طلاق العرب

01:56 2020/08/27

.لا أعتقد أن هناك جيل عربي خاصة في السنوات القليلة الماضية لم يتغن بقصيدة عنوانها بلاد العُرب أوطاني .. و كم كان الشعور قويا حين نتجول بين أبياتها في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج.. كم كان التغني بالعروبة و أمجادها يشعرنا بالفخر، كم كان درس التاريخ ممتعا حين نستذكر وقفات عظيمة بين الأشقاء العرب و نصرة بعضهم البعض وقت الحاجة..
 
كم بات الوضع مؤلما اليوم و نحن نتمزق و تتقطع روابطنا و تنهار عوالم الأخوة العربية، كم صار ظاهرا للجميع أن أمة العرب ماضيها أحسن من حاضرها .. أما المستقبل فكيف هو ؟
 
أسئلة شاحبة هي اجاباتها، فمن هو المتفائل اليوم الذي ينتظر أمة عربية موحدة في ظل هذا الوضع الدامي.. كيف للعربي الشهم أن يقتل أخاه؟ و كيف للأخ أن يصد الخير عن أخاه.. كيف للأشقاء أن يطول عداؤهم و تتبادل الشعوب الشتائم بين بعضها..
 
كيف وصل الوضع إلى التشفي في المصائب؟ ألم يختلط الدم العربي في كثير من المرات ألا يربطنا دين و عروبة و تاريخ و حضارة و لغة.. ألم يجمعنا يوما الحلم العربي؟ ألم نبكي جميعا فلسطين و العراق و لبنان.. و بكينا قبلا سوريا و اليمن و ليبيا و مصر و تونس؟ كيف وصلنا إلى الطلاق العربي و من هو السبب في شتات الأمة؟ 
 
يحضرني و أنا أطرح هذه الأسئلة مثل عربي يقول "العكازة معوجة من الأعلى" فهل نتفق معه و نلقي بالذنب على حكامنا؟ أم على العدو الذي فرقنا و صرنا نختلف فيه بعد أن كان هذا الأمر يوحدنا، كيف سيكون المشهد العربي .. بعد أن استلمنا نحن مهمة التفريق و أرحنا العدو منها، 
 
كنا نعتقد يوما أن روابطنا قوية و ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا، لكننا هنا و ضعفنا لما تفرقنا.. حدث لنا عكس ما رُوي لنا في قصة الأب الذي اقترب موته، فأمر أولاده بأن يحضروا عصي و أمر كل منهم أن يكسر عصاه.. ففعلوا ذلك بسهولة، لكن لما جمعوا العصي كلها و حاول أحدهم كسرها لم ينجح رغم محاولاته الكثيرة، لكن ما يحدث اليوم هو العكس تماما و يبدو أن العرب لم يعتبروا من القصة فكان الشتات و الفرقة مصيرهم.. و سهل على العدو اختراق صفوفهم.. و بهذا ما جمعهم بالأمس أصبح أكبر ما يفرقهم.. و باتت نقطة قوتهم هي نقطة ضعفهم.. و منه طلاق العرب وشيكا.. فهل سيأتي من يمنع الأمر قبل حدوثه ام أننا استسلمنا دون مقاومة.. بالرغم من أن الاستسلام لم يدخل يوما قاموس العرب الشرفاء.