( البردوني لم يولد بعد )

08:26 2023/09/16

عاش المواطن / عبدالله البردوني بين ظهرانينا ، أصيب بالجدري والعمى في عهدنا تعذب وسجن وامتهن وحورب من حكامنا وساستنا ، ذاق الأمرين صغيرا وكبيرا وتكبد شظف العيش والحرمان يافعا وشابا وكهلا ، جوبه بالجحود والنكران في عصرنا ، اغتيل حياً وميتاً واغتيلت أحلامه وأدبه وكتبه ومخطوطاته ومنزله وقبره في زماننا ، ولم نحرك ساكنا ولم نقل عيب ولم نخجل من أنفسنا .

كتبه مفقودة ومسحوبة من الأسواق بفعل فاعل ، منزله أطلال وأثر بعد عين عمدا وعدوانا ، مخطوطات كتبه ودواوينه وتراثه وسر مماته ودفنه ، يعلم الله أي ( الوليد ) صندق وضّاحها وفي أي بئر دفن أنوارها ، قبره مخنوق من كل الجهات فلا موضع شبر تُرك لزواره حقدا وغلا .

هنا وفي ذكرى رحيله الـ 24 المؤلمة ، حاولنا التذكير بهذا المفخرة وهذا العملاق وهذا الجبل بطريقة مغايرة فذهبنا إلى قبره وقلعنا الأشواك من حوله ووضعنا بدلا عنها الورود على ضريحه ، وسرنا إلى داره نظفناها من القمامة والأوساخ ورفعنا لوحة بلون السماء النقية كقلبه ، عل صمم الحكومة وصلد الثقافة وتصخر أمانة العاصمة ، يسمعون النداء ويخجلون قليلا أو يستحون على أنفسهم ويخففون من اللعنات التي تلاحقهم  

البردوني المواطن عاش بيننا نعم ، لكن البردوني الحكيم والبصير والأديب لم يرحل ، بل لم يولد بعد لم يُقرأ قط لم يعرف أبدا ، ستعرفه الأجيال وتقرؤه الأحفاد وتحفظه القلوب وينقشه الخلود ، البردوني ستتحدث عنه العظمة ويذكره الآتي ويصونه الزمان .

 

 الذكرى الـ 24 للرحيل المؤلم- البردوني ضمير اليمن - زعيم الثورة