Image

بشهادات أمريكية .. ناقلة "سونيون" تفضح تخادم واشنطن وطهران عبر وكلائها في اليمن

كشفت تقارير ودراسات صادرة عن مراكز ابحاث ودراسات أمريكية، عن مدى تخادم المصالح بين واشنطن وطهران، في منطقة الشرق الاوسط والتي ظهرت جلية فيما يتعلق بهجمات عصابة الحوثي الايرانية في اليمن ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.
ووفقًا لمحللين للشأن اليمني، فإن ما اورده "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" حول ما يجب على واشنطن اتخاذه من اجراءات لمنع استفادة الحوثيين من ناقلة النفط اليونانية "سونيون" التي استهدفها وكلاء ايران "الحوثيين" في البحر الأحمر، ما جعلها تشكل تهديدا بيئيا جديدا في المنطقة.
واوضح المحللين، بأن المعهد اشار بشكل غير مباشر في تقريره الاخير، إلى مدى تقديم واشنطن خدمة لايران ووكلائها في اليمن، فيما يتعلق برفع العقوبات الامريكية المفروضة على زوارق ايرانية تعمل في المنطقة مرشحة لقطر الناقلة "سونيون"،  باعتبار تلك الزوارق تقوم بعمليات تهريب مواد بتروكيماوية واسلحة للحوثيين.

تخادم مبطن بمسرحية
ويتحدث المحللون، بأن ما يجري في منطقة البحر الأحمر، من عمليات عسكرية، عبارة عن تخادم بين الجانبين مبطن بمسرحية، مشيرين إلى إعلان واشنطن عن حجم إنفاقها على عمليات ردع الحوثيين في البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023، مقارنة بما جرى على الأرض، حيث لم يتم تدمير أي قواعد او أوكار او معسكرات حوثية تشكّل تهديدًا على الملاحة، واكتفت بضربات ردع ضد المسيّرات الايرانية ذات التكلفة الانتاجية الضئيلة.
ومنذ بداية العمليات الارهابية الايرانية تحت ادعاءات نصرة غزة، تكشفت وحجم الرد الأمريكي – البريطاني على مدى ثمانية اشهر من تلك العمليات، تكشفت حقيقة دعم واشنطن وتخادمها مع ايران ضد الحركة التجارية للصين عبر البحر الأحمر وقناة السويس، فالظاهر والمتبع لم يكن عند مستوى المأمول من واشنطن ولندن فيما يتعلق بردع الحوثيين واسلحتهم الايرانية، لتأتي ناقلة "سونيون" النفطية لتكشف مزيد من المعلومات حول ذلك التخادم.

خماسية المعهد 
وكان معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، قال السبت، أن على الولايات المتحدة وشركائها "اتخاذ عدة خطوات فورية لتجنب وقوع كارثة بيئية والتصدي للحوثيين"، ومنع الجماعة من خلق حالات طوارئ أخرى في البحر الأحمر.

وقال المعهد الأمريكي: "في 21 أغسطس ، شنت قوات الحوثيين في اليمن هجمات متعددة ضد ناقلة النفط الخام سونيون التي ترفع العلم اليوناني في جنوب البحر الأحمر. أجبر الهجوم الطاقم على التخلي عن سفينة محملة بحوالي 900000 برميل من النفط الخام العراقي، واشتعلت الحرائق على سطح السفينة لعدة أيام، بسبب المتفجرات التي زرعت خلال عملية صعود الحوثيين.
وفي هذا الصدد، يرى المحللون، بأن سير خط الناقلة او السفينة المحملة بنفط عراقي أي "ايراني" باعتبار ان العراق تحت الوصاية الايرانية التي سلمتها واشنطن لها عقب الاطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين، متسائلين كيف للحوثيين استهداف نفط ايراني، او تسمح ايران بتصدير نفط لإسرائيل؟

