الخوف من المعرفة يقودها لممارسة تدمير ممنهج .. جرائم حوثية لا تنتهي ضد العملية التعليمية في اليمن
تُعد مهنة التعليم من أشرف المهن وأقدسها في المجتمعات البشرية، فالمعلم يتولى مسؤولية عظيمة تتمثل بتغذية العقول بالعلم والمعرفة، وتنشئة الأجيال ليخدموا أنفسهم ووطنهم بسلاح العلوم المختلفة ..
ومن هذا المنطق، تجد عصابة الحوثي الايرانية، نفسها مستهدفة بشكل كبير من العلوم والتعليم، باعتبارها أحدث أبرز بؤر التخلف ليس في اليمن فقط بل بالمنطقة والعالم، وما استخدامها للخرافة والعنف والبطش من أجل فرض بقائها في المجتمع إلا خير دليل على ذلك.
أداة لتسميم العقول
وخلال السنوات العشر الماضية، اتخذت عصابة الحوثي التعليم أداة لنشر العنصرية والطائفية وثقافة الارهاب وسفك الدماء، عبر تغيير المناهج، وتسميم عقول الأجيال بالكراهية، حيث شكل العبث بالتعليم تهديدًا وطنيًا، وخطرًا أمميًا يهدد السلام والتعايش الإنساني.
وسعّت العصابة الايرانية ذات الفكر الايراني المبني على الخرافة وتقديس الأشخاص وممارسة الرذائل، إلى تدمير التعليم في اليمن بهدف خلق مجتمع جاهل يخضع لها ويتيح لها التحكم به والسيطرة عليه، وإقحامه في حروبها العبثية لاستعادة ما يسمى "الحق الإلهي" المزعوم بحكم العالم العربي والإسلامي.
ومن خلال الاعتداء على مناهج التعليم، وتغييرها بما يوافق أفكارها الايرانية المبنية على الخرافة والإرهاب، عملت العصابة على نشر الإرهاب والتطرف وزرع الكراهية وتفخيخ الأجيال القادمة وتحويلهم إلى قنابل موقوتة تهدد استقرار اليمن والمنطقة لعقود قادمة.
تدمير المدارس
وخلال عقد من الصراع والحروب التي قادتها عصابة الحوثي، عملت على تدمير أكثر من 2000 مدرسة اما بشكل كلي او جزئي، في مختلف المحافظات التي اجتاحتها، فضلًا عن تسببها بحرمان أكثر من مليوني طفل من الدراسة، بحسب منظمة اليونيسف.
كما تسببت عصابة الحوثي بحرمان أكثر من 4.5 مليون طفل من التعليم جراء النزوح الى مناطق نائية تفتقد لأبسط مقومات الحياة، وتنعدم فيها مقومات التعليم، كما هو الحال في صحراء مأرب والجوف، ومناطق متعددة في الساحل الغربي للبلاد، حيث توجد أكبر مخيمات النزوح التي تضم أكثر من 6 ملايين نازح يمني.
وأجبرت عصابة الحوثي الطلاب النازحين على خوض تجربة التعليم تحت الأشجار، وفي الوديان، وتحت ظروف معيشية صعبة يتعرضون فيها إلى كوارث طبيعية وأمراض متعددة تساعد في حرمانهم من التعليم.
وحذّرت مصادر تربوية متعددة، بأنه في حال استمرت عصابة الحوثي في العبث بالعملية التعليمية واستغلال المدارس في نشر أفكارها الطائفية ومعتقداتها العنصرية ستكون تداعياتها كارثية بكل المقاييس على اليمن والمنطقة.
جرائم ضد التربويين
ومن أبرز الجرائم التي ارتكبتها عصابة الحوثي ضد العملية التعليمية، حرمان المعلمين والمعلمات والكوادر التربوية من مرتباتهم التي قطعتها منذ العام 2016، ووصل الحال ببعضهم الى البحث عن أعمال شاقة لتوفير متطلبات حياة أُسرهم اليومية.
كما عمدت عصابة الحوثي الى اعتقال العديد من الكوادر التربوية والزج بهم في معتقلاتها واتهامهم بتهم كيدية مثل التجسس والتسبب بتدمير التعليم، كما هو الحال مع الدكتور محمد حاتم المخلافي الذي يُعد من أهم الكوادر التربوية والتعليمية في البلاد، ومن العقول التي ساهمت في تأسيس ووضع أركان ولَبِنات التعليم الذي تم الزج به في سجون العصابة في صنعاء.
وحسب إحصائية حقوقية، يوجد في سجون الحوثيين اكثر من 65 تربويًا ومعلمًا تم اختطافهم من مراكز أعمالهم أو منازلهم لاو الشوارع، دون معرفة الأسباب، فقط لافساح المجال أمام عناصرها لتحل محلهم لتنفيذ مؤامرة استهداف العملية التعليمية ونشر الأفكار الإيرانية الإرهابية.
