على وقع أزمة البنوك ونفاد النقد وتصاعد الخلافات .. مليشيات الحوثي في طريق الانهيار بعد رفض اليمنيين للتجربة الإيرانية
تصاعدت الأزمات المتعددة في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي الإرهابية "وكلاء ايران" في اليمن، وألقت بظلالها على واقع الحركة السياسية والعسكرية والاقتصادية المنهارة جراء تصاعد الرفض الشعبي، لنسخ التجربة الإيرانية وتطبيقها في مناطقهم، وتمسكهم بهويتهم اليمنية.
ومع تداخل الازمات الاقتصادية والمالية، وفقدان الثقة والدعم والمساندة الدولية التي كانت تحظى بها الجماعة، على وقع الهجمات الارهابية التي تشنها بالتنسيق مع ايران ضد سفن الملاحة والشحن والطاقة في المنطقة، وتواصل الخلافات بين أجنحة الجماعة حول ما يسمى "التغيير الجذري" وفشله، ورفض اليمنيين التجربة الايرانية التي تحاول الجماعة نقلها إلى مناطقهم، كل ذلك يُعد مؤشرًا على قرب انهيار الحوثيين وزوالهم.
فشل التغيير الجذري
وبعد ثمانية أشهر من إعلان زعيم الجماعة الارهابي عبدالملك الحوثي إجراء ما سمي "بالتغيير الجذري"، فشلت الجماعة على وقع خلافات القيادات العليا في صفوفها، او ما يسمى صراع "الأجنحة" في تشكيل حكومة وإحداث تغييرات جذرية في منظومة الحكم في مناطق سيطرتها.
وفيما رجحت مصادر سياسية أن يكون الرفض الشعبي والسياسي لاستنساخ النموذج الإيراني هو سبب التراجع عن تلك الخطوة، إلا أن الواقع الذي تعيشه الجماعة من انهيار المنظومة الاقتصادية للمواطنين، وغياب النقد وإجراءات البنك المركزي في عدن فيما يتعلق بنقل البنوك إلى عدن، زاد من احتمالات انهيار الجماعة خاصة في المجال الاقتصادي.
عوامل الفشل
ومع إعلان الحوثي ما سمّاها "التغييرات الجذرية" ووصفه الأوضاع في مناطق سيطرة جماعته بـ"المزرية"، هللت مجموعة من المعارضين لنفوذ أحمد حامد، مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي، لذلك الإعلان وذهبوا للتبشير باجتثاث الفساد وقرب انتهاء هيمنته على كل مؤسسات الدولة.
إلا أنه وبعد مضي هذه المدة الزمنية أدرك معظمهم أن إقالة حكومة عبد العزيز بن حبتور التي لا تفعل شيئاً، كانت مخيِّبة لآمالهم وأظهرت أن أحمد حامد، الذي يُعرف بأنه الحاكم الفعلي، باقٍ في موقعه والجناح الذي يتزعمه يمتلك القدرات والإمكانات التي تجعله يحتفظ بسيطرته.
ويعتقد النائب المعارض أحمد سيف حاشد أن عدم القدرة على تشكيل حكومة انقلابية جديدة، يشي بوجود أزمة في قيادة السلطة هناك جعلت التغيير مكلفاً أو غير ممكن أو مهدِّد بخطر سيلحق بتلك السلطة، ويرى أن استمرار الحال على ما هو عليه سيؤدي إلى شلل هذه السلطة بشكل تام، وتعفنها بفسادها وصراعات وخلافات أقطابها.
لكنَّ سلطان السامعي، وهو عضو في مجلس الحكم الحوثي الذي لا يمتلك أي سلطة فعلية، اتهم قيادات في الجماعة بالعمل لمصلحة أجهزة استخبارات أمريكية وإسرائيلية، وقال إن هذه الأجهزة اخترقت سلطة الجماعة، وتعهَّد بالكشف قريباً عن هذه القيادات ومحاكمتها وسجنها.
وسبق أن أطلق السامعي تصريحات أقوى من هذه، وتبيّن لاحقاً أن الغرض منها هو انتزاع موقف أو تحسين موقعه لأسباب تتعلق بانتمائه الجهويّ (تعز)، إذ يمثل الجهة الأضعف في سلطة الانقلاب التي يتحكم فيها المنحدرون من محافظة صعدة أولاً.
صراع الأجنحة
في خضمّ هذا الصراع بين الأجنحة الحوثية، ترى مصادر مطلعة في صنعاء ، أن الحكومة المقالة حتى وإن جاءت خلفاً لها حكومة أخرى فإن الأخيرة لن تمتلك أي سلطة، لأن إدارة مؤسسات الدولة المدنية والمحافظات والقطاع التجاري ليست بيدها.
