Image

السجون الحوثية .. انتهاكات مرعبة من اغتصاب وقتل وتعذيب

منذ سيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014، يعيش سكان المدينة حالة من القلق والخوف المستمر، بالإضافة إلى الصعوبات الحياتية التي يواجهونها، من الاختطاف والتعذيب بشكل مستمر. لم يتوقف الحوثيون عن اختطاف اليمنيين خلال العقد الماضي، وتحويل منازل المعارضين إلى سجون سرية في مناطقهم.

مدير عام حقوق الإنسان بأمانة العاصمة أكد وجود أكثر من 150 سجنًا فقط داخل صنعاء، تستخدم لاحتجاز المختطفين مما جعل العاصمة تبدو كسجن كبير تنبعث منه رائحة الموت والخوف.
ونظر لاتساع عمليات الاختطافات عمدت مليشيا الحوثي إلى استخدام المدارس والمرافق الحكومية والمساجد والمؤسسات العامة في جميع المناطق التي تسيطر عليها كسجون لقمع وإسكات المنتقدين لمشروعها الطائفي في اليمن.

ووفقًا لتقارير حقوقية، يدير الحوثيون حوالي 203 سجون، بما في ذلك 125 سجنًا سريًا، بالإضافة إلى السجون السرية داخل المؤسسات الحكومية والمنازل التي صادروها وحوّلوها إلى سجون 

وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن إنشاء السجون يُعد أولوية لدى الحوثيين خلال أي توسّع لهم نظرًا لتزايد أعداد السجون في المناطق الجديدة التي يسيطرون عليها، ويقومون بنقل السجناء بدون أوامر قضائية إلى أماكن سرية ومجهولة.

وأوضح المرصد أن السجون الحوثية توزعت في مراكز غير رسمية مثل المباني السكنية والمدارس والجامعات.
أورد المرصد قائمة بعدد من السجون الرئيسية في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون، بما في ذلك 11 سجنًا مركزيًا في عدة محافظات. وذكر المرصد أيضًا 9 سجون رئيسية في صنعاء و14 سجنًا في ذمار. ورغم عدم وجود إحصائية شاملة، إلا أن التقديرات تشير إلى وجود آلاف المختطفين، بما فيهم نساء وأطفال.

منظمة حقوق الإنسان وثقت اختطاف الحوثيين لعدد كبير من المدنيين، بما فيهم الأطفال والنساء والمسنين، وشملت شخصيات اجتماعية مؤثرة وسياسيين وعمال وناشطين وطلاب وأطباء ومهمشين وذوي احتياجات خاصة.

سجون الحوثي "يرثى لها"

وأشار مسؤول حقوقي إلى أن حالة السجون "يرثى لها" وتفتقر إلى الخدمات الأساسية والرعاية الصحية، مما يؤدي إلى وفاة السجناء بسبب الإهمال الطبي. وأكد المرصد الأورومتوسطي أن هذه السجون لا تلبي المعايير الدولية والوطنية المطلوبة فيما يتعلق بالنظافة والتهوية والرعاية الصحية.
أفادت منظمة حقوقية بأن الأوضاع الصحية في سجون الحوثيين تعاني من تدهور كبير، مما يشكل خطرًا كبيرًا على المعتقلين الذين يعانون من أمراض خطيرة مثل الأمراض الصدرية وأمراض الدم. وأشارت المنظمة إلى وجود أمراض خطيرة أخرى داخل السجون مثل التهاب الكبد المناعي وأمراض الكلى والالتهابات في الجهاز التنفسي والكوليرا والحساسية والحرب.
ووصفت المنظمة وضع المختطفين في السجون بأنه مأساوي، حيث يتعرضون لأساليب تعذيب قاسية بما فيها الاعدامات الصورية والتعذيب بالكهرباء والجلد وتقطير المياه على الرؤوس والمنع من النوم. وأكدت المنظمة أن العديد من المختطفين يعانون من حالات نفسية وفقدان العقل وإعاقات ترافقهم مدى الحياة.

حالات قتل تحت التعذيب

وأوضحت المنظمة أنها وثقت 271 حالة قتل تحت التعذيب داخل السجون في اليمن، منها 205 حالة ارتكبت في سجون الحوثيين، بالإضافة إلى 25 حالة وفاة جراء الإهمال الطبي.
ثلاثة أنواع من القتل تم تسجيلها في تقرير حقوقي، وهي: القتل تحت التعذيب داخل السجون، والقتل بالاهمال الطبي، ووفاة المعتقلين بعد الإفراج عنهم بفترة وجيزة بسبب التعذيب أو الإهمال الطبي. وأكد التقرير أن المعتقلين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي هم الأكثر تعرضًا لهذه الأنواع من القتل بسبب التعذيب والإهمال الطبي.

تعذيب جسدي ونفسي

وأشار التقرير إلى أن الحوثيين يمارسون انتهاكات وحشية ضد المعتقلين داخل سجونهم، حيث يستخدمون أشكال مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، مما يؤدي في بعض الحالات إلى وفاة المعتقلين. كما أكد التقرير أن الحوثيين يستخدمون التعذيب كوسيلة للحصول على معلومات أو للترهيب.
واستنكرت المنظمة الحقوقية "رايتس رادار" جرائم الحوثيين وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان، معتبرة أنها وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ. 
وأكدت المنظمة أن الحوثيين يستخدمون التعذيب كوسيلة لتحقيق أهدافهم، بما في ذلك الحصول على معلومات أو ترهيب الناس.
أكدت المنظمة على هدف آخر يتمثل في "تكسير الضحية وتدمير معنوياتها، وتستخدم هذه الطريقة لزرع الرعب وإحساس العجز وتدمير نفسية الضحية". وأشارت "رايتس رادار" إلى أهداف أخرى، مثل "التلقين والهدف من ذلك هو إقناع المعتقل بالتخلي عن أفكاره السابقة وتبني أفكار جديدة مقبولة لدى السجان، والهدف النهائي هو تغيير الولاء، كما يحدث في عملية غسل الدماغ".

اختطاف المدنيين

وفيما يتعلق بدوافع عصابة الحوثي لاختطاف المدنيين بأعداد كبيرة، تميزت "عقدة المشروعية" بأن هذا يعود إلى "الخوف الذي يعتري الجماعة"، التي تفتقر إلى المشروعية السياسية وتلجأ إلى سياسة البطش والقهر لتعويض نقصها. وأشارت إلى أن الجماعة تعيش في خوف مستمر وتعتمد على الاختطافات كوسيلة للبقاء.
وتبدأ دورة الرعب منذ اللحظات الأولى للاختطاف، حيث يتعمد الحوثيون استخدام القوة المفرطة لإثارة الرعب والصدمة بين السكان. ورصدت "رابطة أمهات المختطفين" 5 انتهاكات يمارسها الحوثيون أثناء الاختطاف، بما في ذلك اقتحام المنازل وترويع الأطفال والنساء والعنف مع عائلات الضحايا.

إخفاء المختطفين

وفي السجون، تم رصد أشكال أخرى للمعاناة تبدأ من إنكار وجود الضحايا والمنع من الزيارات، مما يجعل العائلات تبذل جهودًا كبيرة للعثور على ذويهم المختطفين. وتزداد المعاناة مع منع الزيارات وعدم السماح للمختطفين بالاتصال بأهاليهم.
تصاعدت معاناة العائلات بسبب "إخفاء الضحايا في أماكن سرية"، مما يجعلها تعيش في حالة من القلق المستمر بشأن مصير أفرادها، وفقا لتقرير صادر عن الرابطة. ويعيش المختطفون في عزلة تامة عن العالم الخارجي، حيث لا يعلم أحد عن مكان تواجدهم أو ما إذا كانوا على قيد الحياة أم لا.

تشبه الجرائم التي يرتكبها الحوثيون ضد المختطفين بشدتها ووحشيتها ما يحدث في سوريا تحت حكم عائلة الأسد. وبينما تستمر حملات الاختطاف والتعذيب على يد الحوثيين، يشهدون سقوط نظام الأسد على يد الشعب السوري المظلوم.
عقلية الحوثيين القمعية ووحشيتها تشبه تماما ما يحدث في سوريا منذ عقود. ومع نهاية النظام الحوثي، يتوعد الثوار بمحاسبة كل من شارك في اختطاف اليمنيين وتعذيبهم. وتقدم الولايات المتحدة بفرض عقوبات على القيادات الحوثية المتورطة في انتهاكات ضد المختطفين، في خطوة نحو محاسبة المجرمين.
يجب على الضحايا وذويهم الإبلاغ عن جرائم الحوثيين وتوثيقها لملاحقة المجرمين وتحقيق العدالة.