أين الدولة في العالم العربي؟
أثارت مرحلة ما بعد التحولات او ما يسمى بالتغيرات السياسية في عدد من الاقطار العربية عدد من التساؤلات التي اصابت عدد غير قليل من الباحثين والمتابعين بالحيرة او ربما الصدمة .. فهل يعقل اننا وبعد مرور خمسة عقود او اكثر من بداية تشكل الدول العربية في مرحلة التحرر ونيل الأستقلال السياسي وقيام الدولة بمفهومها الحديث يتجه الأفراد والمجموعات الى التمسك بجذور القبيلة او الطائفة والمطالبة باستحقاقات المكونات والأطياف والعشائر بعيدا عن السعي الى ترسيخ مفهوم المواطنة المتساوية والمدنية وتغليب مسطرة الكفاءة والتأهيل والقابلية في تولي المناصب العامة ؟
اين الدولة في العالم العربي الان كمؤسسة تعبر عن الرقي في ضمان حقوق المواطن والانتقال به من مرحلة التنمية الى دولة الكفاية والرفاهية .. لماذا احتل الارهاب الشوارع والميادين والساحات العامة في طرابلس وصنعاء وسواهم من عواصم العرب بدلا من رجال الشرطة وافراد الإدارات العمومية المكلفين بالضبط وانفاذ القانون .
صنعاء من عهد المملكة المتوكلية الى سنوات الرئيس علي عبدالله صالح تتنازع فيما بينها على احياء الحصبة وحي هائل والخط الفاصل بينهما هو شارع الزبيري والرئيس هادي يستيقظ بعد سبات عميق مطالبا بعرش حزبه المفقود في اليمن وعبدالملك الحوثي يرفع راية ومنطلق ولاية الفقيه ، ثم مر على مصر الكنانة او ام الدنيا التي تخرج من جامعاتها ثلاثة ارباع النخب العربية ولاحظ المشهد فالعسكر يصارعون من اجل الحفاظ على هيكل الدولة الكبيرة والعظيمة مصر العروبة والتاريخ امام جماعة الاخوان المسلمين اتخذو التفجير والتفخيخ في الشوارع والاماكن العامة منهج لهم لا احد يعرف كيف ستنتهي.
ساحات تعج بالبطالة والفوضى ومن ثم انظر الى العراق المستكين للتفجير والتفخيخ تشظى الى طوائف وقبائل واعراق ومكونات تبحث في انهار دمائها عن إقليم او اي شئ يقيها القتل والدمار فبغداد الحكمة والرشيد وعاصمة الدنيا لبست ثوب حدادها الابدي لا تعلم عن المستقبل غير انها تتأسى بماض تليد.
وعلى تخوم العراق تقع بلاد الشام حيث ضاعت الدولة بين السلطة ومعارضة لا تدري الى اين الاتجاه فقط همها الوصول الى الحكم باية وسيلة سواء عبر طائرة اطلسية او دبابة امريكية او حرب طائفية وهناك من يهدد بإقامة دولة الساحل واخرين يطالبون برفع الغبن عن قبائل المنطقة الشرقية وطوائف تضع يديها على قلوبها كلما شاهدت متحدثا ملتحيا على شاشة التلفاز.
لبنان على حاله وليبيا توزعت بين قبائل الزنتان وورفلة والجبل الغربي وصحراء سبها مع غياب كامل لاي بارقة امل في انشاء دولة او قل هيكل للسلطة.
حقا انها مأساة وملهاة مستمرة وباشكال مختلفة فنحن في هذه اللحظة نتسائل اين موضعنا من الخارطة بل اين نحن من العالم هل نحن اضعنا المشيتين دول يحكمها دكتاتوريين او شعوب يحكمها الفوضى وكتائب القبائل والجبال والغوغاء .. شوارع عربية على وشك ان تفقد الأمل في الامساك بخيط الأمل ومواطنون صالحون ربما حشروا في زاوية الأستلاب والضعف فلا نحن انجزنا بناء دولنا ولا نحن اسسنا لمشروعنا الديمقراطي ..فلله وحده توجهي يا قبائل وطوائف العرب بالدعاء إن يبقينا في الماضي خوفا من مستقبل مجهول؟