Image

واشنطن تُفشِل عملية انقلابية ضد الحوثيين في صنعاء .. والأخيرة تَفشـَل في تشكيل حكومة جديدة

أكدت مصادر مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء، إحباط الولايات المتحدة الأمريكية محاولة انقلاب ضد مليشيات الحوثي الإرهابية الإيرانية،، في حين تصاعدت أزمة عدم تشكيل حكومة حوثية جديدة.

وذكرت المصادر، بأن عددًا من الضباط العسكريين التابعين لمليشيات الحوثي حاولوا تنفيذ انقلاب على الجماعة في صنعاء خدمة للولايات المتحدة التي تربطها تواصل معهم منذ ما قبل الانقلاب الحوثي في 2014، وعند إبلاغ واشنطن بذلك للحصول على دعم لانقلابهم، رفضت واشنطن ذلك وحثتهم على عدم القيام بأي انقلاب على الحوثيين خلال الفترة الراهنة.

وعللت المصادر، محاولة الانقلاب إلى جانب خدمة لواشنطن على خلفية الهجمات التي تشنها الجماعة الإيرانية ضد سفنها الحربية في البحر الأحمر، سعى الضباط بالتنسيق مع قيادات سياسة وقبلية واجتماعية وتجارية، للتخلص من الحوثيين على خلفية توجههم الطائفي الذي يعبرون عنها بشكل شبه يومي من خلال ممارساتهم في مجالات عدة، فضلًا عن التدهور الاقتصادي وتردي المعيشة لسكان المناطق الخاضعة لسيطرتها، وغيرها من الانتهاكات التي يمارسها الحوثيون في تلك المناطق.

فشل "التغيير الجذري" 
وفي هذا الخصوص، افادت صحيفة "العرب" اللندنية، بأن تأخر تشكيل حكومة جديدة للحوثيين في صنعاء يعكس الصعوبات التي واجهتها قيادة الجماعة في إيجاد شخصية على مقاس توجهاتها نحو أسلمة السلطة ومؤسساتها على طريقتها، في ظل مخاوف الشركاء المحتملين من العمل تحت إمرة مدير مكتب عبدالملك الحوثي الموصوف بالتشدّد، ومن تحمّل مسؤولية المرحلة الخطرة التي قد تؤول إلى مواجهة غير محمودة العواقب مع عدد من القوى الدولية.

ووفقا للصحيفة، فقد اضطرت المليشيات الحوثية إلى تعليق مشاورات تشكيل حكومة جديدة رغم مرور ثلاثة اشهر على إعلان زعيمها عبدالملك الحوثي في سبتمبر الماضي عن نيته تشكيلها بعد إقالة حكومة عبدالعزيز بن حبتور وتكليفها بتصريف الأعمال، وذلك في إطار ما قال إنّه عملية "تغيير جذري في مؤسسات الدولة"، و"تصحيح السياسات وأساليب العمل بما يخدم الشعب".

التوجه الطائفي 
وشكل التوجه الطائفي والمذهبي الذي تمارس مليشيات الحوثي واستقاء توجهاتها من النظام الايراني، أكبر عقبة امام إقناع الاطراف السياسية والاجتماعية والسياسية والتجارية في مناطقها للمشاركة في تشكيل حكومة جديدة.
وما يؤكد ذلك ما اشارت اليه الصحيفة اللندنية في تقريرها الذي نشر الاحد، نقلًا عن مصادر مطلعة،  على إنّ قرار التعليق جاء بسبب الفشل في إيجاد شخصية من خارج الجماعة تحمل المواصفات المطلوبة من قبل قيادتها، بعد اعتذار عدّة شخصيات عن عدم قبول عرض الحوثيين بترؤس الحكومة الجديدة.
وكان قد برز خلال الفترة الأخيرة اسم القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني سلطان السامعي كمرشّح رئيسي لتشكيل الحكومة، لكن المصادر أكّدت أنه اعتذر في ظل أنباء عن وجود خلافات بينه وبين القيادة الحوثية حول سقف الصلاحيات الممنوحة لحكومته.

مركز قرار الصوفي
وذكرت مصادر الصحيفة، بأن اعتذار السامعي وعدد من الشخصيات الأخرى، من بينها أعضاء بارزون في حزب المؤتمر الشعبي العام، جاءت على خلفية بروز مركز قرار جديد في سلطة الحوثي يتجاوز المجلس السياسي الأعلى بقيادة مهدي المشاط ويرتبط مباشرة بمكتب عبدالملك الحوثي الذي يديره سفر الصوفي.
وأوضحت أن الصوفي المحسوب على الشق الحوثي المتشدّد والأكثر ارتباطًا بإيران حصل مؤخّرا على تفويض من عبدالملك الحوثي لممارسة صلاحيات واسعة من ضمنها الإشراف المباشر على تشكيل الحكومة الجديدة وتوجيه عملها المستقبلي.

