Image

آخر تطورات مسرحية البحر الأحمر .. موقع جيبوتي ولعنة القواعد .. واستمرار تنسيق واشنطن وطهران .. ومصر تفشل المخطط

تتواصل تأثيرات أزمة إيران وأمريكا في البحر الأحمر، في حين طغت مواقف جيبوتي على المشهد، مع استمرار التنسيق الإيراني – الأمريكي لاستمرار الأزمة، فيما حطمت مصر المؤامرة وأفشلت المخطط.

جيبوتي واليمن
جرت الاحد مباحثات يمنية – جيبوتية بين رئيسا وزراء البلدين حول تنسيق جهود البلدين لإفشال المخطط الإيراني في الهيمنة على البحر الأحمر وباب المندب، حيث تم التأكيد على استمرار التنسيق الامني وتطوير العلاقات بين البلدين.
يأتي ذلك متزامنا مع تأكيد الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة، أن بلاده تتابع التطورات الأخيرة في منطقة باب المندب وخليج عدن عن كثب، وتحرص على تأمين البحر الأحمر والمضيق الاستراتيجي وتذليل العقبات أمام التجارة الدولية.

تحديات تؤرق المنطقة والعالم
وأشار الرئيس جيلة في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط"، نشرتها الاحد، إلى وجود تنسيق وتعاون بين بلاده والقوى الكبرى منها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، والدول المشاطئة للبحر الأحمر وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لحماية الملاحة البحرية ومكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات الأمنية التي تؤرق المنطقة والعالم بأسره.
وشدد الرئيس على رفض جيبوتي استهداف أي طرف انطلاقاً من أراضيها، مشيراً إلى أن القواعد العسكرية الدولية في البلاد تهدف إلى حفظ الأمن والسلم الدوليين ومكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية ‏وحماية الملاحة في هذا الموقع الاستراتيجي المهم من العالم.

موقع جيبوتي .. جسر بين قارتين
وحول موقع بلاده المطل على البحر الأحمر، اشار الرئيس الجيبوتي إلى ان الموقع الجغرافي لبلاده على الضفة الغربية الجنوبية من البحر الأحمر وعلى بعد نحو 25 كيلومترا من اليمن الشقيق، يجعل جمهورية جيبوتي جسراً حيوياً يربط بين قارة أفريقيا والجزيرة العربية، ومن شأن هذه الميزة الجغرافية لبلدنا أن تساهم في تنمية العلاقات العربية الأفريقية، ويؤدي دوراً بارزاً في حماية الأمن القومي العربي.
أما على المستوى الاقتصادي فتعد جمهورية جيبوتي بوابة لدول منظمة الإيغاد ومجموعة كوميسا على البحر الأحمر، إضافة إلى البنية التحية المتطورة في موانئ جيبوتي، كلها عوامل تساهم بفاعلية كبيرة في تطوير العلاقات العربية الأفريقية في المجال الاقتصادي.

تطورات الأزمة .. رؤية
وفي هذا الصدد، اكد انه "يتابع عن كثب التطورات الأخيرة قرب مضيق باب المندب، وعبّر عن حرص بلاده على تأمين البحر الأحمر ومضيق باب المندب وتذليل العقبات أمام التجارة الدولية، ولذلك نرى ضرورة حلحلة مختلف الأزمات في المنطقة والتكاتف على مختلف المستويات الإقليمية والدولية من أجل الحفاظ على أمن وسلامة الملاحة في البحر الأحمر".
واوضح بأن "اطلالة جيبوتي على مضيق باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية الكبيرة للتجارة العالمية، وهذا يجعلها دولة محورية في الجهود المبذولة للحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين. ونقوم بالتنسيق والتعاون مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكذلك الدول المشاطئة للبحر الأحمر وخاصة المملكة العربية السعودية وغيرها لحماية الملاحة البحرية ومكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات الأمنية التي تؤرق المنطقة والعالم بأسره".
واشار إلى ان رؤيتهم تتلخص في التعاون على مختلف المستويات الإقليمية والدولية من أجل حماية أمن البحر الأحمر وتأمين الملاحة فيه لضمان سلاسة النقل البحري عبر هذه المنطقة المهمة جداً.

مجلس الدولة المطلة على البحر الأحمر 
وقال: ان "جمهورية جيبوتي من أوائل الدول التي صادقت على إنشاء مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن الذي يضم إلى جانب جيبوتي كلاً من السعودية ومصر والصومال واليمن والسودان والأردن وإريتريا، إدراكاً منا لأهميته الكبيرة ولحاجة دول هذه المنطقة إلى كيان يجمعها ويضطلع بدور مهم في التنسيق والتعاون بينها في مختلف المجالات".
وتابع :" لقد اقترحنا في وقت مبكر أن يكون مقر هذا المجلس في المملكة العربية السعودية الشقيقة لكونها صاحبة السبق في مبادراتها بفكرة نظام أمن البحر الأحمر منذ عام 1956. وبالنظر إلى أن الساحل السعودي الذي يطل على البحر الأحمر هو الأطول من بين الدول الأخرى المشاطئة للبحر الأحمر، ومن هنا فهو أكثر عرضة لمخاطر ما يجري على طول هذا البحر، إضافة إلى أن هذا المجلس الوليد كان مقترحا سعودياً رحبت به الدول الأعضاء".
واضاف: " أعتقد أن أهمية هذا المجلس تزداد في مثل الأزمات الراهنة، مما يجعل تعاون الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن ضرورة ملحة لتأمين هذه المنطقة المهمة، ومن هنا ندعو إلى تفعيل هذا المجلس وإطلاقه ليواكب المستجدات في المنطقة. وبالنظر إلى ما لاحظناه خلال مشاورات تأسيس المجلس من تحمس واستعداد لدى الدول الأعضاء فإن الفرص المتاحة أمام هذا المجلس ليؤدي المهمات المنوطة به كثيرة، ويعلم الجميع أن المنطقة محاطة بتحديات كثيرة من بينها التطرف والإرهاب والهجرات غير الشرعية، ويمكن التغلب عليها بالتكاتف العالمي والإقليمي".

القواعد .. والهجمات
وقال ان القواعد العسكرية الدولية في جيبوتي ليست سوى بعض أوجه التعاون في حفظ الأمن والسلم الدوليين ومكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية ‏وحماية الملاحة في هذا الموقع الاستراتيجي المهم من العالم.
واوضح بان موقفهم يتمثل في "رفض استهداف أي طرف انطلاقاً من أراضينا، وذلك أمر سيادي نتمسك به، ولكننا في الوقت نفسه ندعو إلى التعاون والتكاتف من أجل حل الأزمات في المنطقة".
واكد بان جمهورية جيبوتي تنتهج سياسة الحياد في منطقة القرن الأفريقي وفي العالم، وتتمتع بعلاقات متوازنة مع جميع الدول الشقيقة والصديقة، وتلك سياسة قامت عليها مبادئ الجمهورية منذ فجر الاستقلال عام 1977. وفيما يخص استضافة القواعد العسكرية الدولية على الأراضي الجيبوتية فذلك يندرج ضمن النهج المتوازن في التعامل مع مختلف الدول في إطار يراعي السيادة الوطنية. وقد أكدنا في أكثر من مناسبة أن هذه القواعد العسكرية تأتي في إطار التعاون والتنسيق لمكافحة الإرهاب والتطرف والقرصنة البحرية وتأمين الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبموجب اتفاقات ثنائية بين كل من جمهورية جيبوتي والدولة التي تتبع لها القاعدة.
ومعلوم أن هذه المنطقة مهددة بمخاطر عدة من بينها الإرهاب والتطرف والقرصنة، إضافة إلى تأثيرها وتأثرها بعدد من الصراعات في المنطقة؛ ومن هنا يتجلى الدور المهم لهذه القواعد العسكرية في حماية أمن منطقة البحر الأحمر، وهي منطقة استراتيجية حيوية تربط بين قارات العالم وتمر بها نسبة كبيرة من التجارة الدولية، وهذا يحتم التعاون الدولي في تأمينها.
القواعد العسكرية الدولية في جيبوتي موجهة في المقام الأول نحو التعاون في الحفاظ على أمن منطقة البحر الأحمر وخليج عدن وقارة أفريقيا بشكل عام. وكثير من الدول التي تمتلك قواعد عسكرية في جيبوتي تؤكد اهتمامها بحماية مصالحها التجارية والاستثمارية. وعليه فإن القاعدتين الأمريكية والصينية تندرجان ضمن الأهداف المشتركة الرامية إلى تأمين الملاحة الدولية في المنطقة ومكافحة الإرهاب والتطرف وغير ذلك من الأمور التي تزعزع الاستقرار الدولي.

منظمة دولية .. والبحث عن حلول 
إلى ذلك، أكد رئيس المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة، أرسينيو دومينغيز، التزام المنظمة بتحقيق حل سريع لأزمة البحر الأحمر التي تُعيق حركة نقل البضائع عالمياً.
وشدد في مقابلة مع وكالة "الصحافة الفرنسية"، على أن تحويل مسار السفن ليس الحل الأمثل للشركات، فهو يزيد تكلفة النقل، وبالتالي سعر المنتجات المنقولة.
وأشار إلى أن أكثر من 60 في المائة من الحمولة التي كانت تمر سنوياً عبر قناة السويس، باتت تمر عبر جنوب أفريقيا، مما أدى إلى زيادة تكاليف التأمين، واستهلاك كميات أكبر من الوقود، وإرهاق البحارة بزيادة مدة الرحلة 10 أيام.

جهود المنظمة البحرية الدولية
كما شدد على أن هدف المنظمة المسؤولة عن ضمان أمن النقل البحري، ومقرها لندن، هو توفير التدابير العملية والتشغيلية حتى تتمكن السفن من الاستمرار في العمل، مضيفاً أنه يريد أن يبقى متفائلاً بشأن إمكانية حل النزاع.
وقال: "إننا نعمل بلا كلل لمواصلة تنسيق أي إجراء يؤدي إلى حل هذه المشكلة"، مؤكداً أن الحوار يجري مع جميع الأطراف، حتى لا يتدهور الوضع أكثر، واستعادة بيئة بحرية آمنة.

مصر .. تفشل المخطط 
وفي أول تصريح ناري ضج مضجع الدول المتآمرة في البحر الاحمر التي استهدفت بافتعالها للأزمة الحالية بالدرجة الاولى مصر واليمن، أعلن وزير المالية المصري محمد معيط ،الأحد، أن جزءاً من تأثير هجمات البحر الأحمر على السفن على إيرادات قناة السويس يمكن امتصاصه، وذلك بفضل النمو السابق الذي كان يسير بشكل جيد قبل بدء هذه الحوادث.
وأضاف معيط أن الحكومة تخطط للتعويل أكثر على القطاع الخاص من حيث نفقات المشروعات، وقال في تصريح صحفي، على هامش القمة العالمية للحكومات في دبي: "إذا نظرت إلى أرقام إنفاق المشروعات خلال الأشهر السبعة الماضية، فقد انخفضت بنسبة 10 في المائة".

تنسيق أمريكي – إيراني : المعركة طويلة
وفي هذا الصدد أكد تقرير امريكي، بأن الولايات المتحدة عملت خلال الايام القليلة الماضية على تنسيق المواقف مع ايران، وذراعها في اليمن مليشيات الحوثي، بشأن أزمة البحر الأحمر.
واشار التقرير الذي نشر مؤخرا، إلى انه خلال شهر من التنسيق المشترك بشأن تنظيم الهجمات المتبادلة بين الجانبين بدأ الوضع يخرج عن السيطرة، من خلال مؤشرات نتائج تلك الهجمات التي اكدت بانها فاشلة ولم تحد من تأثيراتها على الملاحة الدولية وعمليات الشحن والامداد.
كما بدأت الاوساط الامريكية تضج بالكثير من التقارير والاخبار التي تؤكد بأن العمليات المشتركة لم تحقق تقدّماً، وبدأت في البحث عن مكامن الخلل لتكتشف وجود عمليات تنسيق بين الاطراف المختلفة، عملت على افشال الهدف الامريكي والتحالف الدولي الذي تقوده في البحر الأحمر، ومنها اشعار الحوثيين مسبقا بالمواقع التي سيتم استهدافها والعكس.
فقبل يومين، قدم المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية إحصاء لمجمل العمليات، قائلا إن القوات الأميركية قصفت وعطلت 100 صاروخ ومنصة إطلاق، بالإضافة إلى عدة مراكز اتصالات ومسيّرات ورادارات بحرية ووسائل استطلاع للحوثيين بالإضافة إلى مخازن أسلحة، في حين بدت الجماعة الايرانية غير متأثرة وواصلت استهدافها للملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.
كما اشار التقرير الى مواقف الدبلوماسية الامريكية المتمثل بدعم جهود الوساطة الدولية لايجاد سلام في اليمن التي تشهد صراعًا منذ عقد م الزمن، تكون جماعة الحوثي طرفا قويا في البلاد، فضلا على وجود دعم اقتصادي وسياسي امريكي للحوثيين.
وبالنظر إلى قدرات الطرفين، من الواضح أن الأمريكيين وباقي الحلفاء يملكون قدرات هائلة في البحر، وقد تعمّدوا خلال الأسابيع الماضية القيام بأمرين في الوقت ذاته، اعلان المواجهة المسلحة ضد الحوثيين، واطلاق مساعي جديدة لعقد سلام بين الاطراف اليمنية بمن فيهم الحوثيين.
ونقل التقرير عن مسؤول في الدفاع الامريكي لم يذكر اسمه، بأن "هدف واشنطن ليس ضرب الحوثيين بل تعطيل قدراتهم على مهاجمة الملاحة الدولية، وأن في جوهر هذه العملية العسكرية رسالة إلى طهران بأن تطلب من الحوثيين وقف هجماتهم على السفن وتهديد الملاحة الدولية".
ومن الواضح أن الأمريكيين وصلوا إلى لحظة في العمليات العسكرية يستطيعون من خلالها القول للحوثيين، والإيرانيين من ورائهم أن التهديدات لا تنفع، وضرب السفن لم ينجح، ومن الأفضل للحوثي أن يوقّف محاولاته.
وفي ظل تلك التجاذبات الأمريكية – الإيرانية يتوقع متابعون للأزمة في البحر الأحمر، بأنها ستطول خاصة وان جميع الاطراف حشدوا لها امكانيات قتالية ومالية وسياسية، تؤشر على انهم يسعون للبقاء وتنفيذ استراتيجية أخرى في المنطقة.