العلاقة بين الجانبين بدأت بصفقة ايرانية عام 2015 .. كيف عطّل تنظيم القاعدة في اليمن الهجمات ضد الحوثيين؟
أكدت تقارير إعلامية عربية، بأن التقارب بين مليشيات الحوثي الارهابية وايران من خلفها، وتنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن، بدأ في العام 2015، عندما قادت ايران عملية إطلاق سراح قيادات التنظيم من السجون اليمنية ومن ضمنهم زعيم تنظيم القاعدة الحالي "سيف العدل".
ووفقًا للتقارير، فإن العلاقة بين التنظيم وإيران، ممتدة إلى ما قبل "سيف العدل" الذي يقيم حاليًا في ايران، ما جعل العلاقة بين ايران والقاعدة تزداد توطيدًا ويقبل بها تنظيم "داعش" الرديف الثاني للتنظيمات الإرهابية الدموية في المنطقة.
القاعدة والأثر الإيراني
يشير تقرير لـ "قناة اخبار الآن"، بث في 25 فبراير الماضي، إلى انه في إحدى مجموعات المناصرين على التلغرام، لفت هذا الأسبوع جدل طويل بين أنصار داعش والقاعدة حول علاقة كليهما بإيران، فكل طرف يتهم الآخر بأنه ربيب "الرافضة" وحامي حماهم.
مثل هذا الجدل ليس جديداً، ولكن استوقفتنا بعض الردود من جانب أنصار القاعدة تحديداً قد تكون مؤشراً على المزاج العام بينهم حول علاقة التنظيم بإيران من خلال سيف العدل.
أثار أنصار داعش مسألة إقامة سيف العدل في طهران دليلاً على سيطرة نظام الملالي على قرار القاعدة، فكان رد القاعديين أن شككوا في تلك المعلومة.
يقول أحدهم: ”إذا كانت أمريكا باستخباراتها لم تعرف أين مكانه لذلك وضعت لمن يدلي بمعلومات عن مكانه ومقتله كذا مليون دولار.“، فيرد مناصر داعش أنّ الدليل هو قتلُ رفيقه أبي محمد المصري في طهران. ومرة أخرى، يشكك أنصار القاعدة في تلك المعلومة.
ونقول وبالرجوع إلى أدبيات الجهاديين أنفسهم من دون الاستعانة بتقارير الإعلام العربي والعالمي، نجد أن الجهادي المخضرم خالد العاروري أبا القسام الأردني ذكر في أكتوبر 2017 أن سيف العدل وأبا محمد المصري كانا في طهران يعيشان حياة طبيعية وإن كانا ممنوعين من السفر إلى خارج البلاد. فهل غادر سيف العدل طهران بعد ذلك التاريخ؟ على الأرجح لا.
صفقة ايران في اليمن
لنتذكر أن سيف العدل وأبو محمد كانا ضمن صفقة تبادل سجناء بين إيران وتنظيم قاعدة اليمن في 2015، أبو القسام الأردني كان من ضمن الصفقة وغادر وآخرين مثل أبي الخير المصري من طهران إلى إدلب، أما سيف العدل وأبو محمد فبقيا في إيران لسبب غير معلوم.
أما عن تشكيك انصار القاعدة في قتل أبو محمد المصري في طهران، فقد ذكر أحدهم أنه قُتل في الشام، والحقيقة أن الذي قُتل في الشام هو أبو الخير.
نستدل على خبر قتل أبي محمد بما نقله القيادي في قاعدة اليمن خبيب السوداني إبراهيم القوصي في كتابه ”شذرات من تاريخ القاعدة“ في طبعتيه الأولى والثانية. في الصفحة رقم 10 وفي الهامش، كتب السوداني: ”قبل الفراغ من هذا الكتاب تلقينا نبأ اغتيال الشيخ أبي محمّد المصري مع ابنته الكبرى (زوجة حمزة بن لادن) على أيدي الموساد اليهودي في إيران.
تعطيل الهجمات على الحوثيين
واورد التقرير، مسألة اتهام أنصار داعش، لعناصر القاعدة بتعطيل الهجمات ضد "الروافض في اليمن" أي الحوثيين المدعومين إيرانياً، أنصار القاعدة ردوا إن الجواب "في الجبهات".
ونقول إن داعش اليمن مُني بخسارة كبيرة في اليمن عندما "انحاز" من قيفة في أغسطس 2020، وهذا موثق في صحيفة النبأ الصادرة عن التنظيم في عددها 248، وفي ذلك الوقت دار جدل حول الدور الذي لعبته القاعدة في "تسليم" قيفة برداع للحوثيين.
في المحصلة، عندما يقول أنصار القاعدة إن التنظيم يقاتل الحوثيين في الجبهات، فهذا كلام يجانب الصواب.
التنظيم لم يهاجم الحوثيين
وفي هذا الاطار، تؤكد الوقائع بأن تنظيم القاعدة في اليمن لم يشن هجمة واحدة ضد الحوثيين المدعومين إيرانياً طوال العام الفائت على أقل تقدير، وهذا ما وجدناه من خلال تتبع منشورات التنظيم عبر مؤسسة الملاحم الرسمية على Rocket Chat التي لم تتعرض للحذف خلال فترة الرصد. هجمات التنظيم كلها كانت ضد القوات اليمنية في الجنوب.
في الفترة من يناير 2023 إلى فبراير 2024، لم يسجل التنظيم هجمة واحدة ضد الحوثيين مقابل 73 هجمة ضد القوات اليمنية.
قبل ذلك التاريخ، في أربعة أشهر فقط من 13 سبتمبر 2022، عندما انطلقت حملة سهام الحق، حتى يناير 2023، شن التنظيم 43 هجمة ضد القوات اليمنية، مقابل خمسين هجمة فقط شنها التنظيم ضد الحوثيين في ثلاثة أعوام كاملة من 1 يناير 2020 إلى يناير 2023.
وهكذا يظهر بوضوح أن التنظيم عطّل الهجمات ضد الحوثيين المدعومين إيرانياً رغم توفر قدرات معتبرة العام الفائت باستخدام الطائرات المسيّرة في الهجوم.
القاعدة والحوثيين .. تخادم مستمر
وفي هذا الصدد، تؤكد مصادر قبلية يمنية مقربة من تنظيم القاعدة في اليمن، أن العلاقة بين مليشيات الحوثي المدعومة من إيران وتنظيم القاعدة توترت خلال الأسابيع الماضية قبل أن تعود إلى طبيعتها.
وبحسب المصادر القبلية فقد أوقفت مليشيات الحوثي عملية الإفراج عن دفعة جديدة من سجناء التنظيم لديها في محافظة البيضاء، بعد أن كانت قد وعدت بالإفراج عنهم حسب التفاهمات الأخيرة مع التنظيم.
لكن عادت ميليشيات الحوثي ورفضت الإفراج عنهم، بعد انخفاض وتيرة العمليات العسكرية لتنظيم القاعدة وتراجعها في شبوة وأبين.
تجاذب بين الجانبين
ونقل عن مصادر جهادية في محافظة البيضاء وسط اليمن، تأكيدها بأن جماعة الحوثي كانت تزعم أن سبب تأخير الإفراج عن السجناء التنظيم بسبب التصعيد العسكري الغربي الأخير والقصف الذي تتعرض له الجماعة، لكن اتضح أن هذا الأمر غير صحيح.
واشارت إلى أن التنظيم كنوع من الضغط لوح بقطع علاقته مع جماعة الحوثي إذا لم تفرج عن السجناء لكن قادة في الجماعة رفضوا ذلك وكشفوا أن السبب الحقيقي لعدم الإفراج عنهم، يعود لتوقف عمليات التنظيم.
ما أسباب توقف عمليات التنظيم؟
يحاول قادة تنظيم القاعدة إخفاء الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انخفاض العمليات بشكل كبير، وأرجعوا ذلك إلى قلة الإمكانيات العسكرية، رغم حصول التنظيم في شهر ديسمبر الماضي على مزيد من الدعم العسكري من قبل مليشيات الحوثي، وأبرزها العبوات الناسفة بكمية أكبر من السابقة مع كل متطلباتها الإلكترونية، وكذلك الصواريخ والمسيّرات وقذائف خاصة بها.
لكن قيادي جهادي مقرب من أمير التنظيم خالد باطرفي، اوضح بأن السبب الحقيقي لتوقف العمليات يعود إلى الخلافات التي داخل التنظيم وأبرزها خلاف الأمير مع القادة الميدانيين.
اتفاق مبدئي
مصادر جهادية في محافظة البيضاء وسط اليمن، أكدت أن بعض المناقشات تمت بين مسؤول التواصل معتز الصنعاني، وهو المكلف من أمير التنظيم خالد باطرفي وقادة مليشيات الحوثي أفضت إلى عودة العمليات ضد القوات الأمنية في محافظتيّ شبوة وأبين خلال الفترة القادمة، ومن ثم سيتم الإفراج عن السجناء بعد شهرين من عودة العمليات.
خلال الأيام الماضية فشل عقد لقاء بين معتز الصنعاني، وقادة الميليشيات في محافظة البيضاء، قبل أن تتدخل وساطات قبلية لمشائخ في شبوة والبيضاء موالين للحوثيين تمكنوا من تقريب وجهات النظر بين التنظيم والميليشيات الحوثية لتعزيز العمل بين الطرفين خلال الفترة القادمة، وهو الأمر الذي أفضى إلى نجاح الوساطة في إقناع الطرفين لعقد عدة لقاءات في أحد منازل المشايخ الموالين لميليشيات الحوثي في منطقة مرخة بمحافظة شبوة والمتاخمة لمحافظة البيضاء.
وتأتي هذه اللقاءات في وقت تسعى فيه ميليشيات الحوثي لتوسيع عملياتها في عدة محافظات خاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، لا سّيما مأرب وشبوة.