Image

مراوغة واستجداء وتحشيد لجولة دماء جديدة .. عصابة الحوثي تقتل السلام على سواحل البحر الأحمر

أكد خبراء ومراقبون دوليون والمحليون للأزمة اليمنية، بأن تصعيد عصابة الحوثي الايرانية في البحر الأحمر وخليج عدن، وجبهات القتال المحلية في اليمن، تقوض بشكل كبير أي جهود تبذل من قبل الامم المتحدة او الوسطاء الدوليين والاقليميين لإحلال السلام في البلاد.
يأتي ذلك التأكيد متزامنا مع جهود مكثفة تبذلها الدبلوماسية السعودية بالتنسيق المباشر مع ايران، ودول غربيها بين ها بريطانيا وروسيا، لمحاولة انقاذ عصابة الحوثي من أي عمليات او اجراءات قد تطالها عند تسلم الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب لزمام الأمور في واشنطن بعشرين يناير 2025.

تحركات الرياض
وشهدت العاصمة السعودية الرياض، امس الاثنين، تحركات مكثفة للدبلوماسية السعودية ممثلة بالسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، الذي التقاء المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ، والسفير ستيفن فاجن، وبحث معهم تطورات الوضع في البحر الأحمر وسبل دعم جهود المبعوث الأممي الى اليمن، للحفاظ على التهدئة والتوصل لحل شامل.
وقال آل جابر في منصة "إكس"، ان اجتماعه مع السفير الامريكي لدى اليمن والمبعوث تيم ليندركنج، ناقش مستجدات وتطورات الوضع في اليمن والبحر الأحمر، وجهودنا المشتركة لدعم مبعوث الامم المتحدة للحفاظ على التهدئة وللتوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن". يأتي ذلك وسط أحاديث عن تجدد النقاشات بشأن إعادة خارطة الطريق برعاية الأمم المتحدة إلى الواجهة، بعد فترة من التوقف، إثر الوضع الإقليمي المعقد، وهجمات الحوثيين على السفن التجارية في المياه المحيطة باليمن.

يأتي الاجتماع بعد ايام من اعلان قيادي في عصابة الحوثي " وكلاء إيران " عن تقدم ملموس في المفاوضات بين العصابة والسعودية بخصوص موضوع خارطة الطريق الاممية في اليمن.
الرياض شهدت ايضا امس الاثنين، سلسلة من اللقاءات التي جمعت مسؤولين يمنيين مع مبعوثين ودبلوماسيين دوليين لمناقشة الأوضاع الاقتصادية المتردية في اليمن وجهود إحلال السلام برعاية الأمم المتحدة.

حالات تصعيد 
وفي مقابل تلك التحركات الدولية والاقليمية، عمدت عصابة الحوثي الايرانية مؤخرا الى التحرك العسكري في الجبهات الداخلية، وضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث اكدت استمرار هجماتها ضد السفن التجارية تحت ذريعة دعم غزة ولبنان، فيما يؤكد خبراء أن تعنت الحوثيين أوصل عملية السلام في اليمن إلى المجهول.
وتثير هذه التطورات تساؤلات حول فرص السلام في ظل عودة تصاعد وتيرة القتال، وسط ترقب حذر لاحتمال استئناف الحرب البرية في أي لحظة، وبشكل يُتوقع أن يكون أعنف من المعارك السابقة.

تحذيرات اممية
وكان المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أكد في احاطته الاخيرة امام مجلس الامن، ان تصعيد عصابة الحوثي الايرانية ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر والمنطقة، يقوض بشكل كبير جهود التهدئة واحلال السلام في البلاد التي تشهد حروبا وصرعا منذ عشر سنوات.
ويرى سياسيون ومراقبون يمنيون، أن "تهديدات عصابة الحوثي لخطوط الملاحة الدولية انعكست بشكل مباشر على خارطة الطريق التي جُمدت منذ إعلانها، خصوصًا وأن الإعلان تزامن مع بدء الحوثيين تنفيذ عمليات عسكرية تستهدف سفن الشحن التجارية بذريعة نصرة غزة وفلسطين".
 