تصوير الحوثي كقوة بحرية
ومن خلال الفقرة التالية للمعهد، يتضح مدى سعي واشنطن لجعل ايران ووكلائها في اليمن قوة اقليمية تسيطر على أهم الممرات المائية في العالم، رغم تواجد القوات الاجنبية الامريكية والبريطانية والاوروبية فيه، والتي لم تقم بردع الحوثيين وايران وانما وفرت لهم الدعم والحماية كي يتحولون الى قوة اقليمية يهددون المنطقة.
يقول المعهد: "ولتجنب كارثة بيئية، يجب سحب السفينة بعيدا عن موقعها الحالي عالي الخطورة إلى ميناء آمن – وإلا فقد ينتج تسرب نفطي كارثي يؤثر على منطقة البحر الأحمر بأكملها، ويلوّث المياه التي تستخدمها مصائد الأسماك والحياة البحرية ومحطات تحلية المياه بينما يتسبب في مزيد من الاضطرابات في حركة الشحن العالمية.
وأشار المعهد إلى أن القوة البحرية للاتحاد الأوروبي التي تعمل في البحر الأحمر "أسبيدس" أنه لم يتم اكتشاف أي تسرب نفطي وأن السفينة لم تعد تنجرف. ومن جانبهم، يبدو أن الحوثيين وافقوا على السماح بعملية سحب وإنقاذ. ومع ذلك، لا ينبغي تفسير هذه التقارير على أنها علامات على أن السفينة المنكوبة خارج الخطر، ولا أن الحوثيين سيتوقفون عن مهاجمة ناقلات النفط المحملة حتى بعد أن رأوا المخاطر البيئية على اليمن بشكل مباشر.
ووفقا للمحللين، فإن ربط موافقة ايران والحوثيين بشأن السماح بقطر السفينة "سونيون" يعد خدمة امريكية لايران ووكلائها، بتصويرهم بأنهم قوة ضاربة جديدة تشكلت في المنطقة، فيما في حقيقة الأمر يسهل كسرهم من قبل قبائل يمنية صغيرة، فهي قوات برية وليست بحرية، وتصويرها بأنها قوات بحرية من قبل واشنطن والغرب يأتي في اطار التخادم، في ظل معرفة اليمنيين ودول المنطقة بأن من يقوم بهجمات البحر الاحمر وخليج عدن هي قوات بحرية ايرانية تابعة للحرس الثوري الارهابي، باعتبار ان الحوثيين ليس لديهم أي قوة بحرية، ولا يستطيعون القتال في مناطق مفتوحة ساحلية او صحراوية، وانما يتحصنون بالمدنيين ويستغلون التضاريس الجبلية.

البحث عن وسائل تأمين
وفي هذا الصدد، يقول  المعهد الأمريكي : "في الواقع، تحمل حادثة "سونيون" العديد من الدروس الفورية للولايات المتحدة والجهات الفاعلة الأخرى في سعيها للحصول على أفضل الوسائل لتأمين السفينة بسرعة، ومنع حدوث تسرب كارثي، وحل أزمة البحر الأحمر الأوسع ابرزها:
ـ تجنب التأخير في الإنقاذ والإعفاء من العقوبات الأمريكية:" إن إجراء عمليات الإنقاذ خلال حملة الهجوم التي شنها الحوثيون على مدى أشهر في البحر الأحمر كان تحديًا كبيرًا، ولن يكون حادث سونيون مختلفًا. 
إن العثور على زوارق سحب مناسبة تقع بالقرب من المنطقة وراغبة في العمل في مثل هذه البيئة الخطرة قد يكون صعبًا، وقد تنشأ تأخيرات إضافية إذا استأجر المنقذون قوارب خاضعة للعقوبات الأمريكية. وبحسب ما ورد كان هذا هو الحال مع عمليتي إنقاذ أخيرتين في البحر الأحمر وخليج عدن – والتي كان لا بد من التخلي عنها عندما انتهى الأمر بالسفينة إلى الغرق. في كل حالة، كانت زوارق السحب المختارة مرتبطة بشركة مقرها الإمارات شاركت في "معاملة كبيرة لنقل المنتجات البتروكيماوية من إيران". وبحسب ما ورد يتم استئجار نفس القوارب لسحب سونيون أيضًا؛ إذا كان الأمر كذلك، فيجب على واشنطن منح إعفاءات فورية لاستخدامها، لأن المزيد من التأخير لن يؤدي إلا إلى زيادة الخطر على سلامة هيكل الناقلة.
وفي هذه الفقرة، يؤكد المعهد بطريقة غير مباشرة، سعي الولايات المتحدة لتقديم خدمة جديدة لايران في المنطقة من خلال رفع العقوبات عن تلك الزوارق الايرانية، من خلال مسرحية استهداف السفينة "سونيون" من قبل الحوثيين وعملية تفجيرها بعد الصعود على متنها امام مرأى القوات الدولية في البحر الأحمر خاصة الامريكية، الأمر يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك، وجود التخادم وان ما يجري عبارة عن مسرحية.

