اليمن في اليوم العالمي للطفل.. طفولة بائسة وحقوق مهدرة.. ومستقبل ضائع

قبل 8 ساعة و 30 دقيقة

أثّر الصراع في اليمن نتيجة انقلاب عصابة الحوثي الايرانية على الدولة في 2014 وفوضى 2011، بشكل كبير على أطفال اليمن، وجعلهم محرمين من ابسط حقوقهم المتمثلة بالتعليم وخدمات الرعاية الصحية ومبادرات الحماية، ضمان مستقبل أفضل لهم.
وفي اليوم العالمي للطفل "20 نوفمبر"، توشك الطفولة في اليمن على الهلاك نتيجة استمرار الصراع وحروب والحوثيين الذين عمدوا بشكل كبير على استهداف هذه الشريحة الهامة في المجتمع، باعتبارها الاكثر اهمية لمستقبل البلاد، وجعلوا منهم أبرز الضحايا واكثر من يدفعون الثمن جراء استمرار انتهاكات وجرائم عصابة الحوثي الايرانية ضدهم.

بعد 35 عاما 
وبعد مرور 35 عاما على توقيع الجمهورية اليمنية على اتفاقية حماية الطفولة، توشك البلاد اليوم القضاء على جيل كامل من الأطفال، إذا لم يتحرك الضمير العالمي ويعمل على وقف جرائم وانتهاكات عصابة الحوثي واطراف الصراع الاخرى بحق الأطفال في اليمن، فخلال السنوات العشر الماضية لم تعط الضغوط الدولية املاً لأطفال اليمن في العيش بأمن أسوه ببقيه أطفال العالم.
وتشير التقرير الدولية فيما يتعلق بانتهاكات الطفولة في اليمن، إلى ان عصابة الحوثي تسببت في حرمان 2.4 مليون طفل من التعليم، وجعلتهم يقفون على فوهة الهلاك اما بالقتل المباشر او بتعريضهم لحياة بائسة من خلال التسبب في حرمانهم من ابسط مقاومات الحياة كالغذاء والصحة والتعليم والمأوى.

انتهاكات مفجعة 
وفي هذا الصدد تشير "الشبكة اليمنية للحقوق والحريات" في أحد تقرير لفريقها الميداني الراصد لانتهاكات حقوق الاطفال، إلى نحو (52303) واقعة انتهاك طالت الأطفال في اليمن تورطت بها عصابة الحوثي، خلال الفترة من 1يناير 2015م وحتى 1يوليو/ تموز 2022م.
تنوعت الانتهاكات والجرائم بحق الأطفال في اليمن بين قتل والإصابة والاختطاف والتشريد والحرمان من التعليم وأعمال القنص والتجنيد ومنع وصول العلاج والغذاء والماء نتيجة الحصار الذي فرضته جماعة الحوثي على أغلب المحافظات اليمنية.
لم تتوان عصابة الحوثي في تعرض الأطفال في البلاد، إلى الهلاك او الاصابة الدائمة، من خلال قصفها المفرط على الاحياء السكنية في عدة محافظا، وزراعة الألغام في الطرقات بين المدن والمناطق والاحياء، وفي مختلف المناطق بما فيها المدارس وساحات اللعب، والمزارع وجوار آبار المياه، مما تسبب في الإعاقة الدائمة لمئات الأطفال الابرياء.
وحسب تقرير شبكة اليمنية للحقوق والحريات، فقد تسببت عصابة الحوثي في سقوط (9914) طفل بين قتيل وجريح منذ انقلابها على الدولة في سبتمبر 2014، وحتى نهاية يوليو من العام الجاري.
وتؤكد الأرقام والإحصائيات التي رصدها الفريق الميداني للشبكة أن (3597) طفل يمني قتلوا على يد عصابة الحوثي بينهم (276) رضيعاً، فيما تم تسجيل (6317) حالة إصابة تعرض لها أطفال في اليمن بينهم (3972) طفلاً أصيبوا جراء القصف المتعمد للأحياء السكنية من قبل ميليشيات الحوثي، و (986) طفلاً أصيبوا نتيجة الألغام التي زرعتها المليشيات الحوثية، بينهم (516) طفلاً أصيبوا بإعاقة مستدامة وبتر الأطراف نتيجة الألغام.

