معركة الحُديدة.. بداية النهاية
معركة الُحديدة حامية الوطيس، ونتائجها محورية في إدارة الحرب المشتعلة هناك منذ أكثر من ثلاث سنواتٍ، تحقق فيها الكثير من النجاحات والإنجازات والانتصارات، التي أدت مجتمعةً إلى ما يعيشه اليوم من تحريرٍ لأكثر من ثمانين في المئة من أرضه مع تصاعد الانتصارات وتواليها للدولة اليمنية والشعب اليمني.
للحقيقة وللتاريخ، فإن ميليشيا «الحوثي» صغيرة وقليلة الأثر، ولكنها تحظى بداعمين كبيرين، الأول إيران وهذا أمر معروفٌ، والثاني الذي ربما يمثل مفاجأة للبعض هي بعض المؤسسات الدولية وبعض مسؤوليها، وبعض الدول الغربية، وبعض المؤسسات الحقوقية والإنسانية، وبخاصةٍ الغربية منها، بعيداً عن الدول التي تدعمها بشكلٍ علنيٍ مثل قطر وإحدى الدول الإقليمية التي اختارت دعم الأصولية في كل العالم العربي.
الدولة اليمنية وقياداتها السياسية والعسكرية حريصةٌ كل الحرص على شعبها ومواطنيها وحاضرهم ومستقبلهم، وهذا أمرٌ مفروغٌ منه، وكذلك قيادة التحالف العربي عبرت بكل ما يمكن للعبارة من صراحةٍ بأنها تجعل سلامة المدنيين اليمنيين على رأس أولوياتها كما عبر عن ذلك الناطق باسم التحالف العربي العقيد تركي المالكي، وهذا بعدٌ مهمٌ، وهو البعد الإنساني لإدارة المعارك والحروب.
وضمن استراتيجية الحرب، والمعارك فيها، كان البعد الإنساني حاضراً وبقوةٍ، لدى الدولة اليمنية وجيشها ومقاومتها كما لدى التحالف العربي، ولكنه كان يستخدم من إيران ومن بعض المؤسسات الدولية لإعاقة الحسم، حسم الحرب وحسم معاركها، ومعركة الحديدة مجرد مثالٍ، فمن جهة التحالف العربي فقد عملت ولم تزل تعمل السعودية والإمارات، عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتي، على توفير أمن وسلامة وإغاثة ودعم المواطنين اليمنيين الأبرياء مع توفير الرعاية الكاملة لهم في المأكل والمشرب كما في الحصول على الدواء والرعاية الصحية، وكافة ما يتطلبه مشهد المعركة من متطلبات خاصة، وهو أحد مبادئ التحالف المعلنة والمتكررة.
ولكن بالمقابل، نجد تصريحات بعض المسؤولين الأوروبيين ومسؤولي المؤسسات الدولية والجمعيات الإنسانية والحقوقية تضع العصي في الدواليب لمثل هذه الجهود، وتسعى لإعاقة أي توجهٍ جادٍ لإنقاذ اليمن من هذه الميليشيا «الحوثية» الإيرانية في الوقت الذي تتجاهل بشكلٍ شبه كاملٍ كل الجرائم «الحوثية» في الحرب والمعركة، من تجنيد الأطفال، واستخدام المدنيين دروعاً بشريةٍ، وسرقة أموال الشعب، واستخدام كافة أنواع التعذيب والسجون والاغتيال والقتل الوحشي، فضلاً عن استخدام الصواريخ الباليستية الإيرانية وإعلان الولاء السياسي لإيران ورفع شعاراتها والتغني بالانتماء إليها، وتهريب الأسلحة من ميناء الُحديدة واستقبال المدربين من «حزب الله» الإيراني وغيرها كثير من الجرائم.
ما لا تفهمه هذه المؤسسات وهؤلاء المسؤولين وتلك الجمعيات هو أن «الحوثيين» ليسوا دولةً بل ميليشيا، وليسوا مواطنين مخلصين بل جماعةً تابعةً لأجندةٍ خارجيةٍ، وأن حقوق الشعب اليمني ليست من أولوياتهم بحالٍ بل الولاء المطلق هو للإيديولوجيا ولنظام الخميني الإيراني، وبالتالي فإن قتل وتعذيب وإهانة وإفقار المواطن اليمني جزء من سياستهم الثابتة وأيديولوجيتهم المعلنة، وهم لا يختلفون قيد أنملة عن جماعة مثل «طالبان» أو تنظيم «القاعدة» أو «داعش».
سيخرج «الحوثي» من الحُديدة، طائعاً عبر اتفاق سياسي أم مرغماً بالقوة العسكرية الضاربة، والمسألة مسألة وقت لا أكثر ولا أقل، وإن كان للأمم المتحدة ولمبعوثها الجديد من دور فهو إقناع «الحوثي» بالتخلي عن الإيديولوجيا الدموية، والاقتناع بالحلول العملية والسياسية، وهو ما يبدو أن «الحوثي» يتلاعب بها، لا لحل حقيقي، بل لمجرد كسب مزيدٍ من الوقت، يحول دون انهياره وسقوطه المدوي. أخيراً، يتابع العسكريون الأبطال من الجيش والمقاومة اليمنية والتحالف العربي تسطير معارك المجد والظفر، ويتسلل «الحوثيون» هرباً، وعودة الدولة اليمنية لنفسها ولشعبها ولكامل ترابها هي الخيار الوحيد، سياسياً كان ذلك أم عسكرياً.