عملية غير مؤكدة
ويتابع المعهد الامريكي في سرد الخمس نقاط التي يجب على امريكا اتباعها بشأن "سونيون".
ـ الاستعداد للتحديات التقنية وتحديات حماية القوات: "واجهت عمليات القطر المتعلقة بالحوادث البحرية الحوثية السابقة انتكاسات بسبب المشاكل الفنية وتدخل الحوثيين. وسيتعين التعامل مع أي مشاكل من هذا القبيل بسرعة في الحالة الراهنة نظرا لاحتمال حدوث انسكاب نفطي كبير. وعلى الرغم من أن ملامح وتوقيت عملية إنقاذ سونيون لا تزال غير مؤكدة في الوقت الحالي، إلا أن القوات البحرية (لا سيما تلك التابعة ل أسبيدس) ستحتاج إلى البقاء بالقرب من الناقلة لمنع الحوثيين من مقاطعة العملية. وقد أظهرت التجربة أن الجماعة مستعدة للتدخل في جهود الإنقاذ إذا تمكنت من تحويل الوضع إلى ورقة مساومة سياسية – كما رأينا بشكل بارز خلال المهمة المطولة لتفريغ السفينة صافر، وهي سفينة تخزين متحللة ظلت في طي النسيان لسنوات على الرغم من مخاطر الكوارث البيئية. لذلك، يحتاج جميع أصحاب المصلحة إلى مواصلة الضغط على الحوثيين (بما في ذلك من خلال الدبلوماسية) حتى يتم تجنب السيناريو الأسوأ بشكل نهائي.

الحوثي قوة أمريكية
من خلال هذا البند الثالث يؤكد المعهد بطريقة شبه مباشرة بأن الحوثيين عصابة ايرانية بدعم أمريكي.. "الى الفقرة".
ـ منع الحوثيين من “العودة إلى مكان الحادث”: كما ذكر أعلاه، يبدو أن قوات الحوثيين عادت إلى سونيون وزرعت متفجرات في الأيام التالية على هجماتها الأولية، مما أشعل الحرائق التي لا تزال مشتعلة حتى كتابة هذه السطور. (أفادت التقارير أن الهجمات الأولية شملت مقذوفات مجهولة وقارب مسيّر). وإذا كانت هذه التقارير صحيحة، فإنها تتماشى مع تكتيك الجماعة المعروف المتمثل في العودة إلى السفن المنكوبة بمجرد التخلي عنها من أجل إلحاق المزيد من الضرر. كان هذا هو الحال عندما تعرضت ناقلة البضائع السائبة توريتو للهجوم في 12 يونيو/حزيران. بعد أن ضرب الحوثيون السفينة مرتين على الأقل، وتركت تنجرف ومهجورة. ثم عادوا لهجوم أخير أدى إلى غرقها. وفي المستقبل، يجب أن تكون القوات الأمريكية والأوروبية مستعدة لتوفير الحماية الفورية لأي سفن منجرفة أو متضررة بشدة محملة بشحنات خطرة، وبالتالي منع الحوثيين من العودة إلى متنها ومهاجمتها و/أو إغراقها.

