عشرة أعوام، حرمت أبناء عدن البسطاء، أو من قام بتحريرها من الحوثيين، والقادمين للاحتفال بالعيد كما كان عهد المدينة منذ سنوات سبقت تلك التواريخ المزعجة والتي باتت تشكل كابس لكل يمني، إلى جانب انتشار الأسلحة بشكل كثيف في الأسواق والشوارع دون معرفة حامله إلى أي جهة ينتمي. لكن استخدامه في ارتكاب جريمة أقرب من معرفة ذلك... (عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ)!