تقارير تحذيرية
ومن خلال تتبع التقارير الدولية التي تناولت أوضاع العملية التعليمية والتعليم في اليمن، يتضح بأن عصابة الحوثي عمدت بشكل ممنهج لتدمير التعليم وتجزئة نظام التعليم في جميع انحاء البلاد، والتي ادت لحرمان 10.6 مليون طالب وطالبة من الالتحاق بالمداس او الحصول على تعليم صحيح .
وكشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف، مؤخرًا، أن أكثر من 4.5 ملايين طفل في اليمن خارج المدرسة، بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح في البلاد.
وتقول المنظمة على موقعها الرسمي، إنه منذ بداية النزاع في مارس 2015، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثارًا مدمرة على النظام التعليمي في البلاد وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.
وأكدت اليونيسف أنه كان للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلا تأثير بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية لكافة الأطفال في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.
وبحسب الإحصائيات التي قدمتها، فقد دمرت 2.916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل 4 مدارس) أو تضررت جزئيًا أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهدته البلاد.
كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين -ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة- على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016 أو أنهم انقطعوا عن التدريس بحثًا عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.
تدمير المجتمع
وفيما كان النظام التعليمي في اليمن لديه مميزات نوعية في عهد الدولة والنظام الذي كان قائمًا قبل فوضى 2011 وانقلاب 2014، ومنها أنه غير مجير لصالح اتجاه معين وانما يكرس ثقافة الوحدة المشتركة والهوية الجامعة لكل الألوان.
عملت عصابة الحوثي على استهداف التعليم والمعلمين والمتعلمين والمثقفين والمحترمين من كل فئات المجتمع، بشكل مباشر من خلال إسناد مهمة الإشراف على التعليم وإدارته إلى مجرمين وقطاع طرق غير مؤهلين، قبل ان تقوم بعملية تغيير لمناهج التعليم وتفخيخها بأفكار ومعلومات ومواضيع تمجد الارهاب والارهابيين والقتلة والمجرمين.
كما أقدمت على محاربة المعلمين والتربويين في معيشتهم فقطعت عنهم المرتبات ومنعت عنهم المساعدات الدولية والمحلية، وصادرتها لصالح عناصر الارهابية، وجعلت من العلم والتعليم والمعلمين أعداءً للمجتمع، وهي أبرز صور التخلف التي تعيشها تلك العصابة القادمة من كهوف العصور الوسطى.
وتحاول عصابة ايران تحويل المجتمع الى مجتمع جاهل مليء بالجهلة والاميين والمتخلفين المؤمنين بالخرافة التي تروج لها ليل نهار، والتي تجسدت مساعيها في استبدال المناهج الوطنية بأخرى مليئة بالافكار الارهابية المفخخة القادمة من حوزات الجهل والضلال والارهاب في ايران.
كما تسعى تلك العصابة المتخلفة الى اعادة البلاد الى زمن التخلف الامامي، من خلال محاربة التعليم والقائمين عليه، وتحويل منشآته الى اماكن لتفخيخ العقول وتصدير افكار الثورة الخمينية ذات الابعاد الخبيثة الهادفة للسيطرة على الأمة العربية والمناطق المقدسة في مكة والمدينة لتحويلها الى حوزات طائفية.
ومن خلال الملاحظ فقد عمدت العصابة الايرانية الى تحويل المناهج الدراسية للعام الدراسي الجديد بمرحلتيه الأساسية والإعدادية عبر نحو 420 تحريفاً تكرس أفكارها العقائدية، إلى مناهج عقائدية طائفية تشبه ما يتم تدريسه في ايران.
تحريفات ممنهجة
وفي هذا الصدد أفادت مصادر تربوية في صنعاءـ أن قيادة عصابة الحوثي في وزارة التربية والتعليم أجرت "تحريفات ممنهجة وجوهرية" على مناهج التعليم بما يكرس نهجها وأفكارها.
وأضافت أن المناهج الدراسية للعام الدراسي الجديد، بمرحلتيه الأساسية والإعدادية، أظهرت إجراء عصابة نحو 420 تحريفاً تكرس لفكرة "الاستحقاق الإمامي للحكم في اليمن" و"تعزيز الحق الإلهي للسلالة الإمامية بالأحقية بالثروة" ووجوب التبعية والتسليم لأمر قياداتها ورموزها.
خدمة ايران وفكرها
وأوضحت المصادر أن هذه التغييرات في المناهج الدراسية الجديدة التي طبعها الحوثيون جعلت النصوص تخدم بالدرجة الأولى أجندتهم من خلال تغيير وقائع التاريخ وتزييفه، وتسييس الرواية التاريخية، وتأويل الآيات والأحاديث النبوية بما يخدم أفكار الحوثي، وفقاً لما نقله موقع "نيوزيمن" الإخباري.
