Image

عَلم اليمن .. رمز الاستقلال والوحدة.. ذكرى 30 نوفمبر.. أخلدي خافقة في كل قمة

يتعرض العَلم الجمهوري اليوم لمؤامرة مزدوجة من قبل عصابة الحوثي الايرانية في شمال البلاد، والأدوات التي افرزتها الأزمة في جنوب الوطن، فيما يُعد العَلم رمزا وطنيًا ثابتًا منذ رفعه لأول مرة في عيد الاستقلال 30 نوفمبر 1967 في مدينة الشعب في محافظة عدن، عقب خروج آخر جندي بريطانيا من الوطن.

وعمدت عصابة الحوثي الإيرانية مؤخرا الى منع من يحمله ويرفعه او حتى ينشر صورًا في مواقع التواصل الاجتماعي وهو يتغنى به باعتباره رمزًا وطنيًا ثابتًا يجسد مراحل التحرير الذي مرت به اليمن شمالًا وجنوبًا في ستينيات القرن الماضي، وقامت تلك العصابة الايرانية باعتقال كل من يرفع العَلم بالمناسبات الوطنية، في حين تبيح رفع صور وشعارات إيرانية تجسيدًا لولائها الفكري والعقائدي بالنظام الايراني راعي الإرهاب الأول في العالم.
وفي جنوب الوطن حيث رفع العلم الوطني في أعظم مناسبتين وطنيتين في حياة اليمنيين جميعًا، الأولى في عيد الاستقلال 30 نوفمبر، والثانية في إعلان قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، يمنع رفعه بالقوة، فيما يعتبر مؤامرة مزدوجة بين تلك المكونات والحوثيين التي رعت نشأتهما ايران في سنوات ماضية.

علم الاستقلال ..أول من رفعه
وبالعودة إلى تاريخ الاستقلال من المستعمر البريطاني، نجد أن اول من رفع علم الاستقلال في 30 نوفمبر 67، هو احد مناضلي التحرير الذي انطلقت شرارتها الأولى في 14 كتوبر من العام 1963 في ردفان واستمرت حتى العام 1967، حيث قام المناضل الكبير اللواء أحمد محمد عرب الحسني، برفعه عند خروج المستعمر البريطاني ايذاناً باستقلال جنوب الوطن، والقضاء على مشاريع الاستعمال المختلفة التي حاول المستعمر زرعها خاصة فيما سمي "اتحاد الجنوب العربي".
وشغل المناضل الفقيد عرب، أركان الجيش وعُيّن أول رئيس لهيئة الأركان العامة، عقب الاستقلال وهو ما يجهله الجيل المهرول نحو إعادة انتاج الصراعات التي حاول المستعمر البريطاني زرعها ما بعد ثورة ١٤ اكتوبر الخالدة.
وأحمد محمد عرب هو شقيق نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الأسبق الفريق حسين محمد عرب ووالد الرجل المتواضع المحترم العميد عبدالله عرب أحد الكوادر الوحدوية التي عرفت بوفائها لليمن والوحدة اليمنية حتى اليوم.
وحول سيرته العملية، يُعد اللواء الركن أحمد محمد عرب الحسني من ابناء "ال حسنه" من مواليد 1 مايو من العام 1923 في قرية مقرن، بمديرية مودية محافظة أبين.
حيـاته العسكرية :
- التحق في نوفمبر 1943 بالقوات المسلحة.
- في ديسمبر 1951 رشح للدراسة في جامعة أم درمان في السودان وبعد التخرج ترقى من رتبة نائب الى رتبة ملازم
- في يناير 1958 رشح للدراسة في المملكة المتحدة
- في نوفمبر 1958 ترقى من رتبة ملازم -2 الى رتبة رائد وعين في منصب قائد سرية
- في مارس 1961 عين في منصب مساعد قائد كتيبة
- في يناير 1963 رقي الى رتبة المقدم وتم تعيينه في منصب قائد كتيبة
- في عام 1965 رقي الى رتبة العقيد وعين منصب قائد منطقة كأول قائد يمني
- في عام 1967 عين في منصب اركان حرب الجيش
- كان أول من رفع علم الجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بعد الإستقلال
- بعد الاستقلال عين في منصب أول رئيس لهيئة الاركان العامة للجيش
- في ديسمبر 1967 أحيل للمعاش التقاعدي من الحياة العسكرية ليبدأ مشوارا جديدا في الحياة المدنية
- في 26 يونيو 1968 عين محافظا لمحافـظة أبيـن كثاني محافظ لهذه المحافظه بعد الاستقلال
- في مايو 1969 عين مستشار لوزيرة الادارة المحلية
- في اكتوبر 1969 عين نائبا لوزيرة الداخلية
- في ابريل 1980 أحيل للتقاعد
- في 22-11-2007 توفي الى رحمة الله عز وجل عن عمر نـاهز 84 عاما ودفن في مسقط رأسه بمديريـة موديـه في قريـة (مقرن).

