لا تلوموا المنتحر .. هو احتفظ بكرامتة وهم باعوها؟

11:10 2022/02/09

لا تلوموا المنتحر أبدًا..هو إنسان فقد كل ممكنات البقاء ..وتبقت له عزة نفسه فلفها حول عنقه ..حتى لا تسقط وتنكشف!  
 
هو أنبل من كل اللصوص والمتجرئين على الظلم والمنافقين واللؤماء والنصابين والمتحذلقين والمتزلفين والأنذال والذين يبيعون كرامتهم ومواقفهم وضمائرهم لأجل العيش..
 
هو احتفظ بكرامته ..وهم باعوها ! 
 
هو أراد أن يغادر كل هؤلاء... ألم تلوكوا دائما مثل هذه القاعدة في كتاباتكم: غادر الناس والأمكنة التي لاتنصفك ؟ 
 
لا تلقوا التهمة على الاكتئاب ..هذا عذر سمج .. قبله من أين جاء الاكتئاب ؟..ما الذي صنعه؟ أليس الظلم والقهر والخذلان ؟
 
ولكن لوموا الكثير.. الذين صنعوا له الحبل والمشنقة.. ولصوص الحياة..الذين دمروا حاضر الناس ومستقبلهم، لأجل السياسة أو الفكر أو الثروة أو الدين..
 
 لوموا أصدقاءه ومن يعرفونه الذين أحسوا بألمه وتقاعسوا.. لوموا مثاليتنا ومظاهرنا التي تبرزنا جيدين ونبلاء بينما نحن في الخفاء نقاتل بعضنا لأجل الحياة ..ونكيد لبعض..ولا نترك فرصة أو رزقًا لمثل هؤلاء الضعفاء ..فيذهبوا للانتحار .
 
لوموا عواطفنا الغبية التي جعلتنا نحتفل بالتافهين والأدعياء وحتى أنصاف المثقفين والمتعالمين ..ونشهرهم ..ونهمل الأنقياء والأذكياء ولا نلتفت إليهم .. ألسنا نسبب لهم القهر ؟ 
 
لوموا ثقافتنا وعاداتنا التي تمجد الباطش والغبي والحقير وتجعله مثالاً للنبل والفكر والألمعية...بينما الذي يكابد الحياة بهدوء ويحتفظ برجاحة عقله ..نعتبره مثالاً للفشل والحمق لأنه لم يصبح باطشاً مهذاراً ممتلئاً بالمال !
 
لوموا مثاليتنا الزائفة .. لوموا تعاليمنا المحبطة .. لوموا نصائحنا الأنانية.. لوموا قساوتنا وسرعة تخلينا عن بعض..لوموا اللؤم الذي يسكن بداخل كل واحد منا والتكالب على الحياة حتى كأنك لاتريد أن يأخذ منها أحد غيرك شيئا ..
 
لوموا تحلقنا حول فئتين ..التافهين جدًا .. والزائفين جدًا .. الأولى نعرفها ..وقد جعلناهم بإرادتنا أو غيرها أصحاب حظوة في المجتمع..
 
 والثانية هي فئة الذين يمتلكون نصف موهبة ..أو نصف براعة ..وما يزالوا في بداياتهم.. ثم سرعان ما نهيل عليهم مراتب التقديس .. بينما يقف الحقيقيون غرباء ..غرباااء ..بعيدون وهم أصحاب موهبة كاملة لكنهم لايجيدون تزويق أنفسهم أمامكم ! 
 
قد تلوموا ظروف الحياة وحظوظها وووو .....الخ، لكني على يقين بأن قهر المنتحر من سوء الناس وزيفهم وعدم تقديرهم وسوء تعاملاتهم أعظم قهراً من قلة الرِزق والفقر وسوء المعيشة ..
 
لا تلوموا المنتحر ..بالأخص عندما يكون صاحب فكرة وفلسفة، رحل ودبيب الأفكار في عقله وقلبه .. وصليل محاولات النجاة تبدو في كتاباته وتحذيراته ..  هذا لاينبغي أن نلومه ..إنما ينبغي أن نقيم مشنقة لكل من خذله ومن أوصله إلى هذه المغادرة الشريفة له ..المخزية لنا !