Image

إسرائيل تدمر منزل عرفات "رمز الدولة الفلسطينية"

لم يكن منزل الرئيس الفلسطيني الراحل محمد القدوة المعروف باسم ياسر عرفات والملقب بأبو عمار و"الختيار" مجرد جدران يعيش داخلها، بل كان متحفاً متواضعاً يحكي قصص ومراحل تطور الحال الفلسطينية، حتى إن تدميره من قبل الطائرات الإسرائيلية يعد شاهداً على ما مرت به القضية التي كرس حياته لأجلها.

ولحقت أضرار واسعة بمنزل الراحل عرفات إثر تعرضه لقصف إسرائيلي بالطائرات والمدفعية استهدف مدينة غزة، وصلت حد تدميره بشكل جزئي إذ بات غير صالح لإعادة تأهيله أو إعماره وتفترض إزالته كلياً بعد الحرب.ونجى منزل عرفات لأكثر من خمسة أشهر من عمر الحرب التي لم تتوقف بعد، لكن القصف المتواصل على غزة أصابه في اليوم الـ 139 وحوله إلى هيكل خرساني مشوّه وغير ملامحه، كما فعل القتال العنيف في الجزء الشمالي من القطاع.

معلوماته الجغرافية

يقع منزل أبو عمار وسط مدينة غزة حيث انتقلت إسرائيل إلى المرحلة الثالثة من الحرب التي تشنها على القطاع، وقد شيد عام 1990 على مساحة 900 متر مربع، ويتكون من طبقتين فقط وحديقة صغيرة، الطبقة الأولى عبارة عن صالة جلوس كبيرة وحمام، أما الطبقة الثانية فهي مكونة من غرفة نوم وقاعة لقاءات ومكتب وشرفة وحمامين ومطبخ صغير وصالة جلوس.

ويشبه منزل أبو عمار أي وحدة سكنية في غزة، ولا توجد به أي مظاهر للترف فتأثيثه متواضع جداً، وحتى مستوى الحماية وتأمينه كان عادياً، إذ تحيط به بعض الكثبان الرميلة لتشكل سواتر من أي اعتداء.

ملكيته

لم يكن المنزل الذي عاش فيه عرفات عقاراً مملوكاً له ولا لأي لأحد من أفراد عائلته، بل هو ملك للطبيب الفلسطيني عقيل مطر ومسجل باسمه، وهو الذي شيده وأشرف على تأثيثه من الداخل، وعندما أتى عرفات إلى غزة قادماً من تونس عام 1994، لم يكن له أي مسكن خاص به، وكان ينام كل فترة في منزل أحد أصدقائه، وفي عام 1995 أهدى الطبيب مطر المنزل إلى الرئيس الفلسطيني الراحل.

لم يقبل عرفات المنزل كهدية ورفض تسجيله باسمه، وسكنه بعقد إيجار سنوي وظل كذلك حتى وفاته، وبعدها انتقلت ملكيته بصورة رسمية إلى صندوق الاستثمار الفلسطيني.

1/5لحقت أضرار واسعة بمنزل الراحل عرفات إثر تعرضه لقصف إسرائيلي بالطائرات والمدفعية استهدف مدينة غزة (مريم أبو دقة - اندبندنت عربية)2/5بعد وفاة عرفات أصبحت "مؤسسة ياسر عرفات" تعتني بمنزله وتشرف على إدارته وتحافظ على مقتنياته (مريم أبو دقة - اندبندنت عربية)3/5لم يكن المنزل الذي عاش فيه عرفات عقاراً مملوكاً له ولا لأي لأحد من أفراد عائلته (مريم أبو دقة - اندبندنت عربية)4/5يشبه منزل أبو عمار أي وحدة سكنية في غزة، ولا توجد به أي مظاهر للترف (مريم أبو دقة - اندبندنت عربية)5/5يضم منزل أبو عمار مقتنياته الشخصية والعائلية، ففي غرفة نومه سرير بسيط وخزانة بها القليل من الملابس المتشابهة (مريم أبو دقة - اندبندنت عربية)

تدمير التاريخوبعد وفاة عرفات أصبحت "مؤسسة ياسر عرفات" (وطنية غير حكومية) تعتني بمنزله وتشرف على إدارته وتحافظ على مقتنياته وتحيي ذكرى رحيل الرئيس، وتحول المنزل إلى "مزار شعبي" ثم إلى متحف يحكي قصص حياة الزعيم.

ويقول مدير "مؤسسة ياسر عرفات" موسى الوزير إن "استهداف إسرائيل لمنزل القائد المؤسس أبو عمار وتدميره يعني أنها تلاحقه حتى بعد وفاته، ويعني أيضاً أنها تمس بكرامة الراحل ورمزيته ومشوار نضاله وكفاحه، فالجيش الإسرائيلي دمر تاريخ أبو عمار وتاريخ القضية الفلسطينية".

ويضيف الوزير، "كان منزل أبو عمار شاهداً على مفاصل مهمة في تاريخنا، وتدميره كذلك يُعد شاهداً ودليلاً على جرائم إسرائيل ووحشية الحرب على غزة"، لافتاً إلى أن "قصف منزل عرفات يعد اعتداء على الموروث والإرث الثقافي الفلسطيني".

حياته في المنزل

عاش أبو عمار في منزله ستة أعوام فقط (1995-2001)، وبعدها غادر قطاع غزة إلى الضفة الغربية وهناك حاصرته الدبابات الإسرائيلية وتوفي عام 2004.وعندما كان أبو عمار يسكن منزله في غزة لم يكن يقضي فيه يومه، بل كان يتردد إليه في أوقات الليل فقط من أجل الاستحمام والنوم، أما باقي نهاره فكان يتجول في شوارع غزة ويشرف على تطور الحال الفلسطينية ويزور قادة الفصائل.يوضح الوزير أنه لهذا السبب لم يهتم عرفات بمنزله، وأنه كان يترفع دائماً عن جعله مقراً للرئاسة، وكان يفضل العمل الميداني أكثر من العمل المكتبي والرسمي، ولكن على رغم ذلك كان يحبه.ويشير الوزير إلى أنه لا يوجد في غزة مقر للرئاسة، ولذلك كان عرفات يستقبل زعماء وقادة العالم في منزله، ومنهم الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، والرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، وصاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم دولة الإمارات.

ماذا في داخل المنزل؟

يضم منزل أبو عمار مقتنياته الشخصية والعائلية، ففي غرفة نومه سرير بسيط وخزانة بها القليل من الملابس المتشابهة، وستائر خفيفة وشرفة ذات باب خشبي خلفه كرسي واحد من النوع الهزاز.

وفي الغرفة المجاورة مكتب خشبي بسيط وخزانة بها بعض المستندات الرسمية وشهادة جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها عام 1994، أما صالة الجلوس فتحوي عدداً من المقاعد الإسفنجية تتوسطها طاولة خشبية كان يعقد من حولها اجتماعاته الرسمية.وأمام مدخل المنزل عشرات الأوسمة والدروع التكريمية والهدايا الرمزية التذكارية مثل الخناجر والمنحوتات الخشبية التي نقشت بداخلها خريطة فلسطين وقبة الصخرة، وكثير من الصور التي التقطت له مع قيادات الفصائل الفلسطينية ورؤساء العالم.

استولت عليه "حماس" وتعرض للسرقة

وعندما سيطرت "حماس" على الحكم في قطاع غزة عام 2007 استولت على منزل الرئيس الفلسطيني، وفي أحداث الاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني فقدت بعض مقتنياته ولم تستعاد، وبعد عامين من إحكام سيطرتها على منزل أبو عمار سلمت "حماس" المنزل إلى "مؤسسة ياسر عرفات"، وقالت حينها إن قرار التسليم جاء بعد تسلم طلب من سهى عرفات زوجة الزعيم الراحل.

لم تسقط الصورة

وبعد هذه المراحل الطويلة في حياة عرفات قصفت إسرائيل منزله بشكل جزئي، لكن عندما تمكن بعض الأشخاص من الوصول إلى المنزل المستهدف لاحظوا أن صورة الراحل وهو يحمل غصن الزيتون للدلالة على السلام لا تزال على الحائط ولم تسقط، وأدلى بهذه الشهادة لـ "اندبندنت عربية" المواطن منجد البهتيني.

ووفقاً لمدير "مؤسسة ياسر عرفات" فإن أبو عمار كان يشجع السلام ويطمح إلى التوصل لاتفاق سلام مع الإسرائيليين على أساس إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

وتوصل عرفات في حياته إلى "اتفاق أوسلو" الذي وقّع في الـ 13 من سبتمبر (أيلول) 1993، وهو أول اتفاق رسمي يتوصل إليه بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وكان حينها أبو عمار يشغل أمين سر اللجنة التنفيذية، وبعدها أصبح رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية.