من القلب دموع عراقية ...على أعتاب تاج محل

06:24 2024/11/09

كتب لى الأخ والصديق العزيز الكاتب والأديب العراقى الدكتور كريم فرمان رسالة يحكى لى فيها عن زيارته للهند مؤخرا ،وقد أمتعتنى رسالته وأشجتنى فى آن واحد ،وأسوق هنا مقاطع من الرسالة فقد وجدتها أبلغ تعبير عن الشعور

بالأسى على حال أمتنا ،يقول عن تاج محل : وقفت أمام هذا التاج أو المحل العظيم مشدودا لعظمته ومتحسرا على حكامنا الذين امتلكوا كل شىء وصادروا كل شىء ،ولم يتركوا لنا حتى أثرا جميلا لحبهم لأوطانهم أوحتى لزوجاتهم الحسناوات ،فالهند التى ظللنا نسخر منها لعقود طويلة ،بلد المليار نسمة وبلاد العجائب والمتناقضات لاتشبه أى بلد فى العالم ،ومثلما قال لى صديق هندى :انظر إلى الأسواق فالطعام كله من أرضنا ولايوجد من يموت جوعا ،وأضاف :نحن نطعم كل يوم مليار نسمة من الأرز البسمتى ونصدر مثلها إلى الخارج

ويضيف الكاتب العراقى : هذه هى الهند التى تنتج القنابل الذرية وتتكلم 14 لغة رئيسية و24لغة فرعية و7 أديان من غير حكومات طائفيةو6 مجموعات عرقية من دون دولة عنصرية .

ويتذكر :لقد سرنى يوما أن حضرت قبل سنوات حفل تتويج رئيس جمهورية الهندالعالم النووى زين الدين عبد الكلام ،وقد رأيت الهندوس قبل السيخ يحتفلون به وكأنه عريس فى ليلة عرسه ،وخاطبه زعيم الأغلبية فى البرلمان قائلا :ياسيدى لو كان فى الهند شيئا يستحق أن نكرمك به غير منصب الرئاسة لتخليد عظمة عطائك لبلادك لمنحناك إياه .

ويضيف العراقى الدكتور كريم فرمان:وحينماأطل العالم النووى الهندى زين الدين عبد الكلام فى القاعة دمعت عيناى

وأنا من لاعلاقة لى بالحفل حينما رأيت نخبة الهند تنحنى قاماتهم لعبد الكلام فرحا وإجلالا ، حيث تذكرت بأن الرجل لم يسأله أحد هل هو سنى المذهب أم شيعى أو إن كان من العرب أم البربر أم ......!!

ويقول فرمان :هذه هى عظمة الهند التى تستحق التبجيل والدرس منا نحن العرب من أرباب الطوائف والعصبيات وهى من أكبر ديمقراطيات العالم ،وكما قال زعيمها نهرو: نحن لسنا أمة واحدة ولكن نحن أمم فى دولة ....نعم لقد شيدوا دولة تحترم العقل والدين والعلم والموروث .

ويستدرك الأخ والصديق العراقى حديثه فيعيدنى مرة أخرى إلى تاج محل الذى ذكر فى بداية خطابه أنه سيحدثنى عنه ولكن يبدو أنه نسيه بعض الوقت فى غمرة انسغاله بشئون وشجون أمته التى لم تستطع استيعاب التنوع والتعدد فيها وهما مصدر ثرائها لو تدرى، وقدتعاملت معهما فى الأغلب الأعم باعتبارهما تناقضات يجب إما إزالتها أوالقضاء عليها أوتطويعها أو دمجها أو كبتها وهو ما أدى فى نهاية المطاف إلى هذه الانفجارات المروعة التى تتوالى فى دولنا الواحدة تلو الأخرى دون أن تتعظ واحدة بما سبق فى أختها وكأنه قدر عليها جميعا أن تتجرع من ذات الكاس المر وأن تساق إلى ذات الحتف.

يقول :أما تاج محل الأثر العظيم لأجمل قصة حب خالدة بين جيهان شاه الملك المغولى وزوجته ممتاز محل فهو أحد عجائب الدنيا السبع ولايزال يقف شامخا رغم السنين على ضفة نهر مدينة أكرا الهندية وقد استمر بناؤه عشرين عاما وقام ببنائه عشرات الألاف من البنائين والصناع والعمال الذين جاءوا من كل بقاع الأرض ليشيدوا للإنسانية صرحا كبيرا بحجم قلب أكبر عاشق مغولى حكم الهند وترك لنا ملحمة إنسانية تجسدت على شكل ضريح عملاق عمره الآن 350سنة قال عنه الزعيم نهرو:هذا ليس قبر إنه أغنية من المرمر،ووصفه الشاعر الانجليزى أرنولد بقوله : تاج محل ليس بناء وإنما هو تعبير عن حب امبراطور كتب بأحجار الجنة ،وحينما زاره الرئيس الأمريكى بيل كلينتون كتب مندهشا فى سجل الزيارات : الآن أدركت أن الناس صنفين ،الأول من رأى تاج محل والثانى من لم يره .

وكانت آخر كلمات الملكة ممتاز محل لزوجها جيهان شاه قبل ان تموت وهى تضع مولودها الأخير خلال حملة عسكرية معه فى ربيع عام 1631 عبارة عن وصية ثلاثية رائعة تقول فيها:أرجوك لاتتزوج بعدى ،لن تحب امرأة مثلى ،لاتنس أن تزور قبرى ،والغريب فى وصيتها أنها لم تقل لزوجها إكراما له : إنك لن تجد امرأة تحبك مثلى ،بل قالت له : لن تحب امرأة مثلى  ،وقد التزم شاه جيهان بوصية زوجته الحبيبة فلم يتزوج الرجل من بعدها ولم يحب امرأة غيرها ،وابتنى لها قبرا شامخا خلدها طول الدهر.

آخر الكلام :

يقول المفكر والمصلح السياسي العربى عبد الرحمن الكواكبى : "أصل الداء هو الاستبداد السياسى "

ويقول الشاعر الهندى الكبير طاغور:

النصر لك

النصر لك دوما أيها القلب الشجاع

النصر للحياة

النصر للفرح ...للحب...للنور الخالد

سينقضى الليل وسيمحى الظلام

تمسك بالايمان ايها القلب الشجاع

استيقظ من النوم

من فتور اليأس

واستقبل بالاغانى

نور الفجر الجديد 

....................