Image

شركات التكنولوجيا الناشئة تمنح موظفيها الجدد أسهماً أقل مع تراجع التقييمات

خفضت شركات التكنولوجيا الناشئة حزم الأسهم للموظفين الجدد، فيما تصارع للتغلب على الانكماش طويل المدى، حسب بيانات أصدرتها شركة «كارتا» للبرمجيات، التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها. وأظهرت البيانات أن الموظفين الذين يتجهون للعمل في الشركات الناشئة يحصلون على أسهم فيها أقل بنسبة 37% في المتوسط، مقارنة بـ 18 شهراً مضت. وبالكاد تغير متوسط الرواتب خلال تلك الفترة، حيث تقلص بنسبة 0.2% منذ نوفمبر 2022، وفقاً لـ «كارتا»، التي تستقي المعلومات من 43.000 شركة تكنولوجية أمريكية في مراحلها المبكرة، وتستخدم منصتها لإدارة شؤون المستثمرين.

ولطالما كانت حزم الأسهم التي تمنح للموظفين بشركاتهم عنصراً مهماً في التعويضات التي تقدمها الشركات الناشئة، ووسيلة يمكن من خلالها للشركات الوليدة اجتذاب أفضل المواهب حتى إن كانت رواتبهم أقل من المنافسين الأكبر.

ويمكن لمن ينضمون للعمل في الشركات الناشئة، خاصة في المراحل المبكرة، أن يصبحوا أثرياء عن طريق بيع هذه الأسهم عندما تنفذ الشركة اكتتاباً عاماً أولياً. وخلق الاكتتاب العام لشركة فيسبوك عام 2012 جيلاً جديداً من أصحاب الملايين الشباب بين موظفيها البالغ عددهم 3000 موظف، حسبما ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز في ذلك الوقت.

لكن كان هناك انخفاض واسع في تقييمات هذه الشركات الجديدة خلال الـ 18 شهراً الماضية، حيث تراجعت أسهم التكنولوجيا المتداولة في البورصة، كما دفعت أسعار الفائدة المرتفعة المستثمرين نحو استثمارات أقل خطورة.

من جانبه، قال توم كيسر، مدير العمليات لدى «كارتا»: «الشركات متحفظة للغاية في كيفية إدارة النقد والأسهم في سوق تفتقر إلى اليقين». وقال إن الشركات الناشئة تحتفظ بالأسهم لمساعدتها في جمع مزيد من التمويلات بمجرد تحسن أوضاع السوق، مضيفاً أن الموظفين أسهموا بدورهم في هذا التغيير الذي طرأ على التعويضات.

وقال «هناك جزء آخر من هذا التحول، وهو أن الموظفين لم يعودوا يؤمنون بمقايضة ساعات العمل أو التعويضات بالأسهم، لأنهم يعتقدون أن السوق لم تعد كما كانت مولدة للثروة»، وتابع «تنظر أقسام الموارد البشرية فيما يقدره الموظفون حقاً، وهم يقيمون وزناً للنقود في الوقت الراهن أكثر من الأسهم».

وأفادت «كارتا» أن نحو 20% من الاستثمارات في الشركات الناشئة التي تتبعتها العام الماضي كانت «متناقصة»، ما يعني أن قيمة التمويل كانت أقل من المرة الأخيرة التي حصلت فيها الشركة على أموال، مشيرة إلى أنه كان أعلى معدل للتناقص منذ أوائل 2018. ويعني انخفاض التقييم أن الأسهم التي يحتفظ بها الموظفون المبتدئون أقل قيمة من ذي قبل، حتى بالنسبة لمن حصلوا على شريحة أكبر من الكعكة.

وتقلصت حزم الأسهم التي تقدمها الشركات الناشئة حتى مع انخفاض أعداد الموظفين في المتوسط، بحسب «كارتا». وشهد العام الماضي أول صافي انكماش سنوي في التوظيف داخل الشركات الناشئة منذ 5 أعوام على الأقل، مع معدلات مغادرة للوظائف أكبر من التعيينات الجديدة.

وانخفض معدل التوظيف بهذه الشركات في 2023 على أساس سنوي، وكان معدل خروج الموظفين منها كبيراً، إذ تشير بيانات «كارتا» إلى مغادرة 32% من الموظفين المعينين في 2022. وشهدت الشركات الناشئة موجة تسريحات في وقت مبكر من العام الماضي، شملت تسريح 18.000 موظف في يناير وحده، بالتزامن مع تسريحات ضخمة للموظفين من كبرى شركات التكنولوجيا خلال ذلك الشهر.

أما الموظفون الحاليون في الشركات الناشئة، فقد قضوا العامين الماضيين وهم يشاهدون قيمة أسهمهم وهي تواصل الانخفاض على نحو حاد. ويتيح الاكتتاب العام الأولي أو بيع الأسهم في الأسواق الخاصة للموظفين التخلّي عن حيازاتهم من الأسهم. لكن تظهر مجموعة من صفقات البيع الأخيرة بيع الموظفين أسهمهم بتقييم أقل كثيراً مما كانوا يأملونه.

وبلغ تقييم تطبيق إنستاكارت لتوصيل البقالة 9.9 مليارات دولار عند إدراج الشركة في البورصة في سبتمبر، وهو نذر يسير من تقييم قيمته 39 مليار دولار بلغته في 2021. وفيما يتعلق بالاكتتاب العام الأولي لشركة ريديت للتواصل الاجتماعي في الأسبوع المقبل، يُتوقع أن تتراوح قيمة الشركة بين 5.8 -6.4 مليارات دولار، ما يقل عن تقييم يبلغ 10 مليارات دولار كانت قد وصلته الشركة في آخر تقييم خاص لها.

أما بعض الشركات الناشئة التي أرجأت خطط الاكتتاب العام الأولي في خضم الكساد، فقد أجرت مبيعات خاصة للأسهم بالأشهر الأخيرة لمنح قدر من السيولة للموظفين الذين ترتبط ثرواتهم بخيارات شراء الموظفين للأسهم. ونظمت مجموعة سترايب للمدفوعات في وقت مبكر من هذا الشهر بيعاً لأسهم موظفين لديها تقدر بمليار دولار، وهي صفقة حددت قيمة الشركة عند 65 مليار دولار، ما يقل عن الذروة التي بلغتها في 2021 عند 95 مليار دولار.

وفي ضوء انخفاض التقييمات، سارعت بعض الشركات الناشئة إلى إعادة تسعير خيارات شراء الموظفين للأسهم، وخفضت سعر المِنَح من أجل زيادة الحافز المالي للموظفين الذين يحتفظون بها. وبحسب بيانات «كارتا»، كانت الأرباع السنوية الستة الماضية هي الفترة الأكثر ازدحاماً من حيث إعادة تسعير خيارات شراء الموظفين للأسهم منذ بداية 2019.