عبدالكريم الحوثي لم يكن بحاجة للقرار
وأخيراً تم تعيين عبدالكريم الحوثي في منصب طالما احتكره وتحكم فيه، بالأمس أصدر "دنبوع الحوثيين" المسمى مهدي المشاط قراراً بتعيين عبد الكريم الحوثي في منصب وزير الداخلية، لعل ذلك القرار يرضي غرور وعنجهية عبدالكريم وتياره الأكثر تطرفاً في داخل الجماعة المتطرفة بالفطرة.
يعد عبدالكريم الحوثي، وهو عم الدعي عبدالملك الحوثي، من أشد القيادات الحوثية المتطرفة سلالياً وحقداً على فكرة الجمهورية والأجهزة الأمنية الموجودة، ولطالما نقل جلساءه عنه قوله "لولا أن المسيرة عفت وإلا أقسم بالله إن كل من عمل مع النظام العفاشي يستحق الإبادة"، وهو بهذا يعني كافة الشعب اليمني، فالكل عمل مع النظام السابق، النظام الذي لم يبن وظائفه على أساس الطائفة أو المذهب، ولم يكن سلالياً بل كان نظاماً متسامحاً كما هي طبيعة رأس النظام الشهيد علي عبدلله صالح المعروف بتسامحه، ولعل عبدالكريم يعرف ذلك في قرارة نفسه، وهو نفسه رئيس النظام الذي عفى عنه وعن أخيه وأبناء أخيه وأكرمهم إلا أن الحقد السلالي داخل هذا الشخص فاق غيره، ومعروف عن عبدالكريم الحوثي ديكتاتوريته حتى مع قيادات الجماعة من غير الهاشميين، فهو الحاكم الفعلي لصنعاء منذ انقلاب الجماعة وتسلمهم للحكم من هادي، وهو من يتحكم بكل مفاصل الحكم الصادر من صنعاء أكانت عسكرية أم مدنية، وليس أحد سواه.
ولذا كان هو المخطط والمتحمس الأكبر لكل احتكاك ضد الشهيد صالح وحزب المؤتمر قبل انتفاضة ديسمبر 2017م التي قادها الجناح الذي يتزعمه عبد الكريم الحوثي ومحمد علي الحوثي، وأبو علي الحاكم وغيرهم من السلاليين.
من يقرأ التاريخ يعرف كيف تبدأ نهايات هذه السلالة في حكمها، ويدرك أن الصراع بين أجنحتها كفيل بتدميرها إلى جانب النقمة الشعبية ضد هذه الجماعة، ولعل وصول عبدالكريم الحوثي لهذا المنصب الرسمي بعد أن كان يديره وكل مؤسسات الدولة بصورة مستترة، سيزيد من حدة صراع الأجنحة في الحركة الحوثية، وكما ظهرت بوادر الصراع إلى العلن سابقاً من خلال تصفيات واغتيالات متبادلة، ستعود من جديد تحركها أطماع الاستحواذ على نهب الموارد وسلطة النفوذ.
ولنا أن نتذكر ما قاله القيادي في جماعة الحوثي وعضو ما تسمى اللجنة الثورية، محمد المقالح، ذات يوم أن معظم الفساد الذي غزا الجماعة يقوده عبد الكريم الحوثي، وقد وصف بأنه "من أصحاب السلطة غير المنظورة"، وهي سلطة فضفاضة غير محاسبة، وأضاف حينها أن عبدالكريم الحوثي يعتقد نفسه أنه صاحب مجد ضل طريقه إلى ابن أخيه (زعيم المتمردين)".
فيا ترى كيف ستكون المفاجآت الكهنوتية القادمة لصنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرة هذه الجماعة المارقة، وكيف سيزداد البطش والتنكيل تحت غطاء وزارة الداخلية الخاصة بعبد الكريم الحوثي الذي يعتقد بأنه الوصي على الحوثيين بمن فيهم عبد الملك الحوثي، كونه "أكبر منه في التراتبية الأسرية".
وهو المشهور بممارسة الإرهاب الفكري لمن ينتقدون أخطاء مكتبه التنفيذي بأي شيء حتى من قيادات وشخصيات الجماعة وأتباعها من الصف الأول لإسكاتهم أو قتلهم، وكالعادة طبع صورة مبروزة مكتوب عليها الشهيد أبو فلان شهيد معركة النفس الطويل، أي معركة نفس الفساد والإرهاب والبطش الذي يقوده عبدالكريم وجناحه.