Image

الاحتفاء بالذكرى 42 لتأسيس المؤتمر الشعبي العام .. التحديات والفرص والرؤية المستقبلية لليمن أرضًا وشعبًا

يعكف المؤتمر الشعبي العام منذ سنوات، لدراسة الأوضاع التي أدت بالبلاد إلى ما هي عليه حاليًا، والناتجة عن مقامرة سياسية قادتها المكونات التي ظلت تدور في فراغ الرؤية والقدرة على إدارة حتى مؤسسة من مؤسسات الدولة على مدى عقود.
ومع الذكرى الـ 42 لتأسيسه، يقف المؤتمر الشعبي العام على مفترق طرق بين ترك الأمور تذهب إلى ما خُطط لها من قبل بعض المكونات العميلة لخدمة أجندة خارجية على حساب اليمنيين والمنطقة والعالم، أو استعادة زمام المبادرة لخوض تجربة إنقاذ أخرى لشعب أحب المؤتمر، وبادلهم المؤتمر الحب والوفاء على مدى عقود من الزمان.

التحديات الماثلة
يرى العديد من المراقبين وقيادة في المؤتمر الشعبي العام، بأن التحديات الماثلة أمام عودة المؤتمر لممارسة دوره في انقاذ البلاد، ليست بالهينة، ولكنها ليست بالمستحيلة، فمجملها يرتكز على تحديات اقتصادية أوجدتها أزمة السنوات المشؤومة الماضية، واللاعبون في اطار تلك السنوات، والتي أدت إلى تدهور البلاد اقتصاديًا أكثر منها سياسيًا وعسكريًا وأمنيا.
وخلص الجميع إلى تحديد أهم تلك التحديات التي تقف أمام عودة المؤتمر واجملوها بأنها تتمثل أولًا وأخيرًا "بالتحديات الاقتصادية والمعيشية".
وبالنظر إلى واقع الحال بالنسبة لليمنيين، نجد أن التقارير الدولية تشير إلى وجود أكثر من 22 مليون يمني في حالة فقر وفاقة وحاجة لمساعدات غذائية وصحية، وأن أكثر من 12 مليون أوصلهم الصراع الراهن إلى حالة الفقر، فيما 8 ملايين يعيشون الفقر والمجاعة، تلك هي أهم منجزات قادة الفوضى منذ العام 2011.
ووفقًا لتقارير محلية، فإن جميع الخدمات التي كانت موجودة قبل فوضى 2011، مثل الكهرباء والمياه والتعليم والصحة والأمن، وغيرها من الخدمات، والأمور التي تمس حياة المواطن باتت غائبة بنسبة 90 بالمائة، وإن وُجدت بعضها مثل الكهرباء فإنها تخضع لنظام المتاجرة بها لصالح الجماعات الحاكمة او ما يسمى "سلطات الأمر الواقع".
ومن أهم  التحديات التي أثرت في تدهور الأوضاع الاقتصادية، تدهور العملة المحلية جراء الفساد والمضاربة ونهب إيرادات المؤسسة الرسمية لصالح الجماعات المسلحة، فضلًا عن غياب الرؤية الرسمية لقيادة المرحلة ومعالجة الأوضاع ورسم سياسات وفقًا لموازنة عامة دائمة ورسمية.

عوامل مؤثرة 
وظلت ممارسة عصابة الحوثي الإيرانية في نهب مؤسسات الدولة وتوظيفها لصالح مشروعها الذي يخدم المخطط الإيراني في اليمن والمنطقة، من أهم العوامل التي أدت لتدهور الاقتصاد والعملة، وذلك من خلال شنّها حربًا اقتصادية ضد بقية المكونات الأخرى، فضلًا عن استحواذ عناصرها على جميع مفاصل العمل التجاري والإيرادي، وكل ما يحقق عوائد مالية بما فيها ميناء الحديدة ومطار صنعاء والاتصالات واليمنية، والاستحواذ على الودائع المالية في البنك، ونهب الأراضي والشركات التجارية كما هو الحال مع شركات الادوية في صنعاء، والشركات التجارية الأخرى.

كما ساهم قطع عصابة الحوثي للطرقات بين اهم المدن اليمنية ذات الكثافة السكانية والاستهلاكية وذات الأهمية الاقتصادية والتجارية، ساهم في تنامي التدهور الاقتصادي، فضلًا عن سياسة تقسيم العملة والبنك، وتنفيذها عمليات غسيل أموال ومتاجرة بالمخدرات والممنوعات وغيرها من الأنظمة التي تثري عناصرها وتفقر الشعب، خاصة وأنها  رفضت منذ العام 2016 صرف مرتبات الموظفين وهي الطامة الكبرى التي أثرت على الحياة المعيشية لعديد من الأُسر.
ومن عوامل تدهور الاقتصاد والحالة المعيشية للسكان، ما فرضته عصابة الحوثي من جمارك وضرائب وإتاوات وجبايات على كل اليمنيين، تحت حجج غير قانوية، مستخدمة الدين والقضايا العربية والاسلامية كحرب غزة واجهة وشعارات لتنفيذ تلك الجبايات، فضلًا عما شكّلته حربها ضد السفن التجارية في البحرين الأحمر وخليج عدن، من تأثير على حركة البضائع إلى الموانئ اليمنية، والتي أدت لرفع تكلفة الشحن والتأمين على البضائع القادمة والصادرة، ما انعكس على أسعار السلع والبضائع التي يقتنيها اليمنيون، وأثرت على مستوى معيشتهم اليومية.

الطرف الآخر
ساهم الطرف الآخر "الشرعية"، وفقًا لمراقبين، كثيرًا في تمكين الحوثيين من ممارسة العديد من الأساليب المؤثرة على حركة الاقتصاد والتنمية في البلاد لصالح عناصرهم الإرهابية، فانتشار الفساد، وعدم التوافق بين مكونات الحكومة الشرعية والحرب السرية التي تدار في اطار المؤسسات الحكومية في المناطق المحررة بين عناصر المكونات المتوافقة تحت مسمى مجلس القيادة الرئاسي، ساهمت كثيرًا في تدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطن.
وظلت المضاربات بالعملة وعدم ايجاد سياسة نقدية واضحة في المناطق المحررة، وتدخلات الخارج لصالح ايجاد تسوية سياسية كما حدث مع إلغاء قرارات البنك المركزي الأخيرة، من أسباب تدهور الحالة المعيشية والاقتصادية والعملة في المناطق المحررة، إلى جانب غياب الأمن وعدم القدرة على التنقل خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية والمحلية، والبضائع المستوردة بين المدن.. وهناك مئات العوامل الأخرى المؤثرة في تدهور الاقتصاد والمعيشة وترديها ووصولها إلى حالة المجاعة.

تحديات أخرى
ومن التحديات التي تشكّل عوائقًا أمام العودة السريعة للمؤتمر إلى ممارسة دوره في انقاذ البلاد، لكنها ليست مستحلة، منها التحديات الأمنية، وانتشار السلاح الإيراني في إيدي وكلائها في البلاد، فضلًا عن التعبئة الفكرية، وتغيير المناهج وإيجاد مجتمعات حاضنة، لكنها لم تصل إلى أهدافها في العديد من المناطق بما فيها مناطق سيطرة الحوثيين، فضلًا عن انتشار التشكيلات المسلحة التي تم ايجادها بعد انقلاب 2014 للحوثيين.
ومن العوامل الأخرى، تدهور الأوضاع في جميع مؤسسات الدولة الرسمية مثل التعليم والصحة والثقافة والأمن والبيئة والقضاء وتحويل بعض تلك الجهات لخدمة المخطط الإيراني كما هو الحال بالنسبة للقضاء في مناطق الحوثيين.
بالمجمل جميع مكونات الحياة التي كانت تعمل وفقًا لمنظومة رسمية من الهرم إلى القاعدة، باتت تعمل وفقًا لرؤية مكونات وأشخاص، خدمة لمشاريع مرتبطة بقيادات او مكونات وليس خدمة لليمن واليمنيين.

الفرص المتاحة 
ويرى مراقبون ومحللون بأن فرص عودة أي مكون سياسي كالمؤتمر الشعبي العام، او غيره، لقيادة البلاد، تبدأ بالعمل من بوابة خدمة المجتمع، كتوفير المرتبات وتقديم المساعدات العاجلة للأسر الفقيرة، وإعادة توفير الخدمات وعلى رأسها الكهرباء والمياه، وتوفير الأمن، من خلال ايجاد منظومة أمنية جديدة او تفعيل الأجهزة السابقة، او تحت أي رؤية اخرى، فالأمن هو أساس الحياة ويمنح عناصر المجتمع القدرة على التحرك للبحث عن فرص عمل لتوفير متطلبات الحياة للأسرة، فضلًا عن ايجاد مشاريع بسيطة  ودخل يوفر استقرار وحياة بسيطة للأسرة الواحدة.
وعلى رأس تلك الفرص القدرة على ايجاد منظومة عمل مالية موحّدة في البلاد تحفظ للعملة قيمتها، أمام توغّل العملات الأخيرة كالدولار والسعودي في الحياة اليومية للمواطنين كما هو واقع حاليًا، والتي وصلت بها الحال ان يتم التعامل بالسعودي والدولار في المعاملات اليومية على مستوى أسواق الخضروات والفواكه والبيع والشراء في الأسواق الشعبية، فضلًا عن الأسواق العقارية التي باتت تعتمد كليًا على العملات الأجنبية في التعامل كإيجارات المنازل والعقارات الأخرى.
القدرة على استعادة العمل بالمؤسسات الإيرادية وتطهيرها من الفاسدين، أهم عامل استقرار لتوفير الدعم لخزانة البنك المركزي والدولة، لتوفير استقرار مالي مناسب يمكن أي نظام من صرف المرتبات وتنفيذ المشاريع، وهذه غائبة بشكل كامل في ظل حكم الأدوات الراهنة، والتي تعتمد بشكل كبير على دعم الخارج لتسيير أمورها وتركت الشعب لمواجهة مصيره اليومي.
ومن اهم الفرص الناجحة للحصول على ثقة المجتمع، حماية سيادة الدولة من أي تدخلات خارجية كتوفير حماية كاملة لمنابع النفط والغاز والموانئ وربطها مباشرة بالسلطات المحلية الرسمية، فضلًا عن استقلالية القرار في كل مناحي الحياة، حيث لم يعد الشارع والمجتمع يثق بأي مكون موجود حاليًا لارتباطهم بشكل كامل خاصة فيما يتعلق بقرارات التوظيف بالخارج، ما أفقدهم ثقة الداخل.

الرؤية المؤتمرية
يتفق الجميع في الداخل اليمني، وبما فيها الخارج المحيط، بأن لدى المؤتمر الشعبي العام القدرة على ضبط الأوضاع في اليمن بعد فشل جميع المكونات التي تم ايجادها بعد إسقاط النظام وفوضى 2011 وانقلاب 2014، من خلال خلفيته في حكم البلاد على مدى 33 عامًا بنجاح، تم فيها ضبط الداخل وفقًا لمنظومة حكم تتوافق وطبيعة المكونات السياسية والاجتماعية والثقافية والقبلية، وحظي بثقة الخارج لنظرًا لسياسة التي تعتمد على عدم التدخل في شؤون الآخرين، وعدم التدخل في الشؤون المحلية لليمن، فضلًا عن احترامه لجميع البرتوكولات والمواثيق والإعلانات الدولية خاصة المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان، وما يخدم الحياة البشرية على الأرض كالمناخ والبيئة، ومكافحة الإرهاب.
ووفقًا للمراقبين والمحللين ومنشورات اليمنيين خلال الفترة التي تلت رفع العقوبات عن الزعيم الصالح ونجله السفير أحمد علي، وبالنظر لفشل المكونات التي تلت الفوضى والانقلاب في إدارة البلاد او حتى محافظة واحدة، يجمع الجميع على أن المؤتمر الشعبي العام لديه القدرة والرؤية في الإدارة والقيادة للبلاد رغم كل ما يجري فيه من أحداث، وما ينفذ في اطار الجغرافيا اليمنية من مؤامرات، وذلك بالتعاون مع محبي اليمن في الداخل والخارج دون استثناء، أما أعداء اليمن فقد انكشفوا وباتوا مرصودين في قوائم لدى اليمنيين البسطاء قبل القيادات والمفكرين والباحثين.