رسالة إلى ابني .. الوحدة وصيتي

01:20 2024/05/21

إلى ابني، وفلذة كبدي، ونور بصري، وقرة عيني، وسندي، وأملي، وامتدادي في الحياة..

أوجه إليك هذه الرسالة لأنك أحب الناس إلى قلبي وأقربهم إلى روحي وأجملهم في نظري وأغلى من نفسي..

تعلم يا بُنَي الحبيب أنني لم أجبرك على شيء أنت لم ترغبه بشكل عام ، وعلى وجه الخصوص في الأمور السياسية ، فلم أطلب منك الانتماء لجهة أو حزب، ولم  أفرض عليك حب هذا التوجه أو نبذ ذاك، ولم أمارس معك التوجيه والترغيب لتسير وفق إرادتي ورؤيتي وإتباع طريقتي، بل تركت لك حق المعرفة ومشيئة الحياد أو قناعة الانحياز .. 
لكنني أوصيك بشيء واحد في أمور الوطن وهو (الوحدة ) وحبها وتعزيزها ، والإيمان بها كإيمانك بالقضاء والقدر وبكتب الله وملائكته ورسله .

ابني الأعز : فاعلم فديتك أن الوحدة ليست مصلحة شخصية ، ولكنها خير عام - فقد عاش أبوك مظلومًا منذ قيامها وحتى اليوم ولم يستفد منها مثقال ذرة - لكنه يدافع عن جوهرها النقي وعن معناها السامي ،  فهي كالدِّين لا يمثله المنحرف ، وكالعفاف لا يضره الباغي ، وكالطهارة لا يدنسها النجس .

الوحدة خير يا ولدي ، والخير يبدأ بالحب ، فَأحِبْ الجميع ولا تكره أحدًا ، وإياك والتعصب لأي شيء كان..
لن أسرد لك حكاية ( الوحدة الحلم ) وكيف تم الوصول إلى يوم الثاني والعشرين من مايو عام 1990م ، وما بُذل من أجل تحقيقها ، فيكفيك أن تعلم أن أنقى العرق سال في طريقها، وأطهر الدماء سُكبت في دروبها وأزكى الأرواح أُزهقت في سبيلها وأشرف الرجال هم من يقفون معها.
 
الوحدة خير يا ولدي، ففيها العزة والقوة والأخوة والتعاضد ، وهي السقف الأمين للجمهورية والحرية والديمقراطية والكرامة.. 
نعم، شابتها أخطاء قاتلة ، ارتكبها الجميع - هنا وهناك - وكلٌ يتحمل مسؤوليته بحسب مركزه ،
ولا بد من تصحيحها ، ولن يتم  التصحيح بأيدي من شوهوها أو بعبيدهم الذين على قلوبهم غشاوة ، لكنها ستصحح بالقلوب الصافية والرجال الشريفة والعقول المدركة والضمائر المنصفة.

الوحدة خير يا ولدي ، فجميع من تآمر عليها - شمالي أو جنوبي - وسخرها لمصلحته قد خرجوا من باب الخزي ونوافذ العار وكانت نهايتهم عبرة لمن يعتبر  ، لقد زالوا يا ولدي ، وبقيت اليمن.

الوحدة خير يا ولدي ، ولن تبنيها الأحلام والأوهام والأماني ، إنما يعمرها العلم والعدل والمساواة والقانون والحب والحب والحب فأحِبْ الجميع يا ولدي ولا تكره أحدا.