تحرك أممي متأخر لتجنب انهيار أعمق .. احتجاجات وعصيان مدني على خلفية ارتفاع الأسعار وانهيار العملة
شهدت مناطق محررة عدة، احتجاجات وعصيان مدني على خلفية استمرار انهيار العملة المحلية "الريال" امام العملات الاجنبية، وتصاعد أسعار السلع والبضائع والمنتجات الزراعية، التي انهكت المواطن وأوصلته الى مرحلة الجوع.
وذكرت مصادر محلية متعددة، بأن مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين، جنوبي البلاد، شهدت ،السبت، عصيانًا مدنيًا محدودا وإغلاقا للمحال التجارية، احتجاجًا على انهيار قيمة العملة المحلية، سبقتها مدينة تعز التي شهدت مظاهرة احتجاجية على ارتفاع الاسعار وانهيار العملة وعدم وجود حلول ناجعة لايقافها.
وقالت مصادر محلية إن العديد من المحال التجارية في زنجبار أغلقت أبوابها تنديدًا بتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية واستمرار ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، مع انهيار قياسي في سعر الريال متجاوزًا الألفي ريال مقابل الدولار الواحد ليسجل السبت 2034 ريال للدولار الواحد، والسعودي 535 ريال يمني للريال السعودي الواحد.
ومع تواصل انهيار سعر العملة "الريال" تتواصل أسعار السلع والبضائع والمنتجات الزراعية، بالارتفاع، يقابلها عدم قدرة شرائية من قبل المواطنين الذين يعتمدون في حياتهم على المرتبات التي تجمدت منذ عقد من الزمن عند مستويات معينة لا تتناسب مع ما وصلت اليه الاوضاع وبلوغ أسعار الصرف مستويات قياسية.
ويؤكد مختصون، بأن استمرار انهيار العملة والاقتصاد لبلد يعد الأفقر في شبه الجزيرة العربية، يهدد ما تبقى من حياة المواطنين التي وصلت الى حدودها الدنيا بالنسبة في توفير متطلبات مائدة الطعام اليومية.
غياب أممي
يأتي ذلك في ظل غياب شبه تام لجهود الامم المتحدة التي تقود وساطة منذ بداية الأزمة لايجاد حلول توافقيه من اطراف النزاع اليمني، لاحتواء انهيار العملة والاقتصاد الذي يهدد حياة اليمنيين، ما ولّد استنكارًا واسعًا في الشارع اليمني.
وعلى وقع سخط الشارع اليمني من الامم المتحدة، ظلت جهود مكتب المبعوث الأممي الى اليمن هانس غروندبيرغ، مقتصرة على مخاطبة عصابة الحوثي الايرانية في صنعاء والبحث عندها عن حلول رغم انها هي التي خططت ونفذت وتسببت بها سابقًا.
ونقل عن مسؤول في مكتب المبعوث الأممي قوله، انهم في مكتب المبعوث يقودون مشاورات ونقاشات مستمرة مع مسؤولي "البنك المركزي" في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة؛ لتجنب انهيار اقتصادي أعمق، بما فيها تقييم العرض النقدي الأمثل، وتوحيد سعر الصرف في جميع أنحاء البلاد.
وكشف المسؤول في تصريحات صحيفة عن أنه أجرى مناقشات بهذا الشأن في صنعاء الشهر الحالي، مشيراً إلى أن "العملة الموحدة، والقطاع المصرفي الموحد، يجلبان قوة مالية، وتحفيزاً للاقتصاد"، على حد تعبيره.
واشار إلى أن أكثر من 70 في المائة من اليمنيين يعانون الفقر، مع تأكيده أن النساء هن الأكثر تضرراً، مؤكدا أن "توحيد القطاع المصرفي والعملة خطوة أساسية لضمان دفع رواتب موظفي القطاع العام، وهو أمر حيوي لملايين اليمنيين".
وأكد المسؤول أن "المشاورات مستمرة بشأن هذه الخيارات وغيرها. ومؤخراً، جرت مناقشات هذا الشهر في صنعاء". وتابع: "نؤكد مجدداً أن العملة الموحدة، والقطاع المصرفي الموحد، يجلبان قوة مالية، وتحفيزاً للاقتصاد، وزيادة في القوة الشرائية لليمنيين. ولتحقيق مصلحة الشعب، يجب إبقاء هذه القضايا بعيداً عن التسييس".
رفض الحوثيين
وأكدت مصادر مطلعة في صنعاء، ان عصابة الحوثي الايرانية، رفضت جميع الجهود التي يقوم بها مكتب المبعوث الأممي الى اليمن، فيما يتعلق بالأزمة المالية والمصرفية وعلى راسها توحيد العملة والبنك المركزي.
وافادت بأنه رغم استجابة الحكومة المعترف بها والبنك المركزي في عدن بالكامل لجميع البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب نظام الـ"سويفت"، من البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن، إلا ان الطرف الأخر "الحوثيين"، لم يتخذ أي خطوات ملموسة، ولم يصدر حتى بياناً يعبر فيه عن حسن النيات.
صعوبة الاحتواء
وحسب المختصين في الاقتصاد، فإن احتواء الانهيار الذي تشهده العملة المحلية، بحاجة إلى اتخاذ تدابير عاجلة من قبل الجهات المعنية لاستعادة ثقة المواطنين، والتحالف، والمجتمع الدولي، مشيرين إلى أن هذا لن يتحقق إلا من خلال تعزيز الحكومة بشخصيات اقتصادية ذات خبرة كبيرة في إدارة الأزمات.
وبحسب المختصين، فإن الحلول المؤقتة غير مجدية، وان عدم وجود خيارات وحلول امام الشرعية لمعالجة هذه الأزمة المعقدة، يزيد من حدتها ويدفع نحو انهيار كارثي قد تشهده البلاد عبر تاريخها.