Image

المراهنون على ارتفاع بيتكوين أثبتوا أنهم ليسوا الأكثر حماقة

يجب أن يشعر المراهنون على ارتفاع «بيتكوين» بالرضا، بعدما تم نبذهم باعتبارهم مهووسين.

فقد اتخذ هؤلاء المراهنون قراراً دقيقاً حيال المكاسب المُحتملة للعملة المُشفرة، بالنظر إلى ارتفاعها المذهل الذي تحققه حالياً، وكانوا محقين في ذلك، أو على الأقل جزئياً، ولأسباب ليست واهية بالمرة.

كان الكثير من المستثمرين الجديين والخبراء الاقتصاديين التقليديين أعلنوا رفضهم لـ«بيتكوين» عندما كانت تنطلق بقوة في مُستهل العقد الحالي، بل وصفوها أنها صيحة تافهة، وعديمة الجدوى بل إنهم اعتبروها عملية احتيال. أما احتقارهم لها، الذي تأكد على ما يبدو بهبوطها الشديد في 2022، وما زالوا يصرون على ذلك اليوم، فيما تنفصل العملة بنفسها عن بقية العملات المُشفرة.

وبالعودة إلى 2021، كانت «بيتكوين» غالباً ما تُجمع بمجموعة تفضلها حشود المتداولين اليوميين وقتها، مثل أسهم شركات التكنولوجيا غير المُربحة وأسهم «الميم». واليوم، يتم تداول هذه الفقاعات الصغيرة في المتوسط عند نصف مستويات الذروة التي شهدتها، في حين قفزت «بيتكوين» أخيراً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق. من النادر للغاية لفقاعة أن تنفجر ثم تعود لتتعافى وتبلغ مستويات مرتفعة جديدة، وأن تشي باحتوائها على أمر ما حقيقي ومُستدام. إن عودة «بيتكوين» استثنائية بالفعل، فهي تخالف الهيئة الحالية للسوق الصاعدة التي تتركز للغاية في أسهم كبرى شركات التكنولوجيا.

وقد أخذ المستثمرون أسهم كبرى شركات التكنولوجيا على محمل الجد طوال هذه المدة، وربما على نحو أكبر في الوقت الحالي، باعتبارها العمالقة الأكثر ترجيحاً لأن تهيمن على مستقبل الذكاء الاصطناعي. لكن هذا الهوس بالذكاء الاصطناعي لا صلة له باندفاع «بيتكوين» للأمام.

لقد ثَبُتت صحة تفكير المراهنين على ارتفاع «بيتكوين» بشأن آفاق العملة كاستثمار طويل المدى، ولكونها العملة الأبرز وسط العملات المُشفرة في هذا الصدد. ومنذ تسجيلها أدنى مستوياتها في أواخر 2022، تصاعدت أسعارها بنحو 300 %، وتخطت بذلك أبرز 10 عملات مُشفرة باستثناء «سولانا».

علاوة على ذلك، يستند تسارع وتيرة نمو العملة إلى القاعدة الأكبر كثيراً، إذ إن «بيتكوين» أكبر بثلاث مرات من أقرب منافسيها وهي «إيثيريوم»، مع بلوغ قيمتها السوقية ما يربو على 1.3 تريليون دولار.

ومن بين أكبر 100 عملة مُشفرة، تسجل خمس منها أعلى مستوياتها على الإطلاق أو تقترب من هذه المستويات، وهي «بيتكوين» وأربعة آخرون لا يناهزونها حجماً.

وكان المشككون أكدوا أن العملة لا يمكن أن تؤخذ على محمل الجد في ظل التأرجح الكبير الذي ينتاب أسعارها. لكن تقلباتها آخذة في الانخفاض على نحو حاد، وفقاً لما جاء عن «بلومبرغ»، التي لفتت إلى تراجع حدة تقلباتها لأدنى مستوياتها التاريخية، ونوهت بأن تقلباتها أقل بنحو خمس مرات من المستويات التي شهدتها في أوج مكاسبها خلال العقد الماضي. ومع ذلك، فإن «بيتكوين» أقل أماناً كعملة مقارنة بالدولار الأمريكي فهو أقل تقلباً بسبع مرات، وأقل أماناً أيضاً من الذهب باعتباره استثماراً فهو أقل تقلباً بأربع مرات تقريباً.

