Image

بدأت في 2015 واستغلت أحداث غزة لتوسيعها.. دراسة تكشف الدوافع والأهداف الحقيقية لإيران والحوثيين من استهداف الملاحة الدولية

وبالنسبة للآثار الأمنية والسياسية، فتشكل السواحل العربية حوالى %88 من سواحل البحر الأحمر، وهو ما يجعله يقع في مركز ثقل الكتلة العربية والذى يمكن إضعافه بتهديد أمن دول البحر الأحمر حال فقدانها منافذها البحرية أو اغلاق المضايق المتحكمة به.
ويؤثر التنافس الدولي والإقليمي على التواجد العسكري في البحر الأحمر وامتداده للقرن الأفريقي بشكل كبير على العمق الاستراتيجي المصري والأمن القومي العربي وتهديد المالحة في باب المندب وقناة السويس.
الآثار الأمنية على المستوى المحلي
تعد بعض الظواهر والمناشط البحرية غير المشروعة، التي تستهدف النظام الأمني في البحار، تهديدات غير تقليدية للأمن القومي للدول، والأمنين الإقليمي والعالمي، مع كونها تحديات مزمنة تواجه الدول والمنظمات الدولية والإقليمية التي تتعاون مع الدول لمواجهتها.
ـ انتشار الإرهاب والتنظيمات الدولية في مناطق الساحلية وبدعم من القوى اليمنية وفي مقدمتها المليشيات الحوثية الاخوانية، علماً بأن مجابهة الإرهاب لا يمكن أن تنجح سوى من خلال عمل جماعي ومنظومة شاملة تمتد من المجابهة الأمنية إلى المجابهة التنموية والثقافية أيضاً.
ـ    محاولة المليشيات الحوثية "ارينة" البحر الأحمر وخليج عدن بعد أن كانت عروبة البحر الأحمر هدفاً استراتيجياً للدول المطلة عليه. 
ـ تهريب السلاح للجماعات الحوثية والتنظيمات الإرهابية عبر المياه الإقليمية لعدم وجود رقابة وتفتيش للسفن والممرات الدولية.
ـ إن فكرة تدويل البحر الأحمر ومنافذه ووضعه تحت وصاية الدول الكبرى دون مراعاة لمصالح الدول المُطلة عليه، حيث يُشكل تهديداً على مصالح اليمن وسيادته.

