بكاء

06:21 2020/08/13

منذ الصباح الباكر ونحن مع الرمعي، ذهبنا نحوه ، جلسنا بمعيته ساعات وساعات ، أخذناه ، على هدى حرس الشرف ، عزفت الخطوات لحن النهايات بشرف البدايات ، البزات والأزياء ، القمصان والبناطل ، التهامي والمخاوي والصنعائي والتعزي والابي 
كلهم شيعوا أحمد الرمعي الى مثواه الأخير في مدينة المخا 
ونحن ندفن الرمعي مزجنا بجدارة عرق المقاومة الوطنية بهذه الأرض ، 
 
نحن نسكب الدماء هنا ، وندفن هامات الرجال ، نؤثث بالبكاء مسيرة النضال هنا ، نسكب الدمع والدم ، الحياة والموت ، الخوداني والموسمي والصليحي والرمعي وغيرهم المئات هنا ، هنا حيث تتشكل أوردة جديدة للبقاء والفناء ، للنضال بأبهى رجاله يا هؤلاء ، نحن هنا أحياء ، ولنا هنا رمعي،نحن هنا أموات ولنا هنا رمعي،نحن هنا بقدرة البحر على البقاء وهل رأيتم البحر يترك مكانه .. !
عندما ذهبنا لأخذه ،
تمعنت بجثمانه المسجي براية البلاد وبكيت ، بكيت من الداخل ، تشكل بكاي الى دوائر ملتهبة وتفاقمت أحزاني، هل هذا هو الرمعي القدير الفكه الضحوك،كنت أمر بجانب زملائي واسألهم واحدا واحدا : هل هذا أحمد الرمعي ؟ يجاوبني كل على حدة بتنهيدة، لكأنهم اتفقوا على عدم الكلام إلا بتنهيدة وما جدوى الكلام في حضرة سيد الكلام وإن كان ميتا ،الصمت أولى،وأعلى ، وأجل : فقط تنهيدة
تنهيدة تشرح حجم الوجع 
 
بعد عودتنا من مقبرة الشهداء 
كنت في مجلس المركز الاعلامي ، الساعة الحادية عشرة ظهرا ، وحولي زملاء عشرة ، احدهم متكئ ، الأخر مضطجع ، وسوانا يقرفص ، والبعض نسي أن له حق القعود ، ظلوا هكذا بقاماتهم ، وفجأة أتى أحدهم وسألنا هل هناك صورة للاستاذ أحمد ؟ كان سؤاله هو اللحظة الحاسمة في تخيل فقدان الرمعي اكثر من رؤيتي جثمانه ودفنه ، صرخت بهم كلهم : معقول ، هل تحول أحمد الرمعي كله ، بطوله وعرضه ، الى صورة ؟
 
كان رد الزبيدي مفجعا اكثر من سؤالي،خار كثور من كل جوارحه : اااااااااااااححح أو إخخخخخخ ، او لا ادري كيف أكتبها ، حسرته التي زفر بها لا أبجدية تستطيع القبض عليها ، أبدا، لكأن ثارت براكين الأرض دفعة واحدة،ولكأن الحوت الذي يحمل هذه الكرة ، في الأساطير القديمة ، أنهكه التعب وسقط ، وسقطنا ، الى أسفل ،بموت أحمد الرمعي