وفي هذا الصدد، قال وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، فياض النعمان: "أعتقد أن صلف جماعة الحوثي الإرهابية وفشل تدابير المبعوث الأممي في إدارة عملية السلام، كانت أهم العوامل التي دفعت عملية السلام إلى أدراج الأمم المتحدة المجمدة والمنسية".
وأضاف النعمان في تصريحات صحفية، "المتابع للتصعيد والأحداث التي تشهدها المنطقة، خصوصًا في المياه الدولية والإقليمية اليمنية، يلحظ مؤشرات واضحة على أن ميليشيا الحوثي غير جادة وغير جاهزة لأي عملية سلام".
وتابع: "أما المبعوث الأممي لليمن، فيبدو أن تحركاته بين عواصم القرار الفاعلة في الأزمة اليمنية والضغوط التي يمارسها على الأطراف المناهضة للميليشيات، تهدف بعد عامين من فشل عمله في تمديد الهدنة وتنفيذ بنودها، إلى إنقاذ سمعته ومحاولة تسويق نجاح، حتى لو كان ذلك على حساب الأزمة اليمنية نفسها".

خارطة طريق جديدة
وخلال الأيام القليلة الماضية، تناولت مصادر اعلامية محلية وعربية، ما اسمته عن خارطة سلام جديدة طرحتها السعودية بالتنسيق مع بريطانيا، وبموافقة ايران وروسيا، يتم التشاور حولها مع اطراف الصراع في اليمن من خلال جهود الوساطة العمانية.
وفي هذا الصدد يرى وكيل وزارة الاعلام النعمان، أن "الأطراف المناهضة للحوثيين وافقت على مجموعة من التدابير التي يمكن العمل عليها لرسم ملامح خارطة طريق للأزمة اليمنية. لكن المكونات السياسية والأحزاب اليمنية تؤكد أنها لم تتسلم خارطة طريق من المبعوث الأممي أو الأطراف الإقليمية والدولية الوسيطة".
وأشار إلى أنه "حتى لو وُجدت خارطة طريق، فإن التصعيد الحوثي في المنطقة والقرصنة في المياه الدولية والإقليمية اليمنية كفيلة بتجميدها، ما يستوجب ضغوطًا دبلوماسية وعسكرية دولية على الميليشيات لإيقاف هذا التصعيد".
ويُرجّح النعمان أن "المجتمع الدولي لن يُكافئ عصابة الحوثي الايرانية التي تستهدف خطوط الملاحة الدولية، بإيجاد خارطة طريق تدعم مشروعها الإرهابي الذي يهدد الأمن المحلي والإقليمي".

صراع بنهكة سلام
ووفقا لمراقبين وخبراء فإن "السلام في اليمن مرتكز بشكل واضح على المرجعيات الأساسية للحل السياسي في اليمن، وأي تهاون في تنفيذ هذه المرجعيات يعني تأجيلًا لجولة صراع دموية قادمة، بمعنى ان جهود التهدئة تجري بنكهة دموية يعد لها الحوثيين ".

ويؤكد المراقبون بأن "أي تقدم سياسي في الملف اليمني، أو استئناف العمل على خارطة الطريق، مرهون بما سينتج عن الادارة الامريكية الجديدة فيما يتعلق بتهديدات الملاحة الدولية في البحر الأحمر والمنطقة، والتي تحدث عنها الرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية بكل حزم، وقال انه يجب وقف تصعيد الحوثيين المدعومين من ايران بكل الطرق من استهداف الملاحة وتأمين الملاحة في البحر الاحمر واصفا الهجمات لاتي تشنها عصابة الحوثي ضد السفن التجارية بالسيئة للغاية.
ويرى المراقبين أن "التحركات التي تجري مؤخرًا في الرياض قد لا ترتبط بالمسار السياسي أو إعادة خارطة الطريق، بل قد تكون مرتبطة بإجراءات عسكرية قادمة ضد الحوثيين".
ويتابعون، أن ادارة الرئيس الامريكي الجديد ترامب، لن تسمح بإنجاز خارطة طريق أو صفقة سياسية في اليمن، قد تصب في مصلحة الحوثيين، في ظل استهدافهم للملاحة الدولية والقطع البحرية الأمريكية في المنطقة".