وذكرت أن العصابة حذفت من المدارس الدروس التي تناولت سير الشخصيات اليمنية التاريخية التي قاتلت مع المسلمين ضد الفرس مثل درس عمرو بن معد يكرب الزبيدي الذي شارك في معركة القادسية وقتل رستم، وأضافت دورساً عن معركة كربلاء وفقاً للسردية الإيرانية الغارقة في التجييش ودعوات الثأر لأحداث وقعت قبل 14 قرناً.
وبحسب المصادر، فإن عصابة الحوثي حذفت دروساً تتعلق بذكرى 26 سبتمبر وهي ذكرى الثورة اليمنية التي قامت ضد حكم الإمامة في 1962، وأدخلت تعديلات طائفية مثل فكرة "الولاية"، وتمجيد رموز الميليشيات الإرهابية، وزرع أفكار تحث على العنف.
ولفتت المصادر إلى أن تغيير المناهج يأتي ضمن مساعي الحوثي ونظام طهران لخلق واقع فكري واجتماعي جديد، في إطار صناعة جيل ملغم بالأفكار الطائفية بما يضمن أهدافهم البعيدة، ويؤطر للوجود العقائدي للمشروع الإيراني في اليمن.
وأشارت المصادر إلى أن عصابة الحوثي عمدت من خلال المناهج الجديدة المحرفة على تجريف التعليم والهوية الوطنية والعربية القومية، وفرضت أفكاراً عقائدية تساهم في تشبع الطالب بأيديولوجية قتالية متطرفة، وتجعله سهل الانقياد لمعاركها.
مؤشر جودة التعليم
وتسببت عصابة الحوثي من خلال اعتداءاتها المتكررة وجرائمها المرتكبة ضد التعليم خاصة التعليم الجامعي الذي حولته لخدمة فكرها وعقائدها الطائفية والمذهبية وفكرها الارهابي، في حذف اسم اليمن من تقرير مؤشر جودة التعليم منذ العام 2019.
وحسب مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، عن خروج (6) دول عربية من التقييم العالمي في جودة التعليم، وهي: اليمن، سوريا، العراق، ليبيا، السودان، الصومال، لافتقادها معايير الجودة في التعليم.
واعتبرت عصابة الحوثي ذلك منجزا تاريخيا لها، وهو منجز يجعل من الطلاب اليمنيين خارج أي مؤشرات وتقييم دولي، ويخرجهم من معادلة الاعتراف بمخرجات التعليم الجامعي في البلاد.
وحقيقة هو منجز تاريخي للحوثيين يخدم اجنده الإمامة التي ترى في العلم عدوا لها وفي الجهل حليفا وفيا يحقق أطماعها، وتجعل من التعليم على وشك الانهيار بالكامل.
وخلال الفترة التي تلت استشهاد الرئيس الراحل الزعيم علي عبدالله صالح، عمدت عصابة الحوثي الى تخصيص اموال طائلة لاستهداف التعليم، وعقول الطلاب بافكار طائفية تتبنى العنف والكراهية والارهاب الدموي المسلح، من خلال المناهج والمراكز الصيفية.
وحولت عصابة الحوثي العديد من المدارس إلى أماكن للتعبئة والتحشيد للطلاب مستبدلاً المناهج التعليمية بمنهج يخدم مشروعه وحربه، قطع مرتبات المعلمين، واختطف كل من طالب بحقوقه.
وتؤكد مصادر تربوية ان ما تقوم به عصابة الحوثي في المدارس والمناهج الدراسية يضرب النسيج الاجتماعي ويقوض أسس التعايش السلمي في اليمن والمنطقة.
حملة مواجهة
وفي هذا الصدد أطلق عدد من النشطاء والإعلاميين الساعة الثامنة من مساء امس الأربعاء 2024/11/20 حملة إعلامية واسعة لإدانة الحوثي بسبب تطييفه للتعليم بمناطق سيطرته.
واختارت الحملة هاشتاق "لا_لتطييف_التعليم" بهدف إبراز خطورة التعديلات التي فرضتها عصابة الحوثي على المناهج الدراسية، واستهدافه للهوية اليمنية واستبدالها بأخرى إيرانية لنشر الفكر الطائفي وتشكل تهديدا للأجيال القادمة وانتزاع اليمن من محيطه العربي.
ودعت الحملة الحكومة ووزارة التربية والتعليم إلى القيام بدورهما في مواجهة استهداف التعليم، الذي يهدد الأجيال القادمة.
ولقيت الحملة منذ انطلاقها رواجًا كبيرا وإقبالا واسعا من مختلف الأطياف اليمنية خاصة التي تمتلك الوعي بأهمية الحفاظ على الهوية اليمنية في محيطها العربي.