Image

عبر الهدنة والتقارب مع السعودية وصولًا إلى حرب غزة .. تكتيكات إيرانية لإنقاذ ذراعها في اليمن وفقًا لحسابات دقيقة

أفاد مركز دراسات مصري، بأن جهود السلام في اليمن عادت إلى "نقطة الصفر" نتيجة الاستفزازات التي تمارسها مليشيات الحوثي الإيرانية ، تنفيذًا لتكتيكات ايرانية، ما يهدد بالعودة إلى العمليات القتالية الشبه متوقفة نتيجة هدنة 2022م المنتهية.

وذكر مركز الدراسات المصري "راع"، في تحليل جديد له حول عملية السلام في اليمن، بأن مليشيات الحوثي لا تزال تمارس استفزازاً عسكرياً وسياسياً، في خطوة معاكسة للمباحثات التي أجرتها مع الجانب السعودي، مما يهدد بعرقلة المساعي السلمية لإحلال السلام والعودة إلى نقطة الصفر مرة أخرى على الساحة اليمنية.
ووفقًا لتحليل المركز، فإنه بينما كانت الثقة بإمكانية تحقيق تقدم في عملية السلام في اليمن، وبإمكانية حدوث تقدم  حقيقي نحو إنهاء الحرب، جاءت ممارسات التصعيد الحوثية على المستويات العسكرية والسياسية لتحقق التوقعات بصعوبة الوصول إلى سلام حقيقي، وهي الممارسات التي اتفق الجميع على أنها تكتيك انقلابي يهدف للابتزاز وتحقيق مكاسب استراتيجية.

هروب نحو تبني هجمات وهمية

وفي هذا الإطار يرى مراقبون للشأن اليمني، إن مليشيات الحوثي عمدت مؤخرًا إلى استغلال الحرب الإسرائيلية على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، لتعزيز قوتها القتالية في الداخل اليمني، إلى جانب استغلالها للهروب من التزاماتها الدولية فيما يتعلق ببناء الثقة للوصول إلى ابرام هدنة طويلة تقود إلى تفاهمات سلام حقيقي وشامل في البلاد.
وأشاروا إلى ان المليشيات الحوثية تنصلت عن جميع جهود السلام، من خلال هروبها نحو تبني هجمات بالصواريخ والمسيرات تجاه اسرائيل والتي تتصدى لها القوات الامريكية في البحر الاحمر، حيث تعد الولايات المتحدة أحد أهم الاطراف الداعمة لجهود الأمم المتحدة والوساطات الاقليمية الرامية لتحقيق سلام في اليمن.
كما استغلت المليشيات الايرانية في صنعاء حرب غزة، للهروب من وضعها الداخلي المتدهور والممزوج بسخط شعبي واحتجاجات واضرابات قطاعات حكومية مختلفة، نحو اعلانها الدخول في الحرب ضد اسرائيل لمساندة المقاومة في غزة، وهو تبني "أجوف" أثبتت الأيام القليلة الماضية بأنه لا يشكل أي تأثير على مستوى المواجهات، وانما شكل طوق نجاة للحوثيين، وشماعة للجماعة من اجل مواصلة ابتزازها بحق ابناء المناطق الواقعة تحت سيطرتها.

الشعب اليمني.

استفزاز سابق 
وكانت الجماعة الحوثية قد مارست ابتزازات سابقة هددت مساعي السلام، وهدفت لتحقيق مكاسب استراتيجية، ومنها سحب أموال شركة الخطوط الجوية اليمنية من بنوك صنعاء، والتي اعتبرت خطوة استفزازية تهدف إلى التصعيد على المستويين السياسي والأمني، خصوصاً وأنها لم تكن العملية الاستفزازية الوحيدة، حيث أعقبها استهداف موقع داخل الأراضي السعودية بطائرة مسيّرة، أدى إلى مقتل عدد من الجنود البحرينيين تابعين للوحدة العسكرية المشاركة في تحالف دعم الشرعية.
كما شنّت الجماعة الحوثية الارهابية مطلع أكتوبر الماضي، هجوماً على حفل عسكري لقيادة محور علب باقم في محافظة صعدة شمالاً بطائرات مسيَّرة مفخخة وعبر المدفعية وصواريخ الكاتيوشا، مما أسفر عن مقتل عسكري وجرح آخرين، والتوسع في حملة الاعتقالات ضد المشاركين في الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، وتهديد قادة سياسيين بالقتل.

تكتيك إيراني
ويرى باحثون استراتيجيون، بأن استفزازات الحوثيين وهروبهم نحو تبني هجمات ضد إسرائيل، يأتي تنفيذًا لتوجيهات إيرانية بهدف تلميع وتقوية شوكة ذراعها في اليمن "الحوثيين"، بعد تطويقها اقليميًا ودوليًا على خلفية اتفاقها الموقع مع السعودية برعاية صينية.
واوضحوا، بأن ايران ارادت من خلال جعل الحوثيين يتبنون الهجمات ضد اسرائيل، وقبلها تنفيذ العديد من الاستفزازات، منع التأثير الاقليمي والدولي لتقاربها مع السعودية على أجندتها التي تنفذها جماعة الحوثي في اليمن، حيث أدت تلك الاستفزازات والهروب نحو تبني هجمات نحو اسرائيل إلى منع الحوثيين من ابرام أي اتفاق هدنة او التعهد بتنفيذ أي التزامات بشأن السلام في اليمن، فضلا بأن تلك العمليات اعادت للحوثيين زخمها الشعبي في اوساط اليمنيين خاصة فيما يتعلق بدعم المقاومة في غزة.
كما حقق التكتيك الايراني للحوثيين مكاسب اخرى محليا ودوليا، منها اعادة الثقة لدى اليمنيين خاصة فيما يتعلق بعملية التحشيد، بعد ان كانت الجماعة بدأت تفقدها على خلفية اطالة امد الحرب في اليمن دون تحقيق أي نتائج تذكر.
ومن المكاسب الأخرى وفقًا للباحثين، قيام الحوثيين بعمليات ابتزاز مالية واسعة بحق اليمنيين، مع استمرار تنصلها عن التزامها دفع مرتبات الموظفين التي تنهبها منذ تسع سنوات، ما اعاد لديها القدرة المالية لدعم جبهاتها بالمقاتلين والمال.
واقليميا استعادت جماعة الحوثي بعد تبنيها ولو بشكل كاذب للهجمات ضد اسرائيل، معنويات عناصرها القتالية الذي يرون انفسهم اليوم قوة عسكرية وقتالية ضاربة في المنطقة، الامر الذي تريده ايران للتأثير على السعودية ودول الخليج من خلال ذلك الشعور والترويج ان للحوثيين قدرات صاروخية وقتالية بالمسيرات وغيرها من الاسلحة ما يمكنهم على تهديد أي مصالح لتلك الدول في عقر دارها.

استغلال الهدنة وحرب غزة 
من جانبها لم تقصر مليشيات الحوثي في استغلال تلك الفرص التي منحت لها من قبل المجتمع الدولي سابقا من خلال ابرام هدنة ابريل 2022، التي مكنت الجماعة اعادة ترتيب صفوفها، واعادة تنظيم ونشر اسلحتها الحديثة التي تلقتها عبر عمليات التهريب من ايران، فضلا عن تنفيذ العديد من العمليات التي انهكت قوى الطرف الاخر مثل زعزعت الاقتصاد الرسمي، والتنسيق مع التنظيمات والجماعة الارهابية.
كما شكَّلت الهدنة وحاليا حرب غزة، فرصة كبيرة أمام تلك الجماعة لتنفيذ مراوغات جديدة بشأن السلام، مع استمرار مر وعززت موقفهم التفاوضي مستقبلا، فضلاً عن التحرك لبناء واقع ميداني يخدم أجندت ايران، إلى جانب هدم الثقة مع الأطراف الأخرى.
ويرى مراقبون للشأن اليمني، بأن نهج الحوثي الاخير ومن خلفه تكتيك ورؤية ايرانية، يهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف السياسية والميدانية التي تعزز نفوذ الجماعة، ويمنحها قوة لاستمرار فرص سطوتها على الارض، واستمرار المراوغة عبر إظهار الدعم لمبادرات التسوية، ويعطي لايران الحق بإظهار عدم قدرتها التأثير على الجماعة التي باتت تشكل قوة ردع دولية بشهادة اسرائيل والولايات المتحدة اللتان تتبنيان سياسة اعلامية داعمة لادعاءات الحوثيين بشأن شن هجمات داعمة للمقاومة في غزة.
وفي ظل تلك التحليلات، يشير الواقع في الداخل اليمني، إلى ان جميع المؤشرات تنبأ بأن الامور تتجه نحو استئناف المعارك العسكرية وبشكل كبير في مختلف الجبهات خاصة في مأرب والساحل الغربي، والتي ستكون هذه المرة وفقًا لحسابات دقيقة لجميع الأطراف.