09:21 2024/07/06
09:15 2024/05/29
10:06 2024/05/11
التناقض بين الشعارات والمواقف .. في عالم السياسة ..!!
12:45 2022/03/26
بدايةً ......
من السهل على أي حزب أو جماعة رفع الشعارات الرنانة التي تتحدث عن الوطنية والمدنية والحضارية ، والتي تنادي بالعدالة والمساواة وحماية الحقوق والحريات ، وإطلاق الوعود البراقة للجماهير ، كون هذا الأمر لا يتطلب مزيداً من العناء والتعب ، فهو لا يعدو أن يكون مجرد كلام في كلام ، وحبر على الأقمشة والأوراق ، والصعوبة الحقيقية تكمن في الإلتزام بتلك الشعارات ، وتنفيذ تلك الوعود على أرض الواقع ، وتحقيق العدالة ، ورفع المظلومية عن جميع الناس ، لأن من تعرض للظلم ، وتجرع مرارة المظلومية حقاً ، لا يمكن آبداً أن يمارس الظلم على الآخرين ..!!
فكم رأينا من الأحزاب والجماعات المعارضة في المجتمعات العربية ، وهي ترفع الشعارات التي تنادي بإقامة الدولة المدنية الحديثة ، وتطبيق سيادة النظام والقانون ، والتي تطالب برفع الظلم بكل صوره وآشكاله ، والتي توعد الجماهير بالعيش الرغيد في رحاب المدينة الفاضلة ، فكم هو سهل كتابة الشعارات والعبارات الرنانة ، وكم هو يسير التنظير الشفوي والخطابي لها ، وهو ما يتطابق مع المثل العربي القائل ( الذي يده في النار ليس كالذي يده في الماء ) ، لتأتي الأحداث والوقائع والمستجدات على الساحة السياسية ، لتصبح السلطة بيد تلك الأحزاب والجماعات ، لتكتشف الشعوب العربية الحقيقة المؤلمة ، والمتمثلة في عدم إلتزام تلك الأحزاب والجماعات بالشعارات والوعود البراقة التي كانت ترفعها وتنادي بها ، لتعيش الجماهير العربية في حالة من الصدمة والذهول ، ولتدرك بأنها وقعت ضحية التغرير والزيف الإعلامي والسياسي ، ولتدرك پأن تلك الشعارات لم تكن سوى السلم الخلفي للإستيلاء على السلطة خارج الأطر الدستورية والقانونية ..!!
طبعاً ......
ما يحدث اليوم على المشهد السياسي في العديد من الدول العربية ، يؤكد حالة التناقض الكبير بين الشعارات والمواقف ، بين الأقوال والأفعال ، ولا يحتاج إلى كثيرٍ من الشرح والتفصيل ، لأن شعاراتهم ووعودهم في وادي وأفعالهم على أرض الواقع في وادي آخر ، فبمجرد استيلائهم على السلطة ، تخلوا عن الواقع الإفتراضي الذي كانوا ينظرون له ، وتخلوا عن المثاليات والشعارات التي كانوا يرفعونها ويتغنون بها ، وانتقلوا إلى عالم السلطة والقوة ، ليمارسوا أبشع أنواع البطش والفتك ضد كل من يعارضهم ، وضد كل من يخالفهم في الرأي ، وكشروا عن أنيابهم ضد أي عمل سياسي سلمي ، لا يتوافق مع سياساتهم ومصالحهم ..!!
وهذا يقودنا إلى أن هناك فرق شاسع بين الشعارات والوعود والطموحات في الواقع الافتراضي الخالي من المسئوليات الداخلية ، ومن الضغوط والتدخلات الإقليمية والدولية ، وبين مسئوليات ومهام وعوائق وعقبات وضغوظ الواقع الحقيقي ، بالإضافة للمساحات الواسعة من المتطلبات والمصالح الحزبية والشخصية ، التي قد تجعل من تلك الشعارات والوعود مجرد حلم بعيد المنال ، ولتجد تلك الأحزاب والجماعات نفسها أنها قد أسرفت كثيرا في شعاراتها ورفعت سقف وعودها عالياً ، فوق قدرتها وفوق طاقتها ، ولتجد نفسها وهي تظهر أمام الجماهير بمظهر العجز والفشل ، ما يترتب عليه حدوث الانتكاسة السياسية ، والتي تقود لعواقب وخيمة ومآلات سلبية ..!!
لذلك تتجلى حكمة القيادات السياسية على كل المستويات ، وهي تضع برامجها السياسية وتضع شعاراتها ووعودها المستقبلية ، على قدرتها في قراءة الواقع قراءة علمية قائمة على الابحاث والدراسات والتقارير والأرقام والبيانات ، لتقييم الواقع بشكل حقيقي بعيد عن المبالغات والشطحات السياسية ، لتضع خططها وبرامج عملها بموجبه ، لكي تنال احترام وتقدير الجماهير ، ففي ظل التطورات الكبيرة والمتسارعة في مجال الاتصالات وسهولة نقل وتدفق المعلومات ، لم يعد بالامكان استغفال الجماهير والاستخفاف بها فترة طويلة كما كان يحدث سابقاً ، خلال العهود الزمنية السابقة ما قبل النهضة التكنولوجية العلمية التي نعيشها اليوم ..!!