رمز القومية العربية 
امتزجت ألوان العلم الجمهوري الحالي لليمن، بما عرف في فترة خمسينيات وستينيات القرن الماضي بالمدى التحرري من الاستعمال في العالم العربي، فاختذته الجبهة القومية في جنوب الوطن علما لها بألوانه الاحمر والابيض والاسود، قبل ان يتم اضافة المثلث الازرق والنجمة الحمراء من قبل الحزب الاشتراكي الذي تأسس في 1978، يعني بعد الإستقلال ب11 سنة .
وعد 30 من نوفمبر 1967، المحطة الاخيرة من مراحل ثورة 14 أكتوبر المجيدة، حيث تم بهذه المرحلة تحرير جنوب الوطن من الاستعمار البريطاني، وإعلان استقلاله وتوحيد أجزائه المفرقة في دولة واحدة هي "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" قبل ان يتم اضافة كلمة "الديمقراطية" اليها من قبل الحزب الاشتراكي.
وتعد الجبهة القومية احمد أهم الفصائل النضال المسلح ضد الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن حينها، وتسلم السلطة عقب الاستقلال وتولى أمين عام الجبهة قحطان الشعبي رئاسة الشطر الجنوبي من الوطن عقب الاستقرار كأول رئيس للجمهورية المعلنة حينها.

مفاوضات الاستقلال
قبل رفع علم الاستقلال في مدينة عدن من قبل المناضل عرب عقب خروج آخر جندي بريطاني من جنوب الوطن، خاضت الجبهة القومية حينها مفاوضات مع المحتل البريطاني الذي تم بموجبه أعلن الاستقلال وأستلم مقاليد السلطة وأدار البلاد وتقسيمها الى ست محافظات.
بدأت المفاوضات بين الجانبين في 21 نوفمبر 67، واستمرت حتى 29 نوفمبر 67، حيث تم تشكيل وفدين م الجانبين صدر بقرار التوجه الى جنيف بتوقيع عبدالله الخامري من القيادة العامة (الممثل الشرعي والوحيد للجبهة القومية)، كما جاء في ديباجة قرار التشكيل وقبلت بريطانيا بتسمية وفد الجبهة القومية فالأمر عندها لا يختلف !
وضم وفد الجبهة القومية حينها: 
ـ قحطان الشعبي رئيساً
ـ سيف أحمد الضالعي عضوا
ـ خالد محمد عبدالعزيز عضوا
ـ عبدالفتاح اسماعيل الجوفي عضوا
ـ العقيد/ عبدالله صالح سبعه عولقي  عضوا
ـ فيصل عبداللطيف الشعبي  عضوا
ـ محمد أحمد البيشي عضوا
ـ أحمد علي محسن سكرتيراً
ـ عبدالله علي عقبه مستشاراً
ـ المقدم /محمد أحمد السياري  مستشارا
ـ المقدم /حسين بن مسلم المنهالي 
ـ د/ محمد عمر الحبشي 
ـ السيد /محمد أحمد عقبه 
ـ السيد/ أبوبكر سالم قطي 
ـ محمد سعيد مدحي 
ـ عادل خليفه
ـ ملكه عبدالله أحمد
في حين شمل الوفد البريطاني:
اللورد شاكلتون او بي آي رئيساً (وزير بريطاني بلاوزارة) ومعه (15) بريطاني اعضاء في الوفد موزعين كأعضاء في لجان المفاوضات وكذا السكرتارية والترجمة وخلافه .

سقوط المشروع البريطاني
تناولت الوثائق التاريخية مراحل سقوط المشروع البريطاني الاستعماري في جنوب الوطن، بالكثير من التفصيل، نقتبس منها ما يتعلق بمشروعها الفوضوي الذي ارادت تركه لليمنيين كي يقتتلون حوله لأنها يغيب الهوية اليمنية عن أهم جزء من البلاد الذي ظل موحدا حتى زوال عهد الاحتلال العثماني للبلاد العربية في العام 1918، رغم احتلال بريطانيا لجنوب الوطن في 19 يناير 1839.
وعندما قرر البريطانيون مغادرة جنوب الوطن تحت نيران المناضلين الاحرار في ثورة 14 اكتوبر يساندهم ثور اليمن واحرارها في تجسيد لواحدية الثورة اليمنية ضد الامامة والاستعمار، حيث قررت بريطانيا سحب قواتها من عدن في بداية عام 1967، عندها حكم على مشروعها في تقسيم الجنوب الى سلطنات بالموت، فقد تخلى عنهم أصدقاؤهم الإنكليز كما تخلت عنهم قبائلهم الخاصة بهم . هكذا سقطت إماراتهم كأوراق الخريف بلا قتال تقريباً.
إن ميزة هذه الفترة الأكثر بروزاً هي بدون شك الاتساع الذي أخذته الحركة الوطنية للتحرر معرِضة بذلك سياسة المملكة المتحدة في اليمن الجنوبي للفشل و مبعدة قادة الاتحاد التقليديين.

