Image

في ذكرى نكبة ٢١ سبتمبر.. حسرة وانحدار للأوضاع في صنعاء مع استمرار بطش عصابة الحوثي

يعيش سكان العاصمة صنعاء، واقعًا مأساويًا وانحدارًا شديدًا وشاملًا لكل مظاهر الحياة، في ذكرى النكبة الحوثية العاشرة لانقلاب ٢١ سبتمبر  ٢٠١٤.
ويتحسر سكان صنعاء كما هو حال جميع اليمنيين، على حياتهم الكريمة التي كانوا يعيشونها قبل فوضى ٢٠١١، وانقلاب ٢٠١٤، في ظل واقع مأساوي يعيشونه حاليًا.

انحدار لمظاهر الحياة 
واليوم باتت المقارنة بين الوضع الحالي ومرحلة ما قبل 21 سبتمبر 2014 تفرض نفسها على سكان العاصمة صنعاء بفعل الانحدار الشديد والشامل لكل مظاهر الحياة في المدينة بعد عشرة أعوام من انقلاب الحوثيين، او ما يطلق عليه اليمنيين "النكبة الحوثية".
وشهدت صنعاء تغيرات جذرية في جميع المجالات، مما دفع العديد من المواطنين إلى التحسُّر على حياتهم السابقة. حيث تعكس هذه المقارنة الواقع المأساوي الذي يعيشه السكان نتيجة الممارسات الحوثية المستمرة، التي أدت إلى تغيّر وجه العاصمة الغارق في الحرب.

٥٠ سنة للوراء
ويرى العديد من سكان صنعاء، بأن عصابة الحوثي أعادت البلاد خمسين عامًا للوراء وخلقت مجتمعًا فقيرًا يعاني شتى أنواع الاضطهاد.
وفي هذا الصدد يقول يحيى، البالغ من العمر تسعة وثلاثين عامًا، إن عصابة الحوثي المدعومة من إيران “أعادت البلاد خمسين سنة إلى الخلف” منذ سيطرتها على مقاليد السلطة في 2014.
من جانبه، يقول "ابو جواد" ابن الخامسة والأربعين عامًا  “في السابق كنا نفكر كيف نشتري سيارة أو بيتا، أما الآن فنفكر كيف نحصل على لقمة الطعام”.

عقد من الحروب المميتة
فقبل عقد من الزمن، شنّت عصابة الحوثي هجومًا كاسحًا باتجاه صنعاء، بعد سيطرتهم على دماج بصعدة وعمران، وفي ٢١ سبتمبر من العام ٢٠١٤ نفذوا انقلابًا على الدولة وسيطرت بقوة السلاح الايراني على مؤسسات الدولة ونهبتها لتبدأ عملية انتقام وتنكيل بحق اليمنيين.
ومنذ ذلك الحين تمددت عصابة الحوثي ذات الفكر الايراني، لتفرض سيطرتها على نحو ثلثي السكان، لتخلق واقعًا مميتًا ضد البلاد بشنها عدة حروب ضد اليمنيين، أبرزها الحرب الاقتصادية والمعيشية التي بدأت بالبر وانتهت بالهجمات البحرية ضد الملاحة الدولية.

فقدان للديمقراطية
تقول الباحثة ميساء شجاع الدين من مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، في تصريح صحفي، كان لدينا في اليمن قبل الحرب، مجتمعًا ديمقراطيًا محافظا دائما، وعاصمته كانت تضم ذات يوم “أحزابًا سياسية ومجتمعًا مدنيًا نشطًا ومنظمات غير حكومية. وكان يمكن للنساء والرجال الجلوس معًا في مقاهيها”.
أما اليوم، بحسب شجاع الدين، فإن “المناخ السياسي والاجتماعي منغلق للغاية”، وفُرض الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة، وتهيمن على المشهد شعارات الحوثيين التي تنادي بـ”الموت لأمريكا وإسرائيل” و تنتشر صور قادتهم وقتلاهم.
وبحسب شجاع الدين المقيمة في الخارج، كان من الممكن بداية البقاء على الحياد، لكن “اليوم لم يعد ذلك خيارًا. يجب أن نظهر أننا متمسكون بعقيدة الحوثيين”.

