Image

للعام الثالث عشر على التوالي .. رمضان يهل على اليمنيين بحلته الحزينة

يحل شهر رمضان المبارك على اليمنيين، كما هو عادته منذ 13 عاما بحلته الحزينة المثقلة بالمعاناة التي تسببت بها مليشيات الحوثي الارهابية الإيرانية، ومن قبلها فوضى الاخوان المسلمين في عام 2011.
ومع مرور السنوات، تزداد المعاناة لدى اليمنيين في ظل انهيار مؤسسات الدولة، وغياب الجهات التي تهتم بحياة المواطنين، لتزيد هذا العام مع توقف برامج المساعدة الدولية نشاطها في اجزاء كبيرة من البلاد بحجة نقص التمويل، فيما السبب الحقيقي يقف وراءه مليشيات الحوثي، التي منعت تقديم مساعدات خيرية للفقراء والمحتاجين من قبل فاعلي الخير في مناطقها.

قلة الغذاء وارتفاع الأسعار
تعيش اليمن حالة انسانية صعبة في ظل تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية في ظل انهيار العملة المحلية التي انتجت ارتفاعا كبيرا في اسعار السلع الاستهلاكية والبضائع، وزاد من تفاقم الازمة توقف برامج مساعدات دولية عن تقديم المعونات والمساعدات الانسانية لأسر عدة.
ومن ابرز البرامج الانسانية التي كانت توفر لشريحة كبيرة من اليمنيين عدد من السلع الاستهلاكية، توقف برامج الغذاء العالمي التابع للام المتحدة نشاطه في مناطق الحوثيين ومناطق عدة في البلاد منذ سبتمبر 2023، بحجة نقص في التمويل.
ومع حلول الشهر الكريم هذا العام، اعرب برنامج الاغذية العالمي عن خشيتة من أن أكثر من 20 مليون يمني لن يستمتعوا بوجبات رمضان المفضلة لديهم، مشيرا إلى ان اليمنيين باتوا يصومون معظم أيام السنة.
ومع شحة المساعدات الانسانية والغذاء الذي كانت تتكفل بها العديد من المنظمات الانسانية العاملة في اليمن، وارتفاع أسعار السلع نتيجة عوامل يمنية بحتة ابرزها إرهاب الحوثي ومنع تصدير النفط والغاز، واستهدافها الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وسبقه استهداف السفن المتجهة الى ميناء عدن وتحويلها إلى ميناء الحديدة، وانقسام العملة وانهيارها بشكل كبير امام العملات الاجنبية.

صراع ومعاناة 
ومع استمرار الصراع الذي تسببت به الجماعات الارهابية " حزب الإصلاح والحوثيين" منذ قيادتهم لفوضى 2011، وما تلاها من حروب على مدى التسع السنوات الماضية، وصل الحال بالمواطن الى فقدان مصادر غذائه اليومي، إلى جانب معاناته في مجالات اخرى واهمها عدم توفر فرص عمل وأمن واستقرار.
وتشير تقارير محلية حول الأوضاع التي يعيشها المواطن اليمني مع حلول الشهر الكريم هذا العام، إلى ان معظم المناطق في البلاد خاصة الريفية، بات السكان يبحثون عن الأوراق الخضراء لتكون مصدر غذائهم في موائد رمضان بعد فقدانهم القدرة على توفير حتى السلع الاستهلاكية الاساسية بسبب ارتفاع اسعارها وانعدام النقد لشرائها.
ومع شح الغذاء ومصادر الدخل، وفقدان العديد من الخدمات، وعدم وجود معالجات حكومية، ومنع تقديم المساعدات الخيرية، وتوقف برامج المساعدات الانسانية لعدد من المنظمات الدولية، واستمرار الصراع والمتاجرة بمعاناة المواطنين، زاد حلول رمضان هذا العام من صعوبة حياة الأُسر، خاصة تلك التي كانت تتلقى مساعدات خيرية فيه تكفيها لمواجهة متطلبات المائدة الرمضانية والأيام التي تلي الشهر الكريم.

