احتكار المظلومية في الخطاب الطائفي المناطقي

01:49 2022/04/23

يتأسس الخطاب الطائفي/المناطقي على "احتكار المظلومية". فلا مظلوم من وجهة نظره إلا هو، ولا أحد عاني من الفقر والحروب والتهميش والقمع إلا طائفته.
أما كل الناس خارج الطائفة فهم متآمرون. هم (دواعش، تكفيريون، نواصب، عملاء، مرتزقة) عند أتباع الطائفية-السلالية، أو (دحابيش، طابور خامس، محتلون، ناهبون) عند أتباع الطائفية-المناطقية. أو (هضبة، مركز مقدس، قبايل) عند أصحاب المناطقية-المتعالمة. 
كل من هو خارج الطائفة متآمر ضدها حتى الفقير الجائع والمرأة المقهورة والطفل الرضيع. 
يعتقد الطائفي أنه وحده فقط من يحق له الصراخ والاحتجاج إذا وقع عليه ظلم. أما إذا سمع صراخا من أي جماعة خارج الطائفة تحتج على تعرضها للقصف أو التهجير أو النزوح، فإن الطائفي يغضب ويصادر حقها في الصراخ والألم قائلا: واين كنتم عندما كنا نعاني؟ وهل هناك مقارنه بين مظلوميتنا ومظلوميتكم؟ إن صراخكم من الصواريخ التي تتساقط وتقتل اطفالكم ليس إلا "مؤامرة" لشغل العالم عن مظلوميتنا الوحيدة والحقيقية والجوهرية.
يحاكمك الطائفي لأنك لم تتعاطف معه "بالقدر الكافي"، عندما كان تحت القصف، لكنه يتشفى فيك إذا رأى قنبلة تدمر بيتك وتسحق عائلتك. يغضب منك الطائفي إذا لم تتعاطف معه، ويشك فيك ويتهمك بالعمالة المزدوجة إذا تعاطفت معه، ويقاتلك ويتهمك بمحاولة طعنه من الخلف إذا قاتلت معه!
فالطائفة تعتمد على الانغلاق والخوف من الآخر وسد كل الجدران والنوافذ التي تجمعها بالآخرين.
الطائفي-السلالي لا يدين القتل إلا بناء على "هوية القاتل". فإذا كان القاتل ابن طائفتي فما يقوم به جهاد وبطولة. وكلما قتل أكثر كلما ارتفع مقامه وعلت مكانته!
والطائفي-المناطقي لا يتعاطف إلا بناء على "هوية المقتول". فإذا كان المقتول ابن طائفتي سأبكي عليه، وإن كان ابن الطائفة الأخرى سأهلل لمقتلة سأبرر مقتل المزيد.
الطائفيون والمناطقيون أبناء نفس السلالة التي تشوه القضايا العادلة، وتحول كفاح المواطنين نحو حياة أجمل وتعليم أرقى وخدمات صحية أفضل إلى مطالبات حصرية طائفية حسب العرق أو المنطقة أو الديانه. فهم وحدهم الأحق بالوظائف والمنح والترقيات والبيوت والأراضي والثروات.
 يشتت الطايفيون والمناطقيون الهوية الوطنية بعد أن يقسموا أبناء الوطن الواحد إلى هويات مغلقة متقاتلة لا تحمل نحو الهويات الأخرى إلا الحقد ولا تفكر في علاقتها معها إلا عبر الاقصاء والعنف.
 
نقلا عن صفحة الكاتب بالفيس بوك