عموماً، فإن أساسيات العملة لم تكن دائماً مؤكدة لحُجة المراهنين على ارتفاعها. وتوقع هؤلاء أنها ستصبح «الذهب الرقمي» الجديد، بدعم من شهرتها في أوساط الشباب. لكن ما زال الأمر لا يعدو كونه حلماً. وإذا ما تحدثنا عن الذهب، لوجدنا أنه قائم بذاته ويُتداول عند أعلى مستوياته على الإطلاق، متخطياً قيمته العادلة بكثير استناداً إلى توقعات التضخم. وفي سبيل التنويع بعيداً عن الدولار، تشتري المصارف المركزية حول العالم الذهب، لا «بيتكوين»، وبوتيرة قياسية.

الأكثر أهمية من ذلك، لا تزال «بيتكوين» بعيدة تمام البُعد عن تأكيد نظرة مفادها أنها ستصير وسيطاً لصرف العملات. وقد كشف مؤشر عالمي للاستخدام الشعبي للعملات المُشفرة انخفاض معدل تبني هذه العملات بصفة عامة بنحو 60 % من الذروة المسجلة في 2021. أما الدول التي ما زالت تسرع خطاها في تبني العملات المشفرة، فإنها تميل إلى أن تكون واقعة في مشكلات ولديها عملات وطنية متعثرة، مثل أوكرانيا والسلفادور.

وتشكل «بيتكوين» أقل من 10 % من المعاملات بواسطة العملات المشفرة حول العالم. كما أن نحو 70 % من حسابات «بيتكوين» كانت خامدة طيلة عام، ما يشي بإقبال الناس على شراء العملة وحيازتها باعتبارها استثماراً، وليس لاستخدامها في عمليات شراء في مقهى «ستاربكس». وفي الحالات القليلة التي يستخدم فيها الناس العملات المُشفرة لأسباب تتعلق بالمعاملات التجارية، فهم يركزون في ذلك على العملات المستقرة المُصممة لتتبع العملات الصعبة وتتداول بأسعار مستقرة.

إلى ذلك، تصب الاتجاهات في صالح المراهنين على ارتفاع العملة، حيث يشير المراهنون إلى أن «بيتكوين» تحفزها الحدود المفروضة على المعروض منها. وينخفض إنتاج «مناجم» العملة مرة كل أربعة أعوام، ومن المُقرر أن يحدث التصنيف التالي في أبريل المقبل. ويُعد هذا محركاً كبيراً للمكاسب الحالية.

وتنظر الكثير من المؤسسات الكبرى إلى العملة المُشفرة باعتبارها استثماراً مشروعاً. وعززت هذه المؤسسات في الأعوام الأخيرة من حيازاتها من العملة بنسبة قوية تتجاوز 9 % بكثير في المتوسط. وبعد موافقة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية في يناير، أسست 11 مؤسسة منها صناديق «بيتكوين» مُتداولة في البورصة وأتاحتها أمام عموم الناس، وتتجه هذه السوق إلى النمو من 50 مليار دولار حالياً إلى 300 مليار دولار في 2025.

إن «بيتكوين» تبدو على نحو متزايد وكأنها أصلاً يتمتع بقوة باقية، وليست مجرد صيحة عابرة. وتُعد مغالاة السوق سمة لأي سوق صاعدة جامحة. ومع ذلك، من يُدعون بأنهم مهووسون لديهم أسباب جيدة تدعوهم للاحتفاء، وليس المشككين. وثمة حكمة قديمة في وول ستريت تناسب مثل هذه الأوقات: لا يرقص سوى الحمقى، لكن الأكثر حماقة هم من يقفون متفرجين.