Image

"معمعة" الإصلاح في تعز تتصدر واجهة الأحداث

بالتوازي مع تصعيد القوات المدعومة من التحالف لوتيرة المعارك ضد مسلحي الحوثي، في غير جبهة مواجهة، فتح حزب الإصلاح عبر أذرعه في محافظة تعز جنوب غرب اليمن، معركة عبثية، استحوذت لاحقا بالقسط الأكبر من تغطيات وسائل الإعلام المحلية.

في هذه الأثناء، برزت "معمعة" الإصلاح في تعز، لتتصدر واجهة الأحداث، في حين حرفت بوصلة اهتمام الشارع المحلي عن العمليات العسكرية للقوات المدعومة من التحالف بقيادة السعودية، ضد مقاتلي الحوثي في غير بقعة يمنية.

ولوحظ أن نزيف جماعة الحوثي العسكري والميداني ارتفع في خضم معارك الساعات الأخيرة، وتفاقمت خسائرها في مساحات عدة من خارطة المواجهات المسلحة مع القوات الحكومية.

بيد أن انزلاق الإصلاح، إلى إذكاء معركة عدمية مع التحالف في مدينة تعز، تحت تهويمات لا وجود لها في الواقع، منح أتباع جماعة الحوثيين فرصة للتخفف من الضغط النفسي المدفوع بالهزائم العسكرية المتفاقمة في أكثر من منطقة.

وفي المقابل أعاد التحرك الإصلاحي المناوئ للتحالف العربي والتشكيلات العسكرية المدعومة منه في تعز، توجيه بوصلة وسائل الإعلام نحو استقراء حيثيات الأزمة المفتعلة، على حساب تغييب العمليات العسكرية ضد مقاتلي الحوثي.

وعند هذه النقطة، تراجعت أخبار جبهات القتال مع مسلحي الحوثي، بشكل ملحوظ في وسائل الإعلام المحلية على الأقل، مقابل تركيز التغطيات الصحافية على انعكاسات الدعوات الإصلاحية على سير المعركة الشاملة ضد الحوثيين والمكاسب الحوثية المترتبة عليه.

وقد فهم هذا التحرك الإخواني ضد دول التحالف، لدى كثير من المتابعين في سياق "خدمة" مباشرة للمتمردين الحوثيين، قياسا بتوقيت التحرك وتزامنه مع تصعيد عسكري ميداني للقوات الحكومية في المعقل الرئيسي للمتمردين شمال اليمن.

وتزامن هذا التصعيد الإصلاحي ضد التحالف والكيانات المنضوية تحت رايته، مع تصعيد حوثي عسكري في استهداف قطاع النفط العالمي وتهديد الملاحة البحرية الدولية في البحر الأحمر، إضافة إلى إطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه السعودية.

ويعمل حزب الإصلاح على ابتزاز خصومه السياسيين من خلال استدعاء الشارع، غير أن هذه الأساليب تصب فقط في مصلحة الحوثيين، وتلحق الضرر بالتحالف وأهدافه المعلنة وتشتت الجهود المنصبة في اتجاه مواجهة المشروع الحوثي.

وبرأي كثيرين فإن هذا التكتيك لا يخلو من رغبة للتشويش على العمليات العسكرية المتصاعدة ضد مسلحي الحوثي، مع مؤشرات على اعتزام التحالف إطلاق حملة عسكرية واسعة لانتزاع الساحل الغربي لليمن من قبضة المتمردين الحوثيين، وتصعيد في العمليات العسكرية عبر تعزيز الجبهات المشتعلة وفتح جبهات جديدة.

وشهدت معركة محافظة صعدة تصعيدا كبيرا خلال الآونة الأخيرة، حيث كثف التحالف بقيادة السعودية تركيزه على معقل المتمردين، وباتت القوات المشتركة على بعد كيلومترات من مسقط رأس زعيم الحوثيين.

ويعد التركيز على صعدة بمثابة معركة كسر عظم بين التحالف العربي والحوثيين في منطقة رمزية بالنسبة إلى المتمردين، وأن هزيمتهم في معقلهم ستعني انتكاسة كبيرة لهم، كما أن انتزاع كامل الساحل الغربي سيعرضهم لاختناق اقتصادي وعسكري كما يضمن تأمين الملاحة البحرية من الحماقات الباليستية.

وأخذت التحركات الميدانية للقوات المدعومة خليجيا في محاور البيضاء وصعدة والساحل الغربي بعدا عسكريا عبر هذه العودة لمعركة الخلاص، كما استطاعت أن تقلب الطاولة على حزب الإصلاح، في غمرة تحين فرصة كسب رهانات سياسية ضيقة.

وعوضا عن إكمال عملية استعادة تعز جنبا إلى جنب مع قوات التحالف والقوى الأخرى من أطياف سياسية كالتيار السلفي والاشتراكي والناصري، سارع الإصلاح إلى وضع المزيد من الكمائن في طريق المدينة المحاصرة إلى التحرر من الكماشة الحوثية.

ودفع حزب التجمع اليمني للإصلاح، أعضاءه لخوض معارك جانبية عوضاً عن المعركة الأساسية المتمثلة في طرد مسلحي الحوثي من المناطق التي لا تزال تحت قبضتهم، وتخاذل مقاتلوه في الميدان ما تسبب بتأخير حسم المعركة في تعز.

ولم تكن طبوغرافية محافظة تعز وحدها من أبطأت وتيرة الحسم ولا حتى الألغام التي ملأ بها الحوثيون الأرض، بل إن الألغام السياسية التي حاول زرعها أطراف من الإصلاح بولاءات قبلية زادت المشهد تعقيدا.

في المقابل يلحظ أن الإصلاح يحافظ على أعضائه، بانتظار لحظة ضعف الحوثيين للانقضاض مجدداً على الأوضاع والاستفراد بإدارة تعز على حساب بقية التيارات المشاركة في العمليات العسكرية ضد الحوثيين، وقد مارس هذه الانتهازية أثناء معارك تحرير عدن والجنوب، حيث سعى الإصلاح لدخول المشهد قرب النهاية لجني ثمار النصر الذي تحقق في هذه المناطق.

ويتهم العديد من المراقبين حزب الإصلاح بافتعال المشكلات في محافظة تعز والحيلولة دون استكمال تحريرها، حتى استكمال مشروعهم الهادف إلى إحكام قبضتهم العسكرية والأمنية عليها، إضافة إلى تكريس أنشطتهم الممنهجة في استهداف القوى والتيارات السياسية الأخرى والتي باتت جميعها في مرمى الاستهداف الاخواني.

ومع تزايد الحوثيين من نكساتهم المتتالية وفقدانهم الحاضنة الشعبية، فإن تحركات حزب الإصلاح التي كونها معيبة، يمكن أن تشير أيضا إلى استعداد حقيقي للتناغم مع جماعة الحوثي والرقص على إيقاعها.

ويعزز هذا الاحتمال تأييد قيادات رفيعة في جماعة الحوثيين، الدعوات التي أطلقها حزب الإصلاح، لخروج مظاهرات في محافظة تعز، ضد التحالف العربي، ورفض دور قوات العميد طارق صالح في مواجهة الميليشيا بالساحل الغربي لليمن.

وأيد عضو اللجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين، منذر الأصبحي، خروج مسيرات جماهيرية شعبية في معظم مديريات تعز، لرفض ما أسماه "الحزام الأمني في تعز".

وعكس موقف القيادي الحوثي، تناغم الأهداف بين ميليشيا الحوثي وحزب الإصلاح الإسلامي، كما أعاد النقاش إلى مربع مواقف الإصلاح المتأرجحة في دعم جبهات القتال، وما إن كان تأييد العملية العسكرية ضد الحوثيين سوى مناورة تكتيكية لاستنزاف التحالف أموالا وأسلحة وتكديسها لمعركة خاصة لم تبدأ بعد.