طريق مسدود
وحول التحركات الاخيرة لاطراف اللعبة المدمرة لليمن، لن تجدي في ظل وجود لاعب جديد سيدخل على خط الازمة في 20 يناير 2025، خاصة وان جميع الطرق التي تم فتحها خلال ادارة الرئيس الامريكي المنتهية صلاحياته بادين قد وصلت إلى طريق مسدود فيما يتعلق بحل الازمة اليمنية سلميا.
وتؤكد بأن التحركات التصعيد التي تنفذها في مدينة الحديدة ومحيطها، استعدادًا لمعارك قادمة، في حين ينظر البعض الى التحركات في الرياض والمنطقة تصب في اطار الاستعداد لما يبدو أنه تصعيد عسكري محتمل، في ظل توقعات بأن يتخذ ترامب نهجًا أكثر تشددًا ضد الحوثيين، على العكس من سلفه جو بايدن".

تهديدات حوثية 
وكانت عصابة الحوثي وعلى لسان زعيمها عبدالملك الحوثي، هددت باستهداف موانئ ومطارات ومنشآت نفطية وبنوك خليجية ، ما يؤكد على رغبة العصابة الايرانية في التصعيد والتنصل من السلام، واعتبار المفاوضات مجرد كسب للوقت للمزيد من التسلح.
وتهدد الجماعة، التي اعتادت على شن الحروب بنقل معاركها العبثية المضرة باليمنيين، من استهداف حركة الملاحة جنوبي البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عدن، إلى تهديد الأمن الإقليمي.
تهديدات الحوثي بالتصعيد واستهداف الخليج، تلتها محاولة استجداء واسترضاء من قبل قيادات حوثية للسعودية بشأن الموافقة على احلال سلام مع العصابة بعيدا عن الاطراف اليمنية او مصالح اليمنيين، والاكتفاء بالحفاظ على كيانها وضمان مصالح السعودية فقط.

استرضاء وتحشيد 
وتأتي تصريحات الاسترضاء والاستجداء الحوثية للسعودية متزامنا مع قيام العصابة الايرانية بعمليات تشحيد واسعة تقوم بها منذ اشهر في اطار ما تسميه الاستعداد لردع عدوان امريكي مرتقب عليها في الساحل الغربي.
وذكرت مصادر مطلعة بأن عصابة الحوثي نفذت مؤخرا عمليات تجنيد مكثفة في اوساط المهاجرين الأفارقة والفئات المهمشة، في إطار استعداداتها لجولات قتال مرتقبة في مناطق مثل الساحل الغربي، تعز، ومأرب، وسط عزوف أبناء القبائل عن الانضمام إلى صفوفها.
وأشارت تقارير حقوقية ومصادر محلية إلى اعتماد عصابة الحوثي بشكل متزايد على تجنيد مهاجرين أفارقة، خاصة من الصومال وإثيوبيا، مستغلة الظروف الاقتصادية القاسية والوضع الإنساني المتدهور.
وحسب المصادر، فإن عمليات التحشيد والاستعداد للتصعيد من قبل عصابة الحوثي، تزيد من تفاقم الازمة الانسانية التي تعيشها البلاد، فضلا عن تسببها في افشال جميع الجهود الاممية والاقليمية والدولية الرامية لإحلال سلام في البلاد، فالتصعيد في البر والبحر، يهدد بشكل مباشر أي عمليات سلام.