كمال جاب الله يكتب: تحيا الإمارات.. عاش اليمن .. يسقط الحوثيون

10:49 2022/02/07

 

منذ نحو ثلاثة عقود، وتحديدًا في أعوام 1994-1995-1996، عشت واحدة من أسوأ الحروب الأهلية في اليمن، موفدًا من صحيفة "الأهرام"، وشاهدت - بعيني هناك- الأهوال، وأكثر ما حز في النفس، وقتها، هو قتل الأشقاء لبعضهم البعض.

الشعب العربي في اليمن هو الأطيب والأكرم، ولا أنسى ما حييت الحماية، التي كفلها لي بالشطر الجنوبي في عدن، علي سالم البيض، وكذلك الراحل عبدالكريم الأرياني، وزير الخارجية، رئيس الحكومة الأسبق، خلال مهمتي الشاقة بصنعاء، لتغطية الحرب، وما تلاها من أحداث دامية، حتى استقرت دولة الوحدة.
 
طبيعي أن يظل ملف اليمن، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، ضمن اهتماماتي، طوال السنين التي مضت، بحكم معرفتي بتضاريسها وقبائلها وتقاليدها، غير أنه لم يخطر على البال - مطلقا - أن تتدهور بها الأحوال والفتن إلى ما هي عليه الآن من سوء.
 
تفاصيل الحرب الأهلية وضحاياها في اليمن الشقيق معروفة للقاصي والداني منذ نحو سبع سنوات، وتحديدًا بعد استيلاء الحوثيين على السلطة، مما أدى إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم بـ قُطر عربي فقير، أصلًا، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.
 
وزير التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، واعد باذيب، قدر الخسائر المباشرة التي لحقت بالاقتصاد اليمني في الحرب الأهلية، بحوالي 90 مليار دولار، نتيجة لما يعانيه من انكماش غير مسبوق، وتراجع عائدات النفط، التي تشكل 70% من إيرادات البلاد، وتوقف جميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة.
 
أضاف باذيب، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء اليمنية، أن هذه التقديرات تعود للخسائر المباشرة في الناتج المحلي اليمني، فضلا عن الخسائر الناتجة عن تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية بسبب الحرب، بالإضافة إلى خسارة العملة الوطنية، الريال، حوالي 180% من قيمتها أمام العملات الأجنبية، مما ساهم في صعود حاد للأسعار، وتدهور مستوى المعيشة وانخفاض متوسط دخل الفرد بحوالي 60%.
 
المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشئون الإنسانية في اليمن، ديفيد جريسلي، أشار في إحاطة صحفية له منذ عدة أسابيع إلى أن الصراع والعنف المستمرين في جميع أنحاء اليمن لا يزالان يؤثران بشدة على السكان، الذين هم في أمس الحاجة إلى إنهاء القتال، حتى يتمكنوا من إعادة بناء حياتهم.
 
تلك هي أحد جوانب الصورة القاتمة، التي تشهدها اليمن على أيدي فئة رجعية حوثية، تحمل اسم "أنصار الله" تريد بشعبها العربي الشقيق، أن يعود -ثانية- إلى العصور المظلمة، بدعم من قوى إقليمية توسعية، تتنمر بحاضر الأمة ومستقبلها.
 
اليمن تقع في صميم الأمن القومي العربي، ومصر وقفت -بقوة- إلى جانب ثورتها واستقلالها منذ الستينيات، وهو ما يقدره الأشقاء اليمنيون، بالأقوال والأفعال دائمًا.
 
قدرات اليمن الحضارية والطبيعية والبشرية تؤهلها لكي تحقق نهضة، ودرجة عالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يستحقها شعبها المغلوب على أمره.
 
راهن الجميع على إمكانية بلوغ الشعب اليمني الشقيق لتلك الغاية النبيلة بعد إزالة حكم الإمامة البغيض، وإعلان الجمهورية في عام 1962، لتسكنها - بعد ذلك ولعقود- كل مظاهر الفتن والمؤامرات الداخلية والخارجية، وصولا لسقوط حكم مستبد، وصعود تنظيم إرهابي أكثر تطرفًا، يسعى لجر المنطقة كلها إلى الحضيض.
 
لم يكتفِ الإرهابيون الحوثيون بما فعلوه، ويفعلونه، بالشعب العربي - في يمن الحضارة والأصالة السعيد- بل تمتد أياديهم الملوثة بالدماء، والمتعطشة للخراب، إلى أشقاء في أقطار الجوار، لنشر أفكارهم الرجعية الهدامة، وترويع سكانها.
 
صادمة هي الأخبار الآتية من دولة الإمارات العربية الشقيقة بتعرض ترابها الطاهر لإطلاق صواريخ "سكود"، وقد عانيت شخصيا من وطأتها، وأعرف مدي الرعب الناشئ بسببها في نفوس الآمنين، خلال تغطيتي للحرب الأهلية باليمن منذ عقود.
 
في مثل هذه المحن والمؤامرات والفتن التي تمر بها الأمة، لا يملك المرء إلا الإعلان - صراحة- عن الوقوف إلى جانب السكان الآمنين في الإمارات، ومساعدة الأشقاء - المغلوبين على أمرهم - في اليمن، للانعتاق من قبضة التطرف والإرهاب.

نقلا عن الاهرام