مؤتمر لندن 1965
في محاولة أخيرة لإنقاذ البناء الذي شيد سنة 1959 من قبل المحافظين ، دعا العماليون في شهر أغسطس 1965 إلى عقد مؤتمر جديد في لندن، اشترك فيه بالإضافة إلى البريطانيين والزعماء التقليديين ، ممثلون عن حكومة عدن وسلطنات حضرموت و قادة حزب الشعب الاشتراكي ورابطة الجنوب العربي.
وكان الاجتماع يرمي إلى البحث عن الوسائل التي يمكن بواسطتها التقريب بين مواقف الأحزاب والفئات المتنازعة محلياً بقصد تشكيل ( حكومة اتحاد وطني) كانت المملكة المتحدة تنوي تسليمها السلطة في وقت لاحق. 
فبالاتفاق الضمني مع لندن أتخذ المندوب السامي في شهر سبتمبر 1965 القرار الخطير القاضي بتعليق دستور عدن ، و بتنحية حكومة مكاوي .كان ذلك الأمر نهاية حقبة و بداية عهد جديد ستكون ميزته الأساسية التقدم المظفر للقوى الوطنية .

جبهة تحرير والجبهة القومية
تم إنشاء منظمة التحرير سنة 1965، التي نبثقت منها ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) فقد كان ، مع ذلك ، رغبة قادة حزب الشعب الاشتراكي في إنقاذ الجامعة النقابية ( المؤتمر العمالي العدني ) التي قوضتها جدياً ( الجبهة القومية للتحرير ) التي توصلت سنة 1965 إلى كسب ست نقابات من أقوى نقابات المنطقة إلى جانبها .
كانت منظمة التحرير تطمح منذ البدء إلى تجميع كل أحزاب المعارضة في داخلها .
وحينها انهارت صورة علم ما سمي الجنوب العربي الذي لم يرفع في الجنوب بعد 30 نوفمبر 1967إلا أن الحدث الأكثر أهمية و بروزاً كان دخول ( الجبهة القومية للتحرير ) في المنظمة الجديدة. و حسب أقوال بعض المراقبين، يمكن أن يكون الدخول قد فرضه عليها مع ذلك بعض زعمائها الذين كانوا قرروا ، بمبادرتهم الخاصة ، إلزام ( الجبهة القومية للتحرير ) بدون استشارة قيادتها العليا . كذلك لم يكن هذا السراب من التعليل مقبولاً تماماً . فلم تلبث المنازعات أن ظهرت بجلاء .
كان قادة منظمة التحرير السابقة المتمرسون في العمليات السياسية و الميالون قليلاً إلى النضال المسلح الذي كانت ( الجبهة القومية للتحرير ) تقوده منذ اكتوبر1965 ، يريدون أن يكونوا رجال سياسة قبل كل شيء ، بينما كان قادة ( الجبهة القومية للتحرير ) يعتبرون أنفسهم كرجال فعل و عمل . هكذا كان مفهوم العمل الثوري الذي ينبغي الشروع به لتحرير البلد من النير الاستعماري يختلف كلياً من جماعة لأخرى .
شهدت تلك الفترة خلافات حول السياسة التي ينبغي نهجها ، بعد طرد الاستعمار والرجعية أكثر مما كانت تدور حول نضال التحرير بمعناه الحقيقي .  تبدو هذه الخلافات كأنها تعبر دوماً عن الفرق الذي يفصل زعماء المنظمتين الوطنيتين المتنازعتين .
وفي 13 يناير 1966 تم فسخ العقد بين تلك التحالفات واستعادت ( الجبهة القومية للتحرير) حرية عملها وكثفت نشاطها العسكري في مناطق البلد الداخلية والأعمال الإرهابية في المراكز الحضرية . و في نفس الوقت قوت و وطدت أوضاعها في الجيش و الشرطة و النقابات و في صفوف المثقفين الشبان ، و ازداد تأصلها في الأرياف . و مع تبني هذا الخط القاسي عرفت الحركة الثورية تحولاً حاسماً.
تأسست الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل في 14 أكتوبر 1963 ، و كانت المحرك الحقيقي للتمرد المسلح في قبائل ردفان ولأحداث الثورة بوجه عام .