اللعبة على الشراكة
وتلعب مليشيات الحوثي في شقها المتشدد الطائفي على مصطلح الشراكة الوطنية في عملية تشكيل حكومة جديدة،  رغم معرفة الجميع في الداخل والخارج بان الجماعة تدار عبر زعيمها عبدالملك الحوثي ومستشاريه المحيطين به من الحوزة الإيرانية والحرس الثوري.

وتقول الصحيفة بهذا الخصوص، "يحرص الحوثيون على أن يكون رئيس الحكومة من خارج جماعتهم ومن داخل التيارات والشخصيات الحزبية الموالية لهم وذلك لإضفاء نوع من الشراكة الشكلية على سلطتهم وأيضا لاستمالة جمهور تلك التيارات وحتى القبائل التي ينتمون إليها".
غير أنّ ما بدا عسيرا قبوله من الشخصيات التي عرض عليها تشكيل الحكومة الجديدة هو أنّ الأخيرة ستكون مكلّفة ضمن مهامها بتغيير طبيعة الدولة ومؤسساتها في ضوء توجّه عبدالملك الحوثي إلى أسلمتها وفقًا لتعاليم التوجه الطائفي الايراني.

تصعيد البحر الأحمر
ومما زاد في الخلافات حول تشكيل الحكومة بين اطراف صنعاء، التوجه الاخير لمركز القرار الضيق المحيط بعبد الملك الحوثي وتفرده بالقرار بقيادة سفر الصوفي، خاصة فيما يتعلق بإدارة المرحلة التصعيدية شديدة الخطورة التي انطلقت مع استهداف حركة الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب.
وتنقل صحيفة العرب عن مصدر في صنعاء قوله، "أنّ قرار التصعيد لا يحظى بالإجماع داخل أعضاء الجماعة حيث أظهر البعض منهم تخوفهم من ردّة فعل دولية عاصفة تقوّض كل ما استطاع الحوثيون تحقيقه من سيطرة على الأرض وشبه تسليم من قبل القوى المعادية لهم وعلى رأسها السعودية بتلك السيطرة والدخول في مفاوضات سلام معهم على أساسها. غير أن الشق الأقرب إلى زعيم الجماعة مازال يصر على التصعيد تنفيذًا لأوامر إيرانية مباشرة".
وعن علاقة هذا المعطى بتعذّر تشكيل حكومة جديدة في صنعاء، قال المصدر إنّ اعتذار الكثير من الشخصيات التي عرض عليها ترؤس الحكومة جاء أيضًا على خلفية تخوّفها من تحمّل المسؤولية في ظل عملية التصعيد الجارية التي لا أحد يستطيع أن يتوقّع مداها وما يمكن أن تفضي إليه.

طارئ جديد
وطرأ قبل يومين عامل تصعيدي جديد تمثل في توجيه اثنتي عشرة دولة إنذارا شديد اللهجة للحوثيين بوجوب وقف تعرضّهم للسفن التجارية.

وقال الائتلاف المشكّل بقيادة الولايات المتحدة لحماية خطوط الملاحة في البحر الأحمر في بيان نشره البيت الأبيض: إنّ “على الحوثيين أن يتحملوا مسؤولية العواقب إذا استمروا في تهديد الأرواح والاقتصاد العالمي وحرية انتقال البضائع في الممرات المائية الأساسية في المنطقة”. وأضاف “لتكن رسالتنا الآن واضحة: ندعو إلى وقف هذه الهجمات غير القانونية فورا والإفراج عن السفن وطواقمها المحتجزة بشكل غير قانوني”.

ومنذ أسابيع يشنّ الحوثيون هجمات بطائرات مُسيَّرة وصواريخ تستهدف السفن التي يعتبرونها مرتبطة بإسرائيل أو تلك التي يعتقدون أنها متّجهة إلى موانئ إسرائيلية، بالقرب من مضيق باب المندب الإستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، تحت يافطة دعم قطاع غزة في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.

على حافة الهاوية
ويكرّر الحوثيون أنّهم سيواصلون استهداف السفن طالما لم تدخل كميات كافية من الغذاء والدواء إلى قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل بصورة مطبقة وتشن عليه حملة قصف متواصلة وعمليات برية منذ هجوم حماس على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر الماضي.
وتصف عدة جهات يمنية ما يقوم به الحوثيون بأنّه لعب على حافة الهاوية وأنّه من إملاء الشق المتشدّد في الجماعة والحريص على تنفيذ أوامر إيران المرتبطة بحساباتها في المنطقة وبغض النظر عن النتائج التي قد تفضي إليها مواجهتهم المحتملة مع القوى الدولية.