عصابة الذعر
وتؤكد منظمة العفو الدولية أنها سجلت منذ عام 2015  في مناطق عصابة الحوثي “العشرات من حالات اعتقال الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين وأفراد الأقليات الدينية” وإدانتهم بتهمة الانتماء إلى “شبكة تجسس أمريكية – إسرائيلية” كما أعلن الحوثيون.
وفي يونيو الماضي، استهدفت موجة جديدة من الاعتقالات موظفين في منظمات يمنية ودولية و13 موظفًا أمميًا، ما زالوا معتقلين، ما أثار الذعر في صفوف المجتمع المدني.

الفرار من البطش
وفي هذا الصدد، يعبّر  مدير إحدى المنظمات غير الحكومية المحلية، عن واقع البطش والتنكيل الذي تمارسه عصابة الحوثي، بقوله إنه فر أولا إلى عدن قبل أن يلجأ إلى أصدقائه في الأردن، تاركًا وراءه زوجته وأطفاله الثلاثة.
ويضيف الرجل البالغ من العمر خمسة وأربعين عامًا من عمّان، حيث يأمل الآن في العثور على وظيفة:“اتخذت القرار دون التفكير كثيرًا، كانت المغادرة خيارًا محفوفًا بالمخاطر، لكنه كان الخيار الوحيد”.

انتهاك التعليم
وعمدت عصابة الحوثي من أجل نشر فكرها المقتبس من الفكر الإيراني، إلى السيطرة على وسائل الإعلام الرسمية وإنشاء وسائل إعلام تابعة لها، وكذلك من خلال كتيّبات تعليمية لم تتردد في تعديلها.
فقد عدّل الحوثيون التقويم ليستعيضوا عن ثورة 26 سبتمبر المجيدة التي اطاحت بحكم اسلافهم  الائمة على يد الجمهوريين عام 1962، بـما اسموها ”ثورة 21 سبتمبر” تاريخ وصولهم إلى السلطة، والتي يعدها اليمنيون ذكرى نكبة حلّت بالبلاد والعباد . وهو تغيير جعل بعض اليمنيين يسخطون. لكن أبوأحمد الرجل الخمسيني من سكان صنعاء يقول “حتى لو منعونا من الاحتفال رسميًا، سنحتفل به في قلوبنا”.

طوق نجاة مؤقت
ومع اتساع دائرة النفور الشعبي من الحوثيين، جاءت حرب غزّة بمثابة هدية ثمينة لهم سارعوا إلى توظيفها دعائيًا من خلال استهداف ما يقولون إنّها سفن إسرائيلية أو ذات ارتباط ما بالدولة العبرية، لدى عبورها البحر الأحمر.
وتذكر هيلين لاكنر المتخصصة في الشؤون اليمنية أن “اليمنيين كانوا دائما مؤيدين للفلسطينيين”، مسلطة الضوء على تعبئة مئات الآلاف من اليمنيين كل أسبوع للمشاركة في التظاهرات التي ينظمها الحوثيون.
لكن تلك الهجمات وضعت حدًا للمفاوضات التي جرت في الأشهر الأخيرة بين المتمردين والسعودية، ما قوّض احتمالية إنهاء الحرب.

وتستمر المعاناة
ومع ذلك كله تستمر معاناة اليمنيين، جراء انقلاب الحوثيين، يعبّر عنها العديد ممن فقدوا الأمن والأمان، ومنهم "ريم" التي انتقلت  للعيش مع عائلتها في السعودية، منذ تسع سنوات، والتي تقول، أنها لم تتمكن من العودة إلى صنعاء لدفن والدها، ولا حضور حفلات زفاف إخوتها وأخواتها.
وتقول المرأة الأربعينية: “أحلم بالعودة إلى حياتي السابقة”. وفي انتظار ذلك تتحدث مع أطفالها عن بلدها، وتقول: “لا أريدهم أن ينسوا أنهم يمنيون".