صيام وجوع 
وتقول "أم سامح" نازحة من تعز في عدن، بأنهم لم يعودوا يجدون ما يسدون به جوعهم من الغذاء، ووصل بهم الحال مع توقف المساعدات المقدمة من المنظمات المهتمة، وصل بهم الحال إلى حد المجاعة، مؤكدة ان الصيام يعد وسيلة للهروب من الجوع بحجة العبادة.
وتشير إلى ان حلول الشهر الكريم هذا العام، جاء مع عدم وجود أي مساعدات حتى "التمور" التي كانت توزع في هذا الشهر بشكل كبير خلال الاعوام الماضية، هذا السنة لم يتم توزيع أي مساعدات عليهم، نتيجة تدهور الحالة المعيشية للأُسر، وتوقف عمل العديد من المنظمات التي توقفت عن تقديم المساعدات لهم منذ نهاية العام الماضي، حسب قولها.
من جانبه، يؤكد "اسعد اسماعيل"، معلم نازح في عدن من الحديدة لـ "المنتصف"، بأنهم لم يعد لديهم القدرة على الاستمرار في العيش والحياة، مع انعدام المساعدات وتوقف صرف مرتبات النازحين، وان صُرفت تُصرف على فترات، أي بعد ثلاثة إلى اربعة اشهر، وفي حال صرفها لا تكفي لسداد الديون وتسديد إيجارات المنزل.
ويؤكد بأن العديد من الأسر تعيش أوضاعًا سيئة في الحي الذي يتواجد فيه بمديرية التواهي في عدن، مشيرًا إلى ان الأوضاع لا تطاق وتوفير القوت اليومي اصبح يمثل جهادًا على رب الاسرة وحتى على أفراد الاسرة في ظل العوز المنتشر لدى معظم الأسر والعائلات من ابناء المدينة، فكيف بحال النازحين؟

صوم بلا سحور
تقول "أم سامح" لـ "المنتصف" بأنها وعائلتها المكونة من ثمانية أفراد معظمهم نساء واطفال، صاموا اليوم الاول من الشهر الكريم بلا سحور، موضحة بانه تم وعدهم من احد فاعلي الخير بتقديم خبز للسحور، لكنهم ظلوا ينتظرون حتى قرب أذان الفجر، ولم يصل الخبز، فقرروا أن يشربوا ماء وعقد الصيام.
وتوضح بأنها تعمل مع عدد من أطفال الأسرة خلال نهار رمضان، في تنظيف وتقشير خضروات لدى اصحاب محلات بيع الخضروات، للحصول على بعض الخضروات لطبخها والعشاء عليها.

دور المرأة في رمضان
وتثبت ربة الاسرة النازحة" أم سامح"، أهمية دور المراة اليمنية في شهر رمضان، خاصة فيما يتعلق بإعداد وجبهات الطعام خاصة الأطباق الرمضانية، فهي ربة منزل وأم وعاملة لتأمين الغذاء لأُسرتها، وتوفير بعض من أجواء رمضان.
وتحلم "أم سامح" بأن توفر خلال ايام وليالي الشهر الكريم، القليل من الطحين وحبات بيض والقليل من زيت الطبخ لإطعام أسرتها، لكنها لا تخفي خوفها من قدوم العيد وكيف سوف تستطيع توفير كسوة لأفراد الاسرة في ظل العوز المعاش على مستوى الأحياء القريبة من سكنها في حي اسحاق بمديرية المعلا.

استمرار المعاناة 
ومع هذه الحالات التي تعكس حياة ملايين اليمنيين، تبقى مسؤوليات ما تعيشه الأُسر اليمنية مسؤولية يتحملها المسؤولون في الحكومة الشرعية، إلا انها تُعد نتائج وانعكاسات لانهيار الدولة وغياب السلطات، التي هدمتها اطراف الفوضى في 2011 التي عملت على سقوط النظام تنفيذًا لمؤامرات خارجية، فأسقطت حياة اليمنيين، وسقطت البلاد بأكملها، ومازالت المؤامرة مستمرة بحقيقة ما يجري في البحر الأحمر وباب المندب من قبل ذراع إيران.