ـ مواجهة اللف والدوران الحوثي: وبالنظر إلى سجلهم الحافل حتى الآن، من المرجح أن يستخدم الحوثيون منافذ مختلفة – بما في ذلك قنوات التواصل الاجتماعي الفعالة الخاصة بهم – للادعاء بأنهم وافقوا على عملية سحب سونيون بسبب مخاوف إنسانية وبيئية. ومع ذلك، هددت الحركة مرارا وتكرارا السفن التي تحمل شحنات خطرة وهاجمها وحتى أغرقها، دون أي قلق واضح بشأن التأثير الإنساني المحلي في اليمن أو في أي مكان آخر. ففي شباط/فبراير، على سبيل المثال، شنت غارات صاروخية على سفينة الشحن العامة "روبيمار" التي غرقت بعد أسبوعين. عندما غرقت السفينة، كانت تحمل حوالي 22000 طن متري من سماد فوسفات الأمونيوم وكبريتات الأمونيوم و 280 طنا متريا من زيت الوقود الثقيل والديزل البحري. في يونيو / حزيران، وسط مخاوف من تسرب تلوث محتمل من هذه الشحنة الغارقة، دعت المنظمة البحرية الدولية إلى “المساهمة في المعدات للاستجابة للتلوث النفطي”، مشيرة إلى أن اليمن غير مجهز للتعامل مع مثل هذه الكارثة بمفرده.

إذا حاول الحوثيون في الواقع تحويل حادثة سونيون إلى “انتصار” إنساني، فيجب على الولايات المتحدة وشركائها مواجهتها بحملات الوسائط المتعددة التي تظهر كيف يعرض الحوثيون شعبهم ومنطقة البحر الأحمر الأوسع للخطر. وقد استخدمت القيادة المركزية الأمريكية بالفعل وسائل التواصل الاجتماعي للتعليق على هجمات الحوثيين. وينبغي توسيع نطاق هذه الجهود لتسليط الضوء على جميع السفن التي ألحق الحركة بها أضرارا بالغة منذ تشرين الثاني/نوفمبر – من بينها “روبيمار”، التي كانت مرتبطة بشركة مقرها لبنان ليس لها صلات بإسرائيل أو الولايات المتحدة أو شريكتها في التحالف بريطانيا.

كما ينبغي لواشنطن أن تؤكد مجددا على الدرجة التي عطلت بها مثل هذه الهجمات التجارة الإقليمية – بما في ذلك مع البلدان التي تدعم فيها الجماعات المسلحة الأخرى المدعومة من إيران الحوثيين. العراق هو مثال صارخ: مثل سونيون، كانت ناقلتان أخريان تعرضتا للهجوم هذا الشهر تحملان شحنات محملة من محطة نفط البصرة في جنوب العراق ومتجهة إلى أوروبا، وفقا لبيانات من كبلر ومارين ترافيك. وحتى إيران، أكبر داعم للجماعة، لم تسلم من مثل هذه الحوادث – ففي أواخر أيار/مايو، هاجم الحوثيون ناقلة بضائع سائبة في جنوب البحر الأحمر كانت وجهتها النهائية الجمهورية الإسلامية.

