Image

الثالوث المرعب .. الإمامة ،الحوثية والإيرانية

في حين كان العنف والإرهاب والسلاح بكل أشكاله، وسيلتها للانقلاب على الدولة والجمهورية، إلا أن المليشيات الحوثية الإمامية لم تكن تتخلى عن أسلحتها التاريخية في عدائها لليمنيين، فقد تذكرت موروث الإمامة السيء المتمثل في الثالوث الرهيب (الفقر، والجهل، والمرض) كأوبئة اجتماعية جلبتها معها كسلاح هو في الحقيقة قرين للمشروع الإمامي العنصري.

مليشيات الحوثي الانقلابية  اجتاحت صنعاء في سبتمبر 2014، محاولة إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، وجلبت معها كل سيئات الإمامة الكهنوتية التي اُبتليت بها اليمن لعقود.
لقد كان هدفها الرئيسي من أول وهلة، القضاء على الجمهورية وثورة 26 سبتمبر التي قضت على الموروث الإمامي البغيض.

هذا الثالوث المرعب الذي جاءت الثورة اليمنية للتخلص منه عاد مرة أخرى مع قدوم عصابات الحوثي من كهوف صعدة، ليوظف فقر وجهل تلك المناطق لصالح أهدافها السياسية، وهو ما يفسر حرص السلالة الإمامية على محاربة التعليم الجمهوري لعقود، حيث إن غياب التعليم طريق إجباري للفقر والمرض، وهو سلاح الإمامة الانتهازية الأمضى لحكم اليمنيين، بتوفير بيئة موبوءة لخدمة أهدافها السياسية وجعل أبناء اليمن أداة سهلة و طيّعة في يد المشروع الإمامي الإيراني.


"من مات فهو شهيد ومن عاش فهو عتيق"

تداول اليمنيون هذه العبارة التي قالها الإمام يحيى عندما طلبوا منه ذات يوم فتح مخازن الحبوب التي تتعرض للتلف، لإطعام الفقراء الذين يتضورون جوعاً، وما زال المشهد يتكرر مع الإمامة الحوثية، حيث يتضور الفقراء جوعاً بعد أن سلبتهم مليشيات الحوثي الإرهابية كل سُبل العيش الكريم، ونهبت رواتبهم، ثم نهبت أموالهم من جيوبهم كإتاوات مفروضة بالقوة، وبعد ذلك عرقلت المساعدات الغذائية القادمة من خارج البلاد ونهبتها لصالح عناصرها التي اُتخمت بالأموال المنهوبة.

ومنذ الاجتياح المشؤوم لعاصمة اليمنيين، لم تتوقف الإمامة الحوثية المليشاوية عن التدمير الممنهج للاقتصاد، وافتعال الأزمات والمتاجرة بالقوت اليومي، ونهب الأموال والرواتب، من أجل إفقار الشعب اليمني ليتسنى لها التحكم به، وإجبار مجاميع الجوعى على القتال مع مليشياتها من أجل الحصول على الطعام، في وقت يقوم فيه مشرفو الحوثي الإرهابيين بشراء الأراضي والعقارات والسيارات وإنشاء الشركات التجارية وشركات الصرافة والأسواق السوداء.

وحين أصبح تجويع مئات الآلاف من اليمنيين إستراتيجية حوثية مليشاوية قديمة جديدة، فقد كانت الإحصاءات والأرقام تؤكد أن حجم الأضرار والانهيارات التي خلّفها الانقلاب الحوثي في كل مجالات الحياة اليمنية كبيرة للغاية، وأن ذلك كله أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وسوء التغذية ودخول اليمن نفق المجاعة وهاوية الفشل الشامل على مختلف الأصعدة.

ويمكن هنا التذكير بتقرير مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، الذي صدر في 3 فبراير الماضي، والذي كشف أن 10 ملايين يمني من أصل نحو 28 مليون يعانون من الجوع الشديد، في ظل الجائحة الحوثية، التي تسببت في فقدان 40 في المئة من الأسر مصدر دخلها الرئيسي، وارتفع معدل الفقر في البلاد إلى 80%.

تجهيل المجتمع والقضاء على العلم

يخوض اليمنيون منذ عقود معركة مع مخلفات الإمامة في ميدان التعليم، ذلك بوصف هذه المعركة بأنها معركة الهوية اليمنية والعربية التي تسعى مليشيات الحوثي إلى طمسها لصالحها بالتدمير الممنهج للتعليم، وخصوصاً منذ انقلابها على الدولة.

تتعمد المليشيات الحوثية إبعاد الناس عن سبل العلم والمعرفة وإعادتهم إلى ظلمات الجهل بحصرهم على ملازم الصريع حسين الحوثي، التي لا تعدو كونها شحن طائفي يؤدي إلى الجهل، ولذلك عيّنت المليشيات وزير تعليم بلا أي مؤهل دراسي، وهو كشقيقه زعيم المليشيات الذي لم يُعرف عنه التحاقه بالتعليم النظامي.

يدير الحوثيون المليشاويون دفة الجهل والتجهيل عبر ضرب أساسات التعليم والتنشئة والتقويم والتثقيف والتدريب والتأهيل، وتسهيل الغش بخطط مُحكمة ومدروسة، لضمان خروج جيل عاجز وجاهل وفاشل ومتخلف، وفي مقابل ذلك يقدمون دروس تلقين الطائفية على أيدي غلاة التطرف والتشدد المذهبي والطائفي.

وفي حوار صحافي سابق، قال نائب وزير التربية والتعليم المنشق عن حكومة الحوثيين، الدكتور عبد الله الحامدي، إن "مليشيات الحوثي الإيرانية تولي عملية الجهل أولوية قصوى، فهي أحضرت جاهلاً يدير وزارة تهتم بشؤون العلم، ‏لأنه يدرك تماماً أن سياسته لن يتبعها إلا جاهل، بينما الإنسان المتعلِّم لن يقبل بأفكاره ‏السوداء الظلامية. وأكد أن أول هدف من أهداف الحوثي هو تجهيل المجتمع والقضاء على العلم، وهو ما سعى إليه قبل أن يصل إلى صنعاء، من خلال التغلغل في مؤسسات الدولة، ومنها التربية والتعليم استعداداً لنخر مناهج التعليم‏".

ويمكننا هنا تلخيص وسائل مليشيا الحوثي في تدمير التعليم، والمتمثلة في: حرمان المعلمين والتربويين من رواتبهم منذ سنوات، وإقصاء آلاف المعلمين، وملاحقة الكثير منهم واختطافهم، ونزوح وتشريد آلاف المعلمين من مناطق سيطرتها حيث يعتقدون بوجود الأمان، بينما دمرت حرب المليشيا مئات المؤسسة التعليمية، وحوّلت العديد منها إلى مخازن للأسلحة أو مراكز تدريب أو مقار للمليشيات.

وبين كل فترة وأخرى تصدر إحصائيات مفزعة تؤكد مدى كارثية ما اقترفته المليشيا بحق التعليم والمعلم ومؤسسات التعليم في اليمن، وسعيها الحثيث لإعادة الجهل ليكون سيد الموقف بجانب سيد الكهف، ليسهل سلب الهوية واستغلال الظروف للدفع بمن يتم تجهليهم إلى محارق الموت ومعارك طمس الهوية والحياة معاً.

إمامة بثوب حوثي إيراني

الإمامة بوصفها مرض اجتماعي خبيث، لا تأتي إلا ومعها الأمراض والأوبئة، ولقد خبرها أبناء الشعب اليمني قبل ثورة 26 سبتمبر ملازمة لكل ما يفتك بحياتهم. ومع عودة المشروع الإمامي بثوبه الحوثي الإيراني واستمرار حربه الهمجية، لا يزال الوضع الصحي في تراجع، وانتشار الأمراض والأوبئة في تزايد مستمر، خاصة الأمراض المعدية والفتاكة، ولعل عودة مرض الكوليرا -الذي سبق القضاء عليه- هو السمة الأبرز للعهد البغيض.

ونتيجة لهذه الأوبئة، هناك ضحايا بالمئات من اليمنيين من مختلف الأعمار، في حين لا يزال الآلاف منهم معرضين لخطر الإصابة بأحدها، في ظل التردي المستمر والمزري للوضع الصحي في مناطق سيطرة المليشيات، ومنعها دخول اللقاحات والمتاجرة بمعاناة اليمنيين، وزاد من تفاقم الوضع انعدام الأصناف الدوائية وارتفاع أسعار الخدمات العلاجية ونزوح الفرق الطبية وهروبها خوفًا من بطش الحوثي.

يأتي هذا، في وقت لا تتوقف تحذيرات المنظمات الدولية من حجم المخاطر التي باتت تهدد آلاف المرضى الذين يعانون من "الفشل الكلوي"، في ظل هشاشة النظام الصحي، وعدم قدرته على الاستجابة لاحتياجات المواطنين، وازداد الأمر سوءًا بظهور إصابات كثيرة بالكوليرا والدفتيريا وحالات إنفلونزا الطيور، كما تم تسجيل نسبة وفيات كبيرة بإنفلونزا (H1N1) أو ما يعرف بإنفلونزا الخنازير، بينما مليشيات الإمامة الحوثي منشغلة بجمع الثروات والمتاجرة بمعاناة الناس، وتزامن كل ذلك مع انعدام النظافة وسرقة حقوق العاملين في قطاع النظافة.

ورغم هذه الصورة القاتمة، تستمر المليشيات في نهب المساعدات الطبية الدولية وتتاجر بها في السوق المحلية، في حين تمنع الفرق الطبية التابعة للمنظمات الصحية من تنفيذ حملات تلقيح ضد الأوبئة في مناطق سيطرتها، وتحتجز شحنات الأدوية والمواد الطبية والصحية وتمنع دخولها.

إنهم ثالوث مرعب (الإمامة، والحوثية، والإيرانية) أسوأ من (المرض، والجهل، والفقر).