ـ الجريمة المنظمة العابرة للحدود: حيث تُعد الجريمة المنظمة في المجال البحري(TOSC) تهديداً أمنياً غير تقليدياً متعدد الأوجه، فمنها ما ينتقل عبر البحار، وهناك بعض التفاعلات للجريمة المنظمة غير المشروعة في المجال البحري لغرب المحيط الهندي وخليج عدن.
ـ تهريب المخدرات والاتجار بها: حيث تنشط عمليات تهريب المخدرات عبر مسارين هما: 
* المسار الأول: - يمتد على ساحل بحر العرب وخليج عمان.
* والمسار الثاني: - ينطلق من ساحل مكران إلى تنزانيا وكينيا، وأحياناً إلى موزمبيق، ويُعد هذا المسار أمناً من الأول مع وجود عناصر حوثية إيرانية وبالتنسيق مع قراصنة صوماليين.
ومن الآثار أيضا، الهجرة غير الشرعية، والاتجار بالبشر، والاتجار غير المشروع في الحياة البحرية، وجرائم الغذاء والسلع المزيفة، والتلوث والإغراق غير القانوني للنفايات في البيئة البحرية، تبيض (غسيل) الأموال.
الآثار الأمنية على مستوى الإقليم 
تعاني بعض الأنظمة السياسية في الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن من بعض الأزمات والتوترات الداخلية التي تؤدي إلى عدم الاستقرار.
تفتقر الدول المطلة على البحر الأحمر إلى وجود قواعد صناعية ثقيلة، خاصة أن الناتج الإجمالي المحلي لا يتحمل تأسيس هذه القواعد من ناحية، وغياب التقدم العلمي والتقني من ناحية أخرى؛ الأمر الذي أدى إلى تعاظم حاجتها إلى الدول الصناعية الكبرى لتلبية احتياجاتها من المعدات والأدوات، بل وأنظمة التسليح المختلفة، فأصبحت عرضة للتبعية السياسية والاقتصادية بل والعسكرية، وبالتالي أصبح استقرارها السياسي والأمني عرضة للخطر، إن لم تلبِّ مطالب هذه القوى.
ـ افتقار الدول المطلة على باب المندب إلى التكنولوجيا المتقدمة تحدياً آخراً يحول دون تقدمها وقد ترتب على ذلك هجرة العقول إلى الخارج سعياً وراء فرصة أفضل، كما أدى أيضاً إلى الهجرات الواسعة غير الشرعية، وهجرات أوسع لسكان الريف إلى الحضر بحثاً عن فرصة عمل، فاضمحلت الثروة الزراعية في بعض المحافظات وبات الريف مستهلكاً، وتقلصت الصناعات الصغيرة التي كانت قائمة على المنتجات الزراعية والحيوانية، وأصبحت فيها وكأنها تنمو عشوائياً إلا فيما ندر.
ـ تعاني بعض الأنظمة السياسية في الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن من بعض الأزمات والتوترات الداخلية التي تؤدي إلى عدم الاستقرار.
ـ تتأثر الملاحة في قناة السويس باضطرابات الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، لأنهما يعتبران امتداداً جغرافياً. وبالتالي، يتأثر دخل مصر من قناة السويس بما يحدث في أمن البحر الأحمر، لاسيَّما بعدما كثر الحديث عن احتمال انتقال بعض الخطوط الملاحية إلى استخدام طريق رأس الرجاء الصالح، خاصة في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار التي تشهدها دول المنطقة وفي مقدمتها اليمن ودول القرن الأفريقي.
ـ عدم بلورة استراتيجية مشتركة تبنى على المصالح العربية الأفريقية لاسيما الدول المطلة على البحر الاحمر وخليج عدن بما يستوجب أن ينطلق من رؤية استراتيجية تقضي بأن منطقة البحر الأحمر وخليج عدن هي قلب وواسطة العقد للعالم، والنظر إليه – أي البحر الأحمر – كبحيرة عربية أفريقية، وأنه للوصل وليس للفصل بين المنطقة العربية الممتدة من الساحل العربي حتى دول الخليج العربي. 
ـ استمرار سعي إيران إلى تحقيق حلمها الدائم لإحياء الامبراطورية الفارسية الساسانية تحت الراية الشيعية، ولذلك تسعى إيران إلى تطويق السعودية بواسطة الحوثيين في اليمن، وقاعدتها البحرية في أرخبيل دهلك، للهيمنة على مضيق باب المندب واستكمال الهلال الشيعي لإحكام حصار السعودية، وتهديد الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس.
ـ استمرار تمسك إسرائيل بمنظورها الجيوبوليتيكي في فرض الدولة اليهودية في قلب العالم العربي، وتحقيق حلمها لإقامة إسرائيل الكبرى على أرض الميعاد، وهو الأمر الذي يتطلب ضرورة إضعاف القوة الشاملة لمصر، حتى ولو كان ذلك بالإضرار بأمنها المائي من قلب القرن الأفريقي نفسه، أي من إثيوبيا.

ـ استمرار تطلع تركيا إلى إحياء الدولة الاسلامية تحت راية العثمانيين الجدد، ولتحقيق ذلك تسعى تركيا إلى الهيمنة على مصر أولاً، حتى ولو كان ذلك بعودة الجماعة الإرهابية إلى سدة الحكم، كما تسعى إلى تهديد مصر من الجنوب بقواعدها في الصومال، وإريتريا، والمزمع إنشاؤها بجزيرة سواكن. مع الوضع في الاعتبار العلاقة التي تربط النظام السوداني والنظام التركي. وترتيباً على ذلك، يمكن أن تنشأ علاقات تصارعيه بين الدول المتضررة والدول المطلة على شواطئ البحر الأحمر وخليج عدن.
ـ يقع البحر الأحمر في مركز الكتلة العربية جغرافياً وقومياً، ما يجعل الدول المجاورة شديدة الحساسية لكل ما يؤثر في التوزان البحري؛ إذ يمكن تهديد أمن تلك الدول، خاصة التي ليس لها منافذ بحرية بديلة، سواء باحتلال منافذها إلى هذا البحر أو بإغلاق المضايق المتحكمة فيه. كما يؤدي البحر الأحمر دوراً هاماً في الربط بين شطري الوطن العربي في قارتي آسيا وأفريقيا.
الآثار الأمنية والسياسية على المستوى العالمي 
يؤثر المحتوى الفكري للمنظور الجيوبوليتيكي للقوى العالمية بصورة كبيرة على استقرار المنطقة، إذ يمكن ملاحظة أن المنظور الأمريكي يهدف إلى الاحتفاظ بمركز الهيمنة في قلب الولايات المتحدة، لضمان استمرار انفرادها بالنفوذ على الساحة العالمية، بينما تسعى روسيا إلى تعظيم مكانتها الدولية، لضمان استعادة نفوذ القوة السوفيتية العظمي، لتلعب دور القطب الموازن في نظام عالمي جديد، أما الصين فتترقب وتتحين الفرصة المناسبة لمشاركتهما النفوذ على ساحة النسق الدولي، خاصة بعدما ارتقت قمة الهرم الاقتصادي العالمي.