الاستمرار بالمنطقة .. هدفها الصين 
ـ مرافقة السفن التجارية: على الرغم من أنه لا يمكن إجبار السفن التجارية على طلب مرافقة بحرية، إلا أنه ينبغي مطالبة السفن المعرضة بشكل خاص للهجوم بالنظر بجدية في هذا الخيار. على سبيل المثال، يمكن للبعثات البحرية العاملة في المنطقة أن تضيف تأكيدات حول أهمية المرافقين في البيانات التوجيهية المنتظمة التي تصدرها للسفن التجارية في المنطقة، لا سيما أثناء انتظار سونيون للإنقاذ. يجب أن تشير هذه البيانات أيضا إلى أن إيقاف تشغيل نظام التعرف التلقائي على السفينة لا يضمن حمايتها من هجمات الحوثيين.
وفي هذه الفقرة الاخيرة للمعهد، يتضح للمتابع بان الهدف الامريكي – البريطانية بمشاركة ايران واسرائيل، من كل ما يجري في المنطقة، هو مراقبة السفن الصينية واستغلالها تجاريا وماديا وسياسيا، لصالح الولايات المتحدة التي باتت مهددة بفقدان تصنيفها الاول تجاريا في العالم، لصالح التنين الصيني القادم بقوة الى المشهد العالمي.

تحليل معهد كوينزي الأمريكي
وفي الانتقال الى مصدر امريكي اخر تناول قضية الهجمات في البحر الأحمر، حيث انتقد الكاتبان الأمريكيان جوناثان هوفمان، وبنيامين جيلتنر، النهج الذي تنتهجه واشنطن في التعامل مع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، معتبرين إياه مثالا واضحًا على "الإهمال الاستراتيجي" كونه - بحسب تعبيرهما -، سيفشل كما أنه مكلف للغاية، ويعرض حياة أفراد الخدمة الأمريكية المتمركزين في المنطقة لحماية السفن الأجنبية في المقام الأول للخطر. هذا بالإضافة إلى أنه يخاطر بزعزعة استقرار اليمن والمنطقة على نطاق أوسع.

ثلاث مشاكل رئيسية
وفي مقال تحليلي نشره موقع the responsible statecraft, التابع لمعهد كوينزي الأمريكي، يرى الكاتبان أن الحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين لا تزال غير ناجحة مشيرين إلى أن هنالك ثلاث مشاكل رئيسية في استراتيجية واشنطن الحالية تجاه الحوثيين.
أولى المشاكل -برأييهما - هي خلوها من الأهداف السياسية الملموسة والقابلة للتحقيق في حين يثقل كاهل دافعي الضرائب الأميركيين بتكاليف باهظة. فبحسب مسؤولين أمريكيين، تهدف الجهود العسكرية الأمريكية إلى "استعادة الردع". وقد أسقطت الولايات المتحدة بالفعل أكثر من 150 طائرة بدون طيار وصاروخا للحوثيين. وبالمقارنة مع صواريخ وطائرات بدون طيار للحوثيين - والتي تكلف كل منها حوالي 2000 دولار أمريكي - فإن تكلفة كل طائرة بدون طيار تبلغ حوالي 2000 دولار أمريكي. وحتى الآن، أنفقت واشنطن أكثر من مليار دولار على الذخائر لضرب الحوثيين واعتراض الصواريخ والطائرات بدون طيار القادمة.

تصوير الفشل
ويحاول الامريكيين في شتى المجالات تصوير الفشل الامريكي في مواجهة عصابة ارهابية في المنطقة، رغم قدرتها على تحجيم منظمات ارهابية مثل داعش والقاعدة سابقا، وهو ما يشكك في مساعي واشنطن المتخادمة مع طهران وتل ابيب.
يوصل تقرير الكاتبين الامريكيين في معهد كوينزي قائلين: " ولكن هذه الجهود، بحسب المقال، فشلت في ردع الحوثيين، ومن غير المرجح أن تنجح. الحوثيون يرون أن الفوائد المترتبة على شن هذه الهجمات ــ أي الفائدة السياسية المترتبة على التلويح بدفاعهم عن القضية الفلسطينية ــ تفوق التكاليف التي تفرضها الولايات المتحدة. والواقع أن أغلب الهجمات التي نفذها الحوثيون وقعت بعد أن بدأت الولايات المتحدة وشركاؤها حملتها الانتقامية، وهو ما يُظهِر بوضوح أن الجهود الأميركية فشلت في ردع المزيد من العنف".
واستبعد المقال أيضاً أن تتمكن الولايات المتحدة من تقليص قدرات الحوثيين إلى الحد الذي يجعلهم غير قادرين على مهاجمة السفن العابرة للبحر الأحمر. واعتبر بأن إدراك المسؤولين الأمريكيين ما وصفها بالفجوة بين هذه الحملة العسكرية وأهدافها السياسية الظاهرة "أمرًا مثيرًا للسخرية".
وقال بأنه ورغم أن هجمات الحوثيين عطلت حركة الشحن العالمية، وحرية الملاحة عبر البحر الأحمر، فإن التدخل العسكري الأمريكي لم يحل هذه المشكلة. فقد انخفضت حركة الشحن التجاري عبر البحر الأحمر بشكل كبير نتيجة لهجمات الحوثيين. وقد بُذِلت جهود كبيرة لإعادة توجيه هذه السفن ــ التي تتجه أغلبها إلى أوروبا ــ مما أدى إلى زيادة تكاليف الشحن وبعض التأخيرات، وخاصة بالنسبة للسفن والمستهلكين الأوروبيين.

ناقوس الربح والخسارة
ولكن هذا لا يشكل ناقوس موت للاقتصاد العالمي. فقد كان التأثير الأكبر على هوامش الربح لبعض الشركات بسبب ارتفاع تكاليف الوقود وزيادة أقساط التأمين. ولكن الحملة العسكرية الأميركية تجعل الوضع أسوأ، وتؤجج الصراع وتؤدي إلى تعرض المزيد من السفن لنيران الحوثيين.
وعلاوة على ذلك، فإن حماية هذه الممرات البحرية، كما يعترف البنتاجون، "مشكلة دولية تتطلب حلاً دولياً"، وليست مسؤولية دافعي الضرائب الأميركيين وحدهم. وبالتالي رأى المقال بأن من الحكمة أن تعترف واشنطن بهذا، وطالب واشنطن أن تضغط على الدول الأوروبية والآسيوية لتولي دور أكثر استباقية في الدفاع عن الشحن في البحر الأحمر، نظراً لأن لديها عدداً أكبر من السفن التي تعبر هذه المياه مقارنة بالولايات المتحدة.
ثانياً، يرى الكاتبان استمرار المناوشات العسكرية بين الولايات المتحدة والحوثيين يهدد بمزيد من زعزعة استقرار اليمن الذي مزقته الحرب بالفعل. فقد وصلت المناقشات التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء هذا الصراع الكارثي إلى طريق مسدود الآن، حيث تعوقها المناوشات العسكرية المستمرة بين الولايات المتحدة والحوثيين. ويهدد استمرار العمل العسكري الأمريكي ضد الجماعة بتعريض الهدنة الضمنية الهشة بين المملكة العربية السعودية والحوثيين للخطر، كما يهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن.

تفاقم التوترات 
أما بالنسبة للمشكلة الثالثة، وفق المقال، فهي أن الصراع بين الولايات المتحدة والحوثيين يهدد بتفاقم التوترات الإقليمية المتنامية، مما يدفع الشرق الأوسط نحو حرب إقليمية واسعة النطاق. ففي الشهر الحادي عشر تقريبا منذ بدأت حرب إسرائيل في غزة، شهد الشرق الأوسط زيادة في التصعيد العسكري الممتد عبر المنطقة. وتتجذر الأعمال العدائية الحالية بين الحوثيين والولايات المتحدة في هذا السياق.
وختم المقال بالقول، بأنه وفي ظل عدم وجود نهاية في الأفق للحرب في غزة والمخاوف من تنامي الحرب الإقليمية، فإن اليمن لديه القدرة على أن يكون نقطة اشتعال مهمة في مثل هذا الصراع ،لافتًا إلى أنه إذا كان هدف الولايات المتحدة هو إقناع الحوثيين بوقف هجماتهم وتجنب الانجرار إلى حرب إقليمية أخرى، فمن غير المرجح للغاية أن تحقق القوة العسكرية هذه الأهداف.