إيران اليوم.. من تمساح يهدد الجزيرة إلى سحلية مقطعة الأذيال
عند سقوط العاصمة صنعاء في أيدي الحوثيين، على إثر انقلابهم المشئوم والمشبوه، في العام 2015م، لم تستطع إيران أن تتحفظ على علاقتها بالانقلابيين، أو أن تخفي احتفاءها بما اعتبرته نصراً جديداً أو إنجازاً كبيراً ينضاف إلى مشروعها، الهادف إلى التوسع الطامع في مساحة الوطن العربي عموماً.. لتعلن يومها بكل تباه وغطرسة واستقواء عن سقوط العاصمة العربية الرابعة في يدها، والمعني بها صنعاء بعد بيروت ودمشق وبغداد، موصلة رسالة مفادها أنها تؤسس لامبراطورية فارسية جديدة، وأنها مستمرة بكل قوة وثقة في توسعة هذه الامبرطورية، وعينها على دول ومناطق عربية وتحديداً خليجية أخرى، متعكزة على مسمى الخليج الفارسي بدلاً من الخليج العربي..
ولأنها تعرف جيداً، قبل أن يعرف الكثيرون، أنها تتعكز على مشروع غربي خفي، أتاح لها بل ومد يد العون لها، لتنفذ هذا المشروع الخاص، لتحقيق مصلحة كبرى للغرب الذي من صالحه إثارة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، وذلك عن طريق تقويض الأنظمة ودعم المليشيات المسلحة والعصابات التخريبية كبديل للأنظمة، فسرعان ما تلقت رسائل التهديد والتهدئة، وبدأت تحاول التصريح بعدم وجود علاقة لها بما يحدث من انهيارات وانقلابات وفوضى في بعض الدول العربية، وتحديداً تلك التي أعلنت مسبقاً أنها سقطت في يدها وأصبحت تحت إدارتها وتحكُّمها..
ومع ذلك لم تكن إيران تفوت فرصة أو مناسبة لتلمح أحياناً وتصرح حيناً، حول علاقتها بالمليشيات والعصابات التي كانت سبباً في إثارة الفوضى والإطاحة بالأنظمة، ولم تستطع أيضاً التكتم على علاقتها بنظام الأسد في سوريا، الذي مثل حامية وحاضنة لمليشياتها في بلاده وامتدادها وتوسعها في بلاد العراق.. إلا أنها اليوم وبعد تهاوي جبهتين من جبهتيها في لبنان أولاً ثم في سوريا، وبشكل متسارع ومثير للاستغراب والشبهات أيضاً، تحاول بكل ما أمكن أن تتوارى في ظل الأحداث خرساء، يشوبها الرعب والاستسلام لمشيئات الراعي الرسمي، الذي ساندها خفية وأتاح لها التفرعن في جغرافيا الوطن العربي.. هاهي اليوم تحاول أن تسحب قدر الاستطاعة أذيالها من هنا وهناك وتتخلى طواعية وكرهاً عما يقطع من تلك الأذيال..
ولا أظنها بعدما حصل في لبنان وسوريا ما تزال متمسكة ولا مراهنة على ما تبقى من أذيالها النجسة في العراق واليمن، وستفعل كل ما بيدها وتستطيعه، لإثبات تبرؤها وتنصلها من هذه المليشيات، التي كانت تزايد وتهدد وترعد باسمها، وتعتبرها يدها ومفتتح طرقها للسيطرة على الوطن العربي في الشرق الأوسط.. ها هي إيران اليوم تخسر في برهة موجزة، نصف ما عملت لأجله سنين طوال، وفي الطريق لخسارة البقية الباقية، إن لم تلجأ لعقد صفقة جديدة مع الغربي المهيمن، وهاهي وفي هذه اللحظة تتحول من تمساح يسيطر ويهدد ويبرز فكيه وأسنانه، إلى مجرد سحلية جدران، تفر بنفسها كلما قطع ذيلها لتحصل على مزيد من إتاحة الفرص للبقاء على قيد الوجود.. ومن يدري هل تنجو إلى أن ينمو ذيلها من جديد، أو تلاحقها أيادي الموت إلى مخابئها المظلمة..؟!