Image

انتخابات الهند تفرض الضغوط على أسواق السلع الزراعية عالمياً

تسرع السُلطات الهندية وتيرة جهودها للسيطرة على الإمدادات المحلية، وأسعار المُنتجات الزراعية: مثل السُكر، والبصل، والقمح، استعداداً للانتخابات العامة المُقررة في العام المقبل، وهو الإجراء الأحدث ضمن سلسلة تدخلات أوقعت هزّات في الأسواق العالمية.

وفي الأيام الأخيرة، حظرت السُلطات تصدير البصل، وقيّدت استخدام السُكر في إنتاج الإيثانول، وقلَلَت حجم مخزونات القمح التي يُسمح للتجار والبائعين الاحتفاظ بها. وتُعتبر الهند واحدة من أكبر مُنتجي ومُصدري السلع الزراعية في العالم. ومع ذلك، تمتلك الدولة ذات الكثافة السكانية العالية سوقاً محلية حساسة للغاية، حيث يعتمد مئات الملايين من الناس على الطعام الرخيص المُدعم.

وتأتي هذه الخطوات لتضاف إلى القيود الحالية المفروضة على صادرات الأرز والقمح والسُكر، ما أدّى إلى رفع أسعار هذه المُنتجات على مستوى عالمي، وتعطيل إمداداتها لكبار المستوردين الذين يعتمدون على الأغذية المزروعة في الهند.

وعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار السُكر بالفعل إلى أعلى مستوياتها لسنوات عدة، نتيجةً جزئية لتوقعات انخفاض الإمدادات من الهند، بعد تعطُل الإنتاج بسبب سوء الأحوال الجوية. وفي بنغلاديش المجاورة، تضاعفت أسعار البصل بين ليلة وضحاها، بفعل الذُعر الناجم عن قرار السُلطات الهندية حظر التصدير، والذي دخل حيز التنفيذ منذ أيام، وسوف يستمر حتى مارس.

ووفقاً لمُراسلات اِطَّلَعَت عليها فاينانشال تايمز، فقد دفعت احتمالية نقص الإمدادات المؤسسة التُجارية التي تمتلكها الدولة إلى مُناشدة السُلطات الهندية، لتسريع تسليم آلاف الأطنان من البصل المُتعاقد عليها بموجب خطاب الاعتماد الحالي.

وقال المُحللون إن التدابير التي اتخذتها الهند كانت استجابة للقلق من ارتفاع تضخم الغذاء، في الوقت التي تستعد فيه حكومة رئيس الوزراء ناريندا مودي للانتخابات العامة في وقتٍ مُبكر من العام المُقبل.

وقال أشوك جولاتي، الخبير الاقتصادي الزراعي والمُستشار للسياسات الحكومية لفترة طويلة: «يكمُن القلق حيال كيفية ترويض التضخم في البلاد، والذي من المُرجح ألا يكون في نطاق مريح، وسوف تستمر هذه العملية حتى انتخابات 2024. والسياسة الداخلية دائماً ما تكون أقوى من الاقتصاد، أو حتى الأسعار الدولية».

وفي اجتماعه الأخير للسياسات النقدية، ترك بنك الاحتياطي الهندي سعر الفائدة الأساسي من دون تغيير عند 6.5 %، ويرجع هذا جزئياً إلى المخاطر الناجمة عن التضخم الغذائي.

وتفاقمت المخاوف بشأن نقص الإمدادات، بسبب الأحوال الجوية السيئة، حيث حذَر العُلماء من أن الأمطار الموسمية السنوية، التي يعتمد عليها الفلاحون في زراعتهم، أصبحت أكثر انقطاعاً، جراء التغيُرات المناخية.

وعلى سبيل المثال، تتوَقَع السُلطات انخفاض إنتاج السُكر في الهند، التي تُعدّ أكبر مُنتج ومُستهلِك في العالم، بنسبة تُقارب 10 في المئة هذا العام. وقد تراجعت مخزونات السُكر المحلية بالفعل إلى ما يكفي لاستهلاك شهرين فقط، وهو ما دون حدّ الحكومة للتأمين، والذي يبلغ ثلاثة أشهر.

وقال بوشان شارما مدير الأبحاث في شركة التحليلات كريسيل: «ما نشهده هو المزيد والمزيد من الظواهر الجوية التي تحدث، بدءاً من موجات الحر خلال شهر مارس، وصولاً للأمطار الغزيرة خلال شهر يوليو. وتؤدي هذه الظواهر الجوية إلى الكثير من التقلُبات في أسعار السلع الزراعية».

ويهدف قرار الهند الأخير بشأن السُكر، الذي يأتي على رأس حظر التصدير لأجل غير مُسمى، إلى منع استخدام عصير القصب أو شرابه لإنتاج الإيثانول، الذي يُستخدم على نطاق واسع في الوقود. وتقول تقديرات شركة كريسيل، إن ذلك سيُعزز إنتاج السُكر بحوالي 2.5 مليون طن، أي ما يُعادل 10 % من الإنتاج المُتوقع لهذا العام.

ويعتبر النُقاد أن هذه التدخُلات غير فعّالة لدولة سعت إلى بناء سوق تصدير خاص به، حيث تتعرض الهند الآن لخطر فقدان العُملاء الذين كسِبتهم بشق الأنفُس لصالح منافسيها. وقد أدّت القيود الحالية المفروضة على صادرات الأرز، التي فُرِضت في وقت سابق من هذا العام، إلى ارتفاع الأسعار عالمياً، وهددت بخلق أسوأ نقص دولي منذ سنوات.

وقال براكاش نايكنافاري المدير العام للاتحاد الوطني لمصانع السكر التعاونية، إن مستوردي السُكر في جنوب شرق آسيا وأفريقيا، الذين اعتادوا سابقاً الشراء من الهند، يتوقعون الآن الحصول على إمداداتهم من منافستها الرئيسة، البرازيل. وأضاف: «لقد أنشأنا السوق، وخلقنا صورة للعلامة التُجارية، ولكن مع الأسف نحن الآن غائبون. وستستفيد البرازيل استفادة كاملة».