Image

تواصل آثار مغامرة الحوثيين على حياة اليمنيين.. الدخول في أسوأ أزمة غذائية

أكدت مصادر اقتصادية واجتماعية في اليمن، بأن البلاد تستعد للدخول في أسوأ كارثة انسانية اقتصادية وغذائية خلال الربع الأول من العام الجاري 2024 جراء مغامرة مليشيات الحوثي الإرهابية الإيرانية لتنفيذ أجندة إيران في البحر الأحمر وقبلها استهداف مصادر النفط وموانئ تصديرها في شبوة وحضرموت.

توقعات دولية
وفي هذا الصدد، توقعت "شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة في تحليل حديث لحالة الأمن الغذائي في اليمن"، استمرار انخفاض العملة الوطنية في الأشهر المقبلة بمناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وانعكاس ذلك على أسعار الغذاء والوقود، تأثراً باستمرار توقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على الموانئ جنوب وشرقي البلاد.

وقالت الشبكة، إن ا"لحصار المستمر الذي تفرضه مليشيات الحوثي على صادرات النفط أدى إلى تفاقم النقص الموجود مسبقاً في الإيرادات الحكومية والعملات الأجنبية بشكل كبير".

مزادات العملة
وأضافت: "نظراً لخطورة الوضع أوقفت الحكومة مزادات العملة العامة في أكتوبر 2023. فيما أعلنت امس الأحد باستئنافها وسط توقع استمرار العملة المحلية في الانخفاض طوال فترة التوقعات فبراير ـ مايو 2024م مما يؤدي إلى مزيد من الزيادات في أسعار الغذاء والوقود".
وأشارت الشبكة إلى أنه ومن المتوقع جراء حدوث زيادة في عدد الأسر التي تواجه أزمة انعدام الأمن الغذائي الأزمة (المرحلة الثالثة) أو نتائج أسوأ طوال فترة التوقعات بشكل عام على الرغم من فترات الدعم الموسمي المؤقت من محصول الحبوب الرئيسي المستمر والزكاة خلال شهر رمضان والعيد في مارس وأبريل.


أكبر انهيار للعملة

وتشهد العملة الوطنية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية انهياراً هو الأكبر منذ أكثر من عامين; نتيجة تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي للحكومة جراء توقف تصدير النفط بفعل الضربات الحوثية التي استهدفت الموانئ.
واقترب سعر الدولار من سقف الـ 1600 ريال خلال التداولات الأخيرة، فيما وصل سعر الريال السعودي إلى 420 ريالاً وسط مخاوف من استمرار هذا التراجع إلى مستويات قياسية في ظل عدم وجود أي تدخلات حكومية لإيقاف هذا التراجع حتى اللحظة.
ويأتي التراجع الأخير للريال بعد أيام من إعلان البنك المركزي حصوله على الدفعة الثانية من الوديعة السعودية المخصصة لدعمه.

أزمة البحر الأحمر
وتشير المصادر الاقتصادية، إلى ان اليمن ستدخل خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري 2024، في أزمة توفير السلع الغذائية في الأسواق المحلية، خاصة الرئيسية منها مثل "الارز والدقيق والقمح والسكر وزيوت الطبع والبقوليات والحبوب المتنوعة التي يتم استيرادها من الخارج" ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها إلى أضعاف ما هي عليه اليوم.
واوضحت، بأن الازمات التي تتسبب بها ذراع ايران في اليمن، تنعكس خطورتها بشكل كبير على حياة المدنيين الأبرياء في بلاد من أكثر الدول فقرًا وحاجة ماسة للمساعدات الغذائية وتوفير الأمن الغذائي الشبه منعدم على 80 بالمائة من السكان.

إمدادات القمح
وتسببت الاضطرابات في البحر الأحمر، جراء هجمات الحوثيين والايرانيين، بتعطيل شحنات منتجات عديدة، أهمها إمدادات القمح وجميع أنواع الحبوب، إلى جانب التهديد بوقف تباطؤ تضخم أسعار المواد الغذائية الذي وفر العديد من الأصناف الاستهلاكية لسكان عدد من دول المنطقة ومنها اليمن.
واضطرت ناقلات السلع إلى تجنب قناة السويس، واتخاذ طرق أطول وأكثر تكلفة للوصول إلى وجهاتها، بسبب هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر.
ورصدت منظمة التجارة العالمية في منصة "اكس" بيانات القمح الخاصة بها زيادة كبيرة في حصة الشحنات من الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا وروسيا، التي تستخدم مسارات بديلة في طريقها إلى آسيا وأفريقيا.
وبحسب المنظمة، فقد ارتفعت الحصة إلى 42 في المئة منذ منتصف يناير الجاري من 8 في المئة الشهر الماضي، بينما انخفض عدد الشحنات العابرة عبر قناة السويس بنسبة 40 في المئة عن العام الماضي لتصل إلى نصف مليون طن.
وتشير بيانات المنظمة إلى تباطؤ واردات العالم من القمح المنقولة بحرًا، مع انخفاض الكميات حتى منتصف يناير بشكل هامشي عما كانت عليه قبل عام.
ومع ذلك، ترى أن تجارة القمح أثبتت مرونتها، “مع عدم ملاحظة أي انقطاع كبير في الشحنات السائبة المنقولة بحرا”.

القمح ومسارات السفن
وتتوقع مصادر ملاحية تغيير بعض سفن الحبوب مسارها إلى رأس الرجاء الصالح، لكن معظمها ستواصل المخاطرة بعبور قناة السويس، أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا.
لكن محللين وتجار حبوب قالوا لـ"رويترز"، إن استمرار هجمات الحوثيين على السفن رغم الضربات الأميركية والبريطانية على مواقع الحركة في اليمن، يعني أن المزيد من ناقلات الحبوب ستبتعد عن البحر الأحمر.
وقال إيشان بهانو كبير محللي السلع الزراعية في شركة كبلر “تغير بالفعل مسار نحو ثلاثة ملايين طن من الحبوب من نحو سبعة ملايين طن تمر عادة عبر قناة السويس شهريًا”.
وقفز عدد الشحنات التي ابتعدت عن البحر الأحمر الأسبوع الماضي من 20 في المئة إلى 45 في المئة. وتتبعت كبلر 18 سفينة أخرى حولت مسارها وعلى متنها نحو مليون طن من الحبوب.
وتعتمد اليمن بالحصول أهم سلعة استهلاكية لسكان البلاد "القمح" في توفيرها على الاستيراد بنسبة 82 بالمائة، الامر الذي يهدد بارتفاع اسعار القمح الذي سينعكس على حياة اليمنيين في ظل انخفاض القدرة الشرائية لمعظم الأسر جراء الصراع الذي تسببت به مليشيات الحوثي. 
وأضاف بهانو: أن “إحدى السفن المحملة بفول الصويا من الولايات المتحدة إلى الصين وصلت إلى مصر وقررت العودة قبل دخول قناة السويس”.
وقال تاجر حبوب ألماني: “من المؤكد أن عدد عمليات تغيير المسار أصبح أكثر خطورة في اليومين الماضيين”، لكنه أوضح، باعتباره مستأجرًا نشطًا للسفن لشحن الحبوب الخاصة بشركته، أن أعدادًا كبيرة من ناقلات البضائع السائبة لا تزال تبحر عبر البحر الأحمر.

انقلاب راسًا على عقب
وانقلبت أسواق الحبوب رأسًا على عقب بسبب عدد من اضطرابات الشحن على مدى العامين الماضيين، بما في ذلك، تلك الناجمة عن الحرب في أوكرانيا وانخفاض منسوب المياه في قناة بنما.
ويعتقد مراقبون أنه في حال تفاقمت الاضطرابات الحالية، فإنها يمكن أن توقف الانخفاض في تكاليف السلع الغذائية التي بدأت تتسرب إلى أسعار البقالة الأرخص.
وقدرت أكسفورد إيكونوميكس في مذكرة في وقت سابق هذا الشهر، أن المكاسب في أسعار النقل بالحاويات ستضيف 0.6 نقطة مئوية إلى التضخم في غضون عام.
وخلصت إيكونوميكس إلى أنه “في حين يشير هذا إلى أن الإغلاق المستمر للبحر الأحمر لن يمنع التضخم من الانخفاض، فإنه سيبطئ سرعة عودته إلى طبيعته”. ومع ذلك، فإنه لم يرَ أن هذا يمنع المحور المتوقع لخفض أسعار الفائدة.
وبرز تراجع في أسعار الغذاء العام الماضي بصورة أكبر في أسعار الحبوب وأهمها القمح والذرة، في حين ارتفع مؤشر أسعار الأرز بنسبة 21 في المئة خلال هذه الفترة، وفق منظمة الأغذية والزراعة (فاو).
ولا تزال المخاوف تساور الاقتصاديين بشأن إعادة بناء المخزونات، في الوقت الذي يصعب فيه ربط تغير الطقس بنمط مناخي طويل الأجل، كما أن الضبابية التي تلف اتفاق نقل الحبوب من منطقة البحر الأسود لها دور بارز في ذلك.

ويحذّر المحللون من العبء المتزايد على الإنتاج الزراعي في السنوات القادمة نتيجة الاحتباس الحراري، حيث يواجه معظم المنتجين في المناطق الرئيسية منغصات نقل المياه وقلة الدعم من الحكومات وقيود التصدير.

تحذيرات متتالية 
تتوالى التحذيرات من جهات مختلفة حول تداعيات تصاعد العمليات في البحر الأحمر بعد قيام أميركا وبريطانيا بعمليات عسكرية استهدفت أماكن عسكرية تابعة للحوثيين في اليمن، ردًا على قيامهم باستهداف سفن تجارية في البحر الأحمر يقولون إنها تابعة أو تنقل بضائع إلى إسرائيل.
يقول خبراء اقتصاديون إن الاضطرابات في البحر آخذة في التصاعد، وإنها تشكل تهديداً جديداً على سلاسل التوريد والإمدادات العالمية التي تعاني أصلاً من حالة عدم استقرار منذ أزمة وباء "كورونا" والإغلاقات في مختلف أنحاء العالم، ما يهدد بارتفاع أسعار السلع ومعدلات التضخم عالميًا.

مخاوف بشأن نقص السلع
بحسب "أكسيوس" فان أزمة البحر الأحمر تثير المخاوف بشأن نقص السلع الذي إذا استمر فيُمكن أن يشعل التضخم من جديد، ويؤدي الى موجة جديدة من ارتفاع الأسعار على مستوى العالم.
ويلفت التقرير الى أن الاقتصاد العالمي لا يزال يعاني أصلاً من أزمة "سلاسل التوريد الكبرى" التي ضربت العالم خلال العامين 2021 و2022، حيث كانت قد تضافرت أزمة وباء كورونا مع التوترات الجيوسياسية لتخلق نقصاً وتأخيراً واسعيّ النطاق في إمدادات البضائع، مما فرض ضغوطاً تصاعدية على الأسعار وأدى إلى تضخم السلع المرتفعة بالفعل أصلاً.
وأكد خبير الأسواق المالية، عبدالعظيم الأموي، أن تداعات الصراع في الشرق الأوسط، وخاصة التطورات الجارية في البحر الأحمر، تشير إلى احتمالات كبيرة بتزايد معدل التضخم عالمياً، في ظل التأثيرات المباشرة على حركة الشحن وما يتبعها من زيادة متوقعة في أسعار تكلفة الوقود بالولايات المتحدة.