بين الاعتقال والاغتصاب
كما سجلت الشبكة نحو (598) حالة اعتقال واختطاف طالت الأطفال من قبل الحوثيين اغلبهم تم اختطافهم من اجل ابتزاز اهاليهم في 17محافظة يمنية.
وأضاف التقرير، توثيق (51) حالة اغتصاب بحق لأطفال ارتبطت هذه الجرائم بقيادات ومشرفين حوثيين.
ونوهت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات انه لا توجد معلومات دقيقة لعدد القتلى والمصابين من الأطفال المجندين الذين يساقون عنوة لمحارق الموت في جبهات القتال حيث جندت المليشيات الحوثية أكثر من (25الف طفل) منذ انقلابها تتراوح أعمارهم بين 12عاماً والـ14 عاماً.
الا ان فريقها الميداني قد سجل الميداني للشبكة مقتل نحو (6728) طفلاً، ممن تم تشيعهم في مواكب جنائزيه معلنه جرى بثها عبر وسائل الاعلام الرسمية التابعة لمليشيات الحوثي واعترفت المليشيات بمقتلهم.
كما سجل التقرير إصابة (9851) طفلاً ممن تحقق الفريق الميداني للشبكة اليمنية من بياناتهم وصحة معلوماتهم من خلال سجلات أقسام الرقود في المستشفيات في مختلف المحافظات.


جرائم متعددة 
ومارست عصابة الحوثي شتى الجرائم ضد ضد الاطفال اليمنيين، منها الفكرية التي تركزت ابرزها في عمليات تغيير مناهج التعليم، والتعبية الطائفية والفكرية التي غرستها في عقولهم من خلال ما يسمى المراكز الصيفية التي تقيمها كل عام في مناطق سيطرتها والتي تجري فيها تلغيم عقول الاطفال بافكار طائفية ومذهبية ابرزها ثقافة الارهاب كالقتل وسفك الدماء، وهو ما انعكس على مستوى ارتفاع جرائم قتل الاقارب في اوساط الاسر في مناطق الحوثيين.
كما عرضت عصابة الحوثي الطفولة في اليمن إلى الامراض من خلال رفضها عمليات التلقيح والتحصين، ما تسببت في عودة العديد من الامراض والاوبئة الى مناطقها والتي تسببت في وفاة المئات من الاطفال نتيجة الامراض القاتلة مثل الحصبة والكوليرا والاسهال المائي وحمى الضنك وغيرها من الاوبئة وجعلت الاسر واطفالها تعيش وضعا كارثيا، فضلا عن خلقها أسوأ أزمة إنسانية، جعلت أكثر من 12 مليون طفل بحاجة لمساعدات إنسانية.
وحسب التقارير الدولية فإن معاناة الأطفال في اليمن تضاعفت خلال السنوات التي تلت انقلاب عصابة الحوثي وحروبها، وجعلت قرابة مليوني طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، و(400.000) طفل يعانون من سوء تغذية مهدِّد للحياة، فيما يحتاج (11مليون) طفل الى المساعدات الغذائية العاجلة بحسب تقارير الأمم المتحدة ويفتقر (6مليون) طفل للماء والدواء حيث ينام (7مليون) طفل جوعى.

حرمان وتجنيد
كما تسببت عصابة الحوثي في حرمان آلاف الاطفال من آبائهم واقاربهم الذين قامت عصابة الحوثي باعتقالهم او اختطافهم والزج بهم في معتقلات وسجون سرية لا يعلمون عنهم شيئا منذ سنوات، فضلا عن تسببها في مقتل العديد من الاباء والاقارب الذين زجت بهم في اتون حروب عبثية من اجل تنفيذ أجندة ايران في اليمن والمنطقة.
ومن الجرائم الرئيسية تسببها في تشريد ونزوح اكثر من 4,5 مليون طفل وجعلهم يعيشون في مراكز ايواء ونزوح غير مؤهلة وتفتقر لأبسط سبل العيش الكريم.
كما أجبرت عصابة الحوثي الآلاف من الأطفال على ترك المدارس والذهاب إلى سوق عمل غير آمن وبلا ضمانات قانونية أو أخلاقية لأجل إعالة أسرهم، حيث سجلت التقارير الدولية اكثر من (2مليون) يعملون في سوق العمل غير الأمنة التي فرضتها عليهم الاوضاع الاقتصادية المتدهورة وانقطاع الرواتب وغلا المعيشة.

أخطر الانتهاكات
ومن أخطر الانتهاكات التي يتعرض لها الاطفال في اليمن، ما تمارسه عصابة الحوثي من انتهاكات واضح وصريح لقواعد القانون الدولي الانساني، وكذا اتفاقية حقوق الطفل واتفاقيات جنيف لا سيم الأربعة وقواعد لاهاي المنظمة للنزاعات المسلحة وميثاق روما المشكل للمحكمة الجنائية الدولية.
ولم تحترم عصابة الحوثي وفقا لمصادر حقوقية، تعهدها في العام 2020 بالامتناع عن انتهاك حقوق الاطفال وعلى راسها الامتناع عن تجنيد الاطفال والزج بهم في اتوان العمليات القتالية والعسكرية، كما لم تقوم بتوفير أي حماية خاصة للطفولة من التهديد والقتل والإجبار على المشاركة في النزاع المسلح.

جريمة تجنيد الاطفال
وتُعد جريمة تجنيد الأطفال، أحد أبرز صور انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها عصابة الحوثي في اليمن منذ سنوات، حيث وثقت تقارير حقوقية ما يقارب 77 بالمائة من عمليات تجنيد الاطفال في مناطق عصابة الحوثي.
وحسب التقارير فإن اكثر من 11 الف طفل تم تجنيدهم من قبل الحوثيين خلال السنوات الماضية، معظمهم يتم استقطابهم عبر ما يسمى المراكز الصيفية التي تقيمها العصابة الايرانية.

ومؤخراً، وثقت 43 منظمة محلية ودولية بعض الانتهاكات الحوثية بحق آلاف الأطفال، من بينها استمرار عمليات التجنيد، والدفع بهم إلى جبهات القتال.
وقدرت تقارير يمنية رسمية، أعداد الأطفال الذين تم تجنيدهم من الحوثيين خلال الفترة من سبتمبر 2014 إلى سبتمبر 2024 بنحو 45 ألف طفل، عبر 83 مركزاً استقطاب وتجنيد الأطفال.

تقرير للأمم المتحدة 
وكانت الامم المتحدة افادت في احد تقاريرها هذا العام، بأن عشرة ملايين طفل في اليمن بحاجة للمساعدات الإنسانية وخدمات الحماية خلال العام الجاري.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA)، إن 9.8 مليون طفل في اليمن بحاجة لشكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة خلال العام الجاري 2024.

وأضافت، أن أطفال اليمن هم أكثر الفئات المتضررة من الصراع المستمر في البلاد منذ ما يقرب 10 سنوات، حيث يواجهون مزيج من الأزمات تتمثل في النزوح، ونقص التعليم، والأمراض، وسوء التغذية.
وعاد المكتب الاممي التذكير بضرورة تكثيف الاستجابة لاحتياجات الأطفال، والعمل من أجل ضمان حصولهم على حقوقهم في الصحة والتعليم والغذاء والحماية من الأذى وتوفير البيئة الأمنة والنظيفة والرعاية الشاملة والسريعة.