Image

اللغة الدارجة للإنترنت تبقى لغزاً للقدامى في قطاعات الأعمال

لا أستطيع تحديد التوقيت الدقيق لحدوث ذلك، لكن تحولي من أُم رائعة إلى أخرى غارقة في الإحراج والخجل برز بقوة ذلك اليوم عندما أدخلت إحدى كلمات اللغة الدارجة للإنترنت في محادثة لي في المنزل. كان الهدف اختبار مدى إلمام ابني بهذه اللغة، لكن رده قاسياً: «لا تقُولي هذا.. يبدو الأمر سخيفاً».

من ناحية الكبرياء، كان ذلك فشلاً ذريعاً، لكن باعتباره اختباراً لاختلافات الأجيال في استخدام اللغة، فقد كان اختباراً ناجحاً. لقد اكتشفتُ كلمة «rizz» التي استخدمتها أمام ابني بطريقة تقليدية: فقد قرأت في الصحُف أن دار نشر جامعة أوكسفورد اختارتها لتكون كلمة العام. وهي اختصار لكلمة كاريزما، وتُعَرَّف «rizz» بأنها اللباقة، والسحر، أو الجاذبية، (أُدرك أنني على بُعد خطوة من شرح أن البيتلز هي فرقة غنائية شعبية).

إنني أتوقع بعض المُزاح في المنزل حول كوني غير مُطلعة على الكلمات الجديدة، ولكن هل يجب أن أستعد لذلك في العمل أيضاً؟ أم يجب أن يُتوقع من الموظفين المبتدئين أن يتكيفوا مع المعايير اللغوية التي وضعها زملاؤهم.. الأقدم والأكثر خبرة؟

وهذا يجعلنا نتطرق إلى قضية أوسع تتعلق بالانقسامات الجيلية التي تحدث في أماكن العمل حول العالم. لقد أخبرتني لورا إمبسون، أستاذة الإدارة في كلية بايز للأعمال، أخيراً أن كبار المسؤولين التنفيذيين في شركات الخدمات المهنية قالوا إن أولويات الموظفين الأصغر سناً تُحيرهم.

فقد استغرب أحد الشركاء الإداريين في إحدى الشركات الأربع الكبرى (للمحاسبة والخدمات المهنية) كثيراً عندما قالت له موظفة مبتدئة إنها لم تكن أكثر فخراً بالعمل في الشركة مما كانت عليه في اليوم الذي أعلنوا فيه التخلص من الماصات البلاستيكية في مقصف الموظفين. ويسترجع أنه عندما كان في عمرها، كان أكثر ما يفتخر به في الشركة هو عند فوزها بعملية تدقيق كبرى جديدة.

كما هي الحال مع العديد من هذه القضايا، لا يتعلق الأمر بالضرورة باستسلام جيل لآخر، بل بالوصول إلى تفاهم ضمني. يقول ستيفن كاراديني، الأستاذ المساعد في جامعة ولاية أريزونا، والذي يدرس تأثيرات التكنولوجيات الناشئة على النشاط المهني: «إن كانت اللغة تحجب المعنى، فهذه مشكلة كبيرة. فإن لم يكن الناس ملمين بهذا المفهوم، عندها تبرز مخاطر سوء الفهم». وينطبق الأمر في كلا الاتجاهين.

في السنوات القليلة الماضية، أوحت موضة الأصالة والتقليدية في مكان العمل للناس أنهم يجب أن يتواجدوا بأنفسهم في مقر العمل. لكن لطالما كانت هذه كذبة. لا أحد يرغب في رؤية ذاتك الحقيقية في المكتب.. يمكن أن تشمل هذه الأصالة والتقليدية الاكتفاء بحضور النسخة المهنية من ذاتك.

في الواقع، لدينا أقنعة متعددة، حيث نُعدل نبرة الصوت أو المظهر بما يقتضيه الموقف. والأمر ذاته ينطبق على اللغة، فمجموعة الدردشة على الواتساب، والتي تضم عشرين زميلاً، تختلف تماماً عن العرض التقديمي لمجلس الإدارة.

عموماً، فإن الكثير يعتمد على السياق. لذا، تجد مديراً من الجيل «إكس» يعمل في مجال التسويق ويستهدف المستهلكين من الجيل «زِد» إنه سيشعر براحة أكبر حيال سماع اللغة العامية في مكان العمل مقارنة بشريك إداري في شركة محاماة صارمة.

هذا لا يعني أن عليهم محاولة إدخال كلمة «rizz» عنوة في الحوار، فكما أشار ابني، إنه أمر قد يكون سخيفاً ومثيراً للإحراج. جزئياً، قد يبدو ذلك مزيفاً، ولكن أيضاً لأنه من الصعب مواكبة سرعة تغيُر اللغة إذا لم تكن غارقاً فيها.

ويقول توني ثورن، مدير أرشيف اللغة العامية واللغة الجديدة في «كينجز كوليدج لندن»، إن جيل زد «متأثر بشدة بالاتجاهات الذائعة الانتشار والميمات، و(الأمر) لا يقتصر على الكلام.. فهو مُطّلع أيضاً على الاستعارات والتلميحات والصور البصرية». علاوة على ذلك، فإن الفكاهة «مُدهشة في إشارتها الذاتية ومرجعيتها، (وتفترض) المعرفة بالمؤثرين، والنكات الخاصة، والمشاهير والموضات المختلفة».

إن المقاومة هنا لا تجدي، فالتكنولوجيا تجعل من الغرائب والفكاهة أموراً أكثر أهمية. وحسبما تقول إيريكا داوان، مؤلفة كتاب «لغة الجسد الرقمية»، فإن اللغة العامية «بإمكانها خلق قُرب مع الزملاء في الوقت الذي لم تعد لغة الجسد هي الوسيلة الأساسية للتواصل».

وبكل تأكيد فقد تطورت معايير مكان العمل. وأشارت إيريكا داوان إلى أنه منذ خمس سنوات فقط، كان قادة الأعمال يشتكون من استخدام سماعات الرأس في المكتب، لكنها أصبحت «الآن أمراً طبيعياً».

لذلك، فالحال نفسها مع اللغة، حيث تتغلغل هذه اللغة العامية إلى نطاق الاستخدام الشائع بسرعة كبيرة. كذلك، لم يعد هناك من يوقع رسائله الإلكترونية بالعبارة الرسمية «تفضلوا بقبول فائق الاحترام».. الأكثر شيوعاً الآن: «شكراً» أو «تحياتي» أو «أطيب التمنيات».

لكنني رغم كل ذلك ما زلت أشعر ببعض الضيق عندما أرى توقيعات مختصرة مثل KR اختصاراً لتحياتي، وBW اختصاراً لأطيب التمنيات.. لذلك، أرجو أن تعطوني مهلة لمدة عام آخر.