وأوضحت أن القطاعات المدنية يتحكم فيها مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي أحمد حامد، عن طريق ما تسمى اللجنة الاقتصادية وما تسمى وزارة المالية، في حين أن الجانب الأمني والعسكري يتحكم فيهما عم زعيم الجماعة عبد الكريم الحوثي الذي يتولى وزارة الداخلية في حكومة الانقلاب ويساعده فيها نجل مؤسس الجماعة علي حسين الحوثي، وعبد الحكيم الخيواني رئيس ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات، وجميع هؤلاء ينحدرون من محافظة صعدة.
وذكرت المصادر أن الحوثيين وعقب إقالة حكومة بن حبتور (غير معترف بها) كانوا يخططون لتشكيل حكومة بديلة تشارك فيها فروع الأحزاب في مناطق سيطرتهم حتى يوهموا الرأي العام بأن لهم شركاء سياسيين وأنهم لم يقصوا أحداً، لكنهم فشلوا في ذلك.
ويشير مصدر آخر إلى أن الصراع كبير والتغيير مستحيل، وتوقع أن تجري عملية تدوير للمناصب فقط لأن حجم المصالح التي تشكلت كبيرة وغير متخيَّلة، ولهذا فإن كل جناح من الأجنحة لديه ملفات ضغط وداعمون، وأنه ولذلك فإن زعيم الجماعة سيعمل على التوفيق بين هذه الأجنحة من خلال تدوير المناصب وتقاسم الحصص، ورجّح أنه في حال فشلت هذه الخطة فقد يضطر إلى التخلص من أحد الأجنحة لتجنب الصدام الداخلي.
استنساخ النموذج الإيراني
على خلاف هذه الرؤى ترى مصادر سياسية يمنية، إن الهدف من "التغييرات الجذرية" التي كان عبد الملك الحوثي أعلن نيته إجراءها، كانت تمس دستور الدولة وطبيعة نظام الحكم بحيث يتحول إلى نسخة مطابقة لنظام الحكم في إيران، إلا أن ردة الفعل الشعبية ورفض فروع الأحزاب مناقشة الفكرة أو القبول بها، كان وراء هذا التأخير، وتوقع أن يتم إخراج التغيير بطريقة لا تمسّ جوهر السلطة الحالية ولا تركيبتها.
ويشيرون إلى ان، الحوثيين أقاموا سلطة تعتمد على الانتماء السلالي وينحدر عناصرها من محافظة صعدة، المعقل الرئيسي للجماعة الانقلابية، ولهذا تشكّلت مصالح كبيرة وأصبح هؤلاء مسؤولين وقادة عسكريين وتجاراً أيضاً وامتلكوا أموالاً لم يكونوا يحلمون بها، ولهذا تعمل بدأب على تشكيل طبقة جديدة في المجتمع اليمني من التجار والأثرياء، إذ يمتلكون مساحات كبيرة من الأراضي وإقامة المشاريع التجارية لأنهم بذلك سيضمنون حضور هذه الطبقة في أي عملية تسوية قادمة.
قرب النهاية للكارثة
وتشكل الإجراءات التي تتخذها الحكومة الشرعية في عدن، فيما يتعلق بنقل البنوك والغاء العملة القديمة، وايقاف التحويلات المالية الخارجية إلى مناطق الحوثيين، عوامل حاسمة فيما يتعلق بتجفيف منابع مكافحة غسيل الأموال ونهبها، ومكافحة تمويل الارهاب وتهريب الاسلحة، للجماعة، كما تشكل ضربات موجعة لها، فضلًا عن كونها عمليات تصحيح للمسار المالي بالنسبة للعملة اليمنية الرسمية التي رفضت الجماعة التعامل بها، منذ العام 2019.
ومع تصاعد الرفض الدولي وفرض عزلة على الجماعة، على خلفية استمرارها استهداف الملاحة الدولية في البحرين العربي والاحمر وخليج عدن والمنطقة عمومًا لصالح المشروع الايراني، والحديث عن ترتيبات عسكرية لتوجيه ضربات قاصمة لمنظومات الصواريخ والمسيّرات الايرانية لديها، وفتح جبهة برية لتحرير الحديدة، كلها تضع الجماعة على طريق النهاية لمشروعها الإرهابي الذي جاء على حياة ومستقبل